الغش يحاصرنا!

مدة القراءة 3 دقيقة/دقائق

الحرية- عمران محفوض:

سُئل الملياردير ستيف جوبز في آخر أيامه وهو على فراش الموت، ما نصيحتك للأصحاء فأجاب: “تناولوا طعامكم كدواء وإلا، فسيكون عليكم تناول الدواء كغذاء”.
بالطبع؛ قصده الغذاء المتنوع والصحي الذي يُبعد عنّا الأمراض وتبعاتها، كالأدوية، وإجراء العمليات الجراحية، والأهم يمدّنا بمقدرات الصحة والنشاط الدائمين، ولكنّ ماذا لو كان الغذاء الذي بين أيدينا وعلى موائدنا غير صحي، وغالباً هو سبب معظم الأمراض والآلام التي نعانيها؟.
إنّها الحقيقة المرّة التي لا يريد أن يسمعها أغلبية التجار والصناعيين والمستوردين ومعهم المعنيون بالرقابة على المنتجات الغذائية، وهي أن الغش أصبح يحاصرنا جميعاً، فلم يعد مقتصراً على زيت الزيتون ومنتجات الحليب من ألبان وأجبان وسمون، واللحوم والحلويات، بل تجاوز الأمر إلى الخضروات والفواكه، والمعلبات وأغذية الأطفال، وهنا تكمن خطورة المشكلة؛ كونها تؤثر على نمو أبنائنا الجسدي والإدراكي وتُؤخّر قدراتهم العقلية على التّعلم وكسب المعارف داخل الصفوف المدرسية، وخارجها.
مشكلة لم تعد محصورة بمادة غذائية أو سلعة استهلاكية تفتقر لأدنى شروط السلامة والأمان؛ بل انتشرت واتسعت دائرة آثارها السلبية لتشمل أصنافاً متعددة وربما أسواقاً بأكملها ما يستحق المتابعة الفورية من الجهات المعنية، وصولاً إلى المعالجة التامة لجميع حالات الغش في سوريا.
إن كثرة مظاهر الغش، وإهمال سبل مكافحتها استدعت من المستهلك مراراً وتكراراً طرح السؤال المباشر التالي: من يراقب غذاءنا؟.
واقع الحال في أسواقنا يجيب عن هذا السؤال الصعب، وأيضاً المستشفيات والمراكز الصحية تفيدنا بمؤشرات وإحصائيات عن عدد الحالات المرضية التي تراجعها شهرياً، وربما يومياً بعد تناول وجبة غذائية جاهزة أو معلبة أو شراء أغذية موجودة في أسواقنا بعضها لا يصلح للاستهلاك البشري، فأسباب الغش مختلفة منها سوء الصناعة لعدم التقيد بالشروط الصحية والفنية، أو تعبئة الأغذية في عبوات وحفظها بمواد مخالفة تتراكم في أجسامنا مسببة أمراضاً مزمنة غالباً ما تنتهي بمستهلكها إلى الوفاة المبكرة.
لا نأتي بجديد إذا ما قلنا: إن الحديث عن حالات الغش في غذائنا غالباً ما تبقى في إطار العموميات؛ نظراً لغياب البيانات الرسمية الدقيقة عن مدى انتشارها في أسواقنا؛ وداخل محلات ومولات التسوق، والأهم عدم توافر الإمكانيات الكافية في مخابرنا لكشف جميع المخالفات وتحديد أنواعها ومصادرها، كي تستطيع الجهات المعنية تنفيذ الإجراءات الرقابية المناسبة للحد منها وصولاً إلى التخلص من التبعات السلبية للغش على الصحة العامة والشخصية للمستهلكين جميعاً.
ختاماً؛ نترحم على روح السيد جوبز، ونؤكد أن تناول الغذاء الصحي ليس بمقدور المستهلك السوري الذي يبحث دائماً عن المادة الأرخص، وسط غياب شبه تام لمسؤوليات الجهات الرقابية عن متابعة جميع مراحل إنتاجه اعتباراً من الحقل والمصنع، وحتى مراكز التخزين والتوزيع، وانتهاءً بوسائل النقل ومحلات البيع، ومن دون تناغم هذه السلسلة، وتكامل مسؤوليات القائمين عليها، سيظل الغش هاجسنا، والمرض مرافقنا، والدواء خيارنا، ورحمة الله سبيلنا الوحيد للبقاء على قيد الحياة.

الوسوم:
Leave a Comment
آخر الأخبار
ورشة عمل للإعلاميين بالتعاون ما بين وزارتي الصحة والإعلام حول لقاح الحصبة تمهيداً لحملة التلقيح الرو... رئيس اتحاد غرف التجارة السورية يبحث مع وفد اقتصادي أمريكي تطوير العلاقات التجارية والاستثمارية 20 مليار ليرة لسداد مستحقات القمح.. المصرف الزراعي بحلب يبدأ تسليم دفعات للفلاحين تحصين الصناعيين ضريبياً على رأس أولويات (المالية) صناعة الإسمنت في سوريا: تحديات البيئة والاستيراد تقابلها فرص استثمارية واعدة المخرج مهند كلثوم: التواجد بالمهرجانات السينمائية الدولية مساحة لتوسيع الرؤية وتبادل الخبرات «هيومن رايتس ووتش»: «إسرائيل» تقتل يومياً ما يعادل صفاً دراسياً كاملاً من أطفال غزة ترخيص المصارف الاستثمارية.. يعزز موقع سوريا كمركز مالي واستثماري فاعل بالمنطقة إعادة تأهيل مراكز الاتصالات.. وخطة تطوير وتحسين الإنترنت في اللاذقية منصات رقمية "تحتال" على المواطنين وتكبدهم خسائر كبيرة..وخبير اقتصادي يوضح كيفية تجنبها واختيار الموث...