المخرج مهند كلثوم: التواجد بالمهرجانات السينمائية الدولية مساحة لتوسيع الرؤية وتبادل الخبرات

مدة القراءة 5 دقيقة/دقائق

الحرية- حسيبة صالح:
يواصل المخرج السوري مهند كلثوم حضوره اللافت في المشهد السينمائي العربي والدولي، وهذه المرة من بوابة مهرجان كازان الدولي السينمائي، حيث شارك في مناقشة الأفلام القصيرة ضمن المسابقة الدولية، إلى جانب حضوره في منتدى مدراء المهرجانات السينمائية الدولية وشركات ومشاريع السينما، وعضويته في لجنة تحكيم برنامج دعم مشاريع الأفلام الوطنية والدولية.


يصف كلثوم لـ”الحرية” تجربته في مهرجان كازان بأنها “ثرية على أكثر من مستوى”، مشيراً إلى أنه لم يقتصر على مناقشة الأفلام القصيرة، بل شارك في فعاليات مهمة تعكس اهتمامه العميق بمستقبل صناعة السينما.
ويضيف: “تشرفت بأن أكون عضو لجنة تحكيم في برنامج دعم مشاريع الأفلام، حيث قمنا باختيار ثلاثة مشاريع سيتم إنتاجها لاحقاً بدعم من المهرجان. أما مناقشة الأفلام القصيرة فكانت فرصة رائعة للاقتراب من جيل جديد من المخرجين، ومشاركة وجهات نظر بنّاءة في حضورهم”.
وعن طبيعة الأفلام المشاركة هذا العام، يلفت كلثوم إلى أن أغلبها حمل نزعة نحو الواقعية الشعرية، حيث لم يكتف صناعها بسرد القصص، بل سعوا إلى الإمساك باللحظات الصغيرة التي تُعيد تعريف معنى الإنسانية. ويضيف: “هناك اهتمام متزايد بقضايا الهوية والانتماء، وهذا انعكس بشكل كبير في النقاشات التي شاركت بها”.
ويؤكد كلثوم أن مشاركة السينما العربية في مهرجانات دولية مثل كازان تعني أننا جزء من الحوار العالمي، موضحاً: “كنت حاضراً بصفتي مخرجاً سينمائياً ومؤسس ومدير مهرجان أيام دمشق السينمائية لأفلام الطفولة واليافعين، وأيضاً كمدير لمشروع “يلا سينما”. هذا الحضور ليس مجرد تمثيل، بل هو تعزيز لفكرة أن السينما العربية تمتلك صوتاً وذاكرة وقيمة إنسانية يجب أن تصل إلى الآخر، المهرجانات الدولية تجعلنا نخرج من المحلي إلى العالمي .
وفيما يتعلق بمكانة الفيلم القصير، يرى كلثوم أنه بات يأخذ مكانته الحقيقية في المشهد السينمائي، ويقول: “الفيلم القصير لم يعد مجرد تمرين نحو الفيلم الطويل، بل أصبح مختبراً جمالياً وفنياً. فيه مساحة للتجريب والتكثيف تجعل تأثيره لا يقل عن الطويل، بل ربما يتجاوزه في بعض الأحيان”.
لكن هذا النوع من الأفلام يواجه تحديات كبيرة في العالم العربي، بحسب كلثوم، الذي يوضح: “أهم التحديات هي غياب التمويل والدعم المؤسسي، إضافة إلى محدودية المهرجانات التي تعرض هذه الأفلام للجمهور. لكن التحدي الأعمق هو النظرة الدونية أحياناً للفيلم القصير باعتباره “أقل قيمة” من الطويل، بينما هو في الحقيقة مساحة إبداعية أساسية”.
ويؤمن كلثوم بأن السينما يمكن أن تكون وسيلة للتقارب الثقافي بين الشعوب، خاصة في مهرجانات دولية متعددة الجنسيات، ويقول: “السينما لغة عابرة للغات والحدود. في كازان، المدينة التي تجمع ثقافات روسية وتترية وإسلامية، شاهدنا كيف يمكن للفيلم أن يكون جسراً بين عوالم متباعدة. المهرجانات الدولية هي بمثابة مختبر حضاري يتيح لنا أن نعيد اكتشاف إنسانيتنا المشتركة”.
وعن الأعمال العربية والسورية التي لفتت انتباهه خلال المهرجان، يشير إلى أنه شاهد محاولات فيها صدق وتجريب رغم ضعف الإمكانات، ويضيف: “ما يلفت النظر هو إصرار الشباب على التعبير عن قضاياهم وهموم مجتمعاتهم. هذا الصدق كان أهم من أي تقنيات بصرية متقدمة”.
ويختتم كلثوم حديثه برسالة حرص على إيصالها خلال مشاركته في النقاشات: “السينما ليست رفاهية بل ضرورة ثقافية. هي وسيلة للحوار، للوعي، وللتأثير خلال النقاشات حرصت على تأكيد أن الفيلم القصير قادر على أن يكون صوتاً إنسانياً قوياً، وأننا بحاجة لمزيد من الدعم كي يتحول من “فن على الهامش” إلى “فن في المركز”.
أما عن مستقبل السينما السورية، فيراه كلثوم مشبعاً بالأمل رغم الظروف الصعبة، ويقول: “السينما السورية وُلدت من رحم الأزمات، وهذا ما جعلها أكثر صدقاً. المستقبل لن يكون سهلاً، لكن المواهب الجديدة التي تخرج من قلب الظروف الصعبة، قادرة على صياغة هوية سورية سينمائية مميزة، أكثر جرأة وعمقاً مما نتوقع”.
ويكشف عن مشاريعه القادمة، قائلاً: “أعمل حالياً على مشروع فيلم قصير جديد يتناول البعد الإنساني المشترك، إضافة إلى تطوير ورشات تدريبية من خلال مشروع ‘يلا سينما’. وبالطبع هناك نية للاستمرار في التواجد بالمهرجانات الدولية، لأنها ليست غاية بحد ذاتها، بل مساحة لتوسيع الرؤية وتبادل الخبرات. بعد كازان، شاركت مباشرة في مهرجان بغداد السينمائي بدورته الثانية كضيف شرف، وهذا الامتداد من روسيا إلى العراق يعكس أهمية أن نكون دائماً في قلب الحراك السينمائي العربي والدولي.

Leave a Comment
آخر الأخبار