الحرية – نهلة أبو تك:
تتصاعد المنافسة بين صفحات الأخبار على موقع فيسبوك في سباق محموم لنشر العاجل أولاً، مع السعي لجذب أكبر عدد ممكن من الإعجابات والتعليقات والمشاركات. ومع هذا الزخم الرقمي الكبير، يبرز تساؤل جوهري حول طبيعة المكاسب التي تحققها هذه الصفحات، وهل تعكس هذه الشعبية اللحظية قيمة حقيقية أم مجرد ضجيج مؤقت يخبو سريعاً؟
يشير خبراء الإعلام الرقمي إلى أن التفاعل العالي على المنشورات لا يعني بالضرورة تحقيق ربح مالي مباشر، فالربح عبر فيسبوك يعتمد على أدوات محددة مثل الإعلانات المدفوعة والمحتوى الممول، إضافة إلى برامج الربح من الفيديوهات مثل Ad Breaks وReels، التي تقوم على عرض إعلانات قصيرة وتقاسم الأرباح مع الناشر.
وتوضح المهندسة ابتسام علي، خبيرة البرمجة والتسويق الرقمي، أن “التفاعل الكبير يعزز وصول المنشورات إلى جمهور أوسع، لكنه لا يحقق ربحاً حقيقياً إلا إذا تم استثماره بطريقة مهنية من خلال المحتوى التجاري أو الإعلاني.
وفي المقابل، ظهرت صفحات ومواقع حديثة تعتمد على نشر أخبار عاجلة مثيرة أو مضللة أحياناً لجذب النقرات بسرعة، وهو ما يمنحها أرباحاً مؤقتة من الإعلانات، لكن هذه الاستراتيجية غالباً ما تفقد قيمتها عندما يدرك الجمهور ضعف مصداقية المحتوى وغياب المهنية في التغطية.
ويشير الإعلامي شادي العك إلى أن المردود الحقيقي من فيسبوك لا يقاس بعدد الإعجابات، بل بقدرة الصفحة على بناء جمهور وفيّ يثق بها ويتابعها باستمرار، فالربح الحقيقي يأتي من استثمار هذه الثقة عبر الإعلانات أو التعاون مع العلامات التجارية، أما الصفحات التي تركز على الإثارة المؤقتة فتكسب مالاً سريعاً لكنها تخسر سمعتها على المدى الطويل.
يبقى تحقيق مكاسب مستدامة على فيسبوك مرهوناً بجودة المحتوى واستمراريته، وليس بمجرد نشر أخبار عاجلة أو مواد مثيرة لجذب الاهتمام اللحظي. فالمكسب المهني الحقيقي يكمن في بناء جمهور واعٍ، يشارك ويتفاعل ويثق بالمحتوى المقدم، فيما تظل الأرقام الفارغة مجرد ضجيج رقمي سرعان ما يتلاشى، ولا يُترجم إلى قيمة فعلية أو مهنية للصفحة. وفي ظل هذا الواقع، يبدو أن التحدي الأكبر أمام الصفحات الإخبارية ليس سرعة نشر الخبر فحسب، بل كيفية تحقيق التوازن بين الجاذبية الرقمية والمصداقية، بين الإثارة والعائد المستدام، بما يحافظ على سمعة المؤسسة الإعلامية ويكسبها ثقة جمهورها على المدى الطويل.