كلفة تربية القطة 650 ألفاً شهرياً.. ازدياد ظاهرة التخلي عن القطط المنزلية بسبب ارتفاع أسعار “الدراي فود”

مدة القراءة 5 دقيقة/دقائق

الحرية – بشرى سمير:

تربية الحيوانات الأليفة ظاهرة موجودة بكثرة في المجتمع السوري، فيكاد لا يخل منزل من وجود قطة أو كلب لكن في ظلّ الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها سوريا ظهرت مشكلة تأمين الطعام لهذه المخلوقات الضعيفة نتيجة ارتفاع أسعار أكل القطط كواحدة من التجليات اليومية لمعاناة المواطنين، حيث لم يسلم حتى الاحتفاظ بحيوان أليف من تداعيات الأزمة المعيشية الطاحنة. فأصبحت القطط المنزلية، التي كانت حتى وقت قريب مصدراً للبهجة والترفيه، عبئاً اقتصادياً ثقيلاً على أصحابها في مشهد يعكس تفاقم المعاناة الإنسانية في البلاد.

ملاحقات قانونية

وعن أسباب ارتفاع الأسعار بيّن محمد غيه تاجر علف حيوانات وأطعمة الحيوانات الأليفة أن سوريا تُستورد أغلب أنواع طعام القطط من الخارج، ما يجعلها رهينة لتقلبات سعر صرف الدولار والظروف الجمركية المعقدة. وقد أدّى توقف إنتاج بعض الشركات الأجنبية لأنواع معينة أو تغيير تركيبتها، بالإضافة إلى تأخر الشحنات من الدول المصدرة إلى شحّ في المعروض وارتفاع حاد في الأسعار.
ولفت إلى أن تجار هذا القطاع يواجهون ملاحقات قانونية من الجمارك والتموين لأن هذه المنتجات تُعتبر مهربة في غياب التصنيع المحلي لها، ما يزيد من تعقيد عملية توريدها ويرفع كلفتها.
وأضاف إن تكاليف المواد الخام مثل الدجاج والحبوب والبروتينات الأخرى تشكل عنصراً أساسياً في تكلفة الإنتاج.
وقد شهدت الأسواق العالمية ارتفاعاً ملحوظاً في أسعار هذه المواد، ما انعكس مباشرة على سعر المنتج النهائي حتى قبل وصوله إلى السوق السورية، حيث يتحمل المستهلك النهائي هذه الزيادات مضافاً إليها تكاليف الاستيراد والتعرفة الجمركية.
وبحسب غيه فإن ارتفاع أسعار أكل القطط أدى إلى اتساع رقعة التخلي عن القطط نتيجة ارتفاع تكاليف الترّبية إلى اتجاه كثير من الأسر إلى التخلي عن حيواناتهم الأليفة. فلم يعد من النادر رؤية قطط منزلية في الشوارع، بعد أن كانت تعيش في منازل تُؤمن لها كل سبل الرعاية. وتُظهر القصص التي يرويها المربون مدى صعوبة هذه القرارات على أصحابها،
حيث تروي إحدى المربيات وهي هبة (25 عاماً) أنها تستهلك أكثر من 550 ألف ليرة سورية شهرياً لقطتيها للطعام والرمل والاستطباب، ما دفعها للتفكير الجدي بالتخلي عن إحداهما.

لجوء المربين لبدائل خطرة

في محاولة يائسة لتخفيف النفقات، اتجه كثير من المربين إلى تعويد قططهم على طعام المنزل بدلاً من الطعام الخاص (الدراي فود). لكن هذه المحاولات لا تنجح دائماً، وخاصة مع القطط الأجنبية، وقد أدّت إلى زيادة حالات التسمم الغذائي وفقاً للطبيب حسين زيدان . كما أن المعالجات والتحاليل باتت مكلفة جداً لارتفاع أسعار الأدوية والمعدات الطبية البيطرية، مما يفاقم من المعاناة.
مشيرا الى ارتفاع أسعار طعام القطط (الدراي فود)، حيث يتراوح سعر الكيلو من النوع المستورد (كاتشي) حول 35 ألف ليرة سورية، بينما يصل سعر كيلو نوع (رويال) إلى حوالي 75 ألف ليرة. ولا يكفي الكيلو الواحد القط سوى عشرة أيام إلى أسبوعين بحسب حجمه وعمره وعدد وجباته.

أسعار المستلزمات الأخرى

لم تقتصر الأزمة على الطعام فحسب، بل شملت المستلزمات الأخرى مثل الرمل الخاص بالقطط، حيث وصل سعر الرمل الوطني الجيد (5 كيلو) إلى 30 ألف ليرة، بينما أصبح سعر الرمل الأجنبي الجيد خارج متناول معظم المربين. كما ارتفعت أسعار الأدوية واللقاحات البيطرية بشكل كبير، حيث تصل كلفة معاينة الطبيب البيطري إلى 10 آلاف ليرة دون مصاريف الأدوية والنقل.

حلول مؤسساتية

طالب زيدان بالسماح باستيراد طعام القطط والكلاب واللقاحات والأدوية النوعية لتلبية رغبات المربين. كما يمكن لمزودي هذه المنتجات تقديم أسعار خاصة للمنظمات ورعاية الحيوانات لتخفيف العبء عن المربين الأفراد. وأشار إلى أن أزمة ارتفاع أسعار أكل القطط في سوريا ليست مجرد أزمة اقتصادية وإنما هي انعكاس لعمق المعاناة التي يعيشها السوريون في حياتهم اليومية. فحين يُضطر الإنسان للتخلي عن حيوان أليف كان جزءاً من العائلة بسبب عدم القدرة على تأمين طعامه، تكون المعاناة قد وصلت إلى مستوى متقدم يستدعي الوقوف عنده والبحث عن حلول جذرية، ليس للحيوانات فحسب، بل للأسر السورية التي تعاني من تدهور القدرة الشرائية وانهيار الظروف المعيشية. وتظل الحلول المنشودة مرتبطة بتحسن الوضع الاقتصادي العام واعتماد سياسات استيرادية أكثر مرونة تجاه مستلزمات الحيوانات الأليفة، التي لم تعد ترفاً في كثير من المنازل، بل أصبحت جزءاً من العائلة السورية.

Leave a Comment
آخر الأخبار