ملف «الحرية».. تحقق تنمية مستدامة.. المصارف الاستثمارية محطة مفصلية لبناء اقتصاد سوري قائم على الاستثمار والشفافية والمساءلة

مدة القراءة 6 دقيقة/دقائق

الحرية – مركزان الخليل:

نحن أمام مرحلة جديدة مفصلية في تركيبة الاقتصاد الوطني، تحمل الكثير من أولويات العمل، وترتب لها وفق متطلبات هذه المرحلة، التي تسعى فيها الحكومة إلى زج قدراتها ومواردها المتوافرة لديها لإحداث تغيير، يترك أثاراً إيجابية على أرض الواقع، وخاصة أن الجميع ينتظر من الحكومة تنفيذ إجراءاتها وقراراتها بصورة تعزز قوة الإنتاج الوطني، وتزيد قدرة المواطن الشرائية، لأنها الصورة الأقرب التي تعبر عن مدى نجاح الحكومة في تنفيذ خطواتها وإصلاحاتها الإنتاجية والخدمية.

ضمن السياق

وبالتالي إجراء مصرف سورية المركزي الجديد، والمتضمن إعداد مشروع التعليمات التنفيذية لقانون المصارف الاستثمارية رقم (56) لعام 2010، ووضعها موضع التنفيذ يأتي ضمن السياق المطلوب، لإحداث حالة تغيير في البنية الاقتصادية السورية، والتي عبر عنها “حاكم المركزي عبد القادر الحصرية في منشور عبر صفحته الشخصية على فيسبوك” بأن إصدار هذه التعليمات تشكل خطوة نوعية على طريق تطوير المنظومة المالية والمصرفية في سوريا، وتلبية الحاجات التمويلية لإعادة الإعمار”.

تعزيز بيئة الاستثمار

موضحاُ أن قانون المصارف الاستثمارية “يشكّل محطةً مفصليةً في تنظيم وترخيص المصارف الاستثمارية، وتعزيز بيئة الاستثمار الوطني، بما يتماشى مع التحولات الإقليمية والدولية في مجال الخدمات المالية”.
ويرى حاكم المصرف المركزي أن ترخيص مصارف استثمارية في سوريا، بعد الصدور المرتقب للتعليمات التنفيذية للقانون رقم (56)، سيشكّل خطوة استراتيجية نحو بناء اقتصاد سوري حديث قائم على الاستثمار، والشفافية، والمساءلة، ويمهّد لإطلاق مرحلة جديدة من النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة، بما يعزز موقع سوريا كمركز مالي واستثماري فاعل ومؤثر في المنطقة.

“عياش” المصارف الاستثمارية هي الأقدر على القيام بمهمة “المثال المحتذى” لاستعادة الثقة وجذب الاستثمارات المحلية والخارجية

وهنا جاء رأي الخبير الاقتصادي الدكتور “فادي عياش” ضمن هذا السياق من حيث الأهمية والضرورة الحتمية في هذه الظروف الحالية التي يمر بها اقتصادنا الوطني، وانتقاله إلى الاقتصاد الحر، حيث أكد لـ”الحرية” أن أهم إنجازات المصرف المركزي بعد التحرير، هو قانون إحداث المصارف الاستثمارية، والتي كنا قد طالبنا بها مراراً، وأكدنا على أهميتها وضرورتها، ودورها الهام في تشجيع الاستثمار، واستعادة الثقة المصرفية وتحسين بيئة الاستثمار، فهي الأقدر على القيام بمهمة “المثال المحتذى” لاستعادة الثقة وجذب الاستثمارات المحلية والخارجية، وإعادة الاندماج في المنظومة العالمية، وتطبيق أفضل الممارسات المالية وفق أعلى المعايير الدولية.

خدمات واسعة

ويرى عياش أن البنوك الاستثمارية تلعب دورًا محوريًا في تسهيل العمليات المالية المعقدة، وذلك من خلال تقديم مجموعة واسعة من الخدمات التي تتجاوز مجرَّد التعاملات المصرفية التقليدية، لتشمل تقديم الاستشارات المالية، وإدارة الاكتتابات العامة، وتسهيل عمليات الاندماج والاستحواذ.
وبالتالي يمكن توضيح مفهوم البنوك الاستثمارية بشكل مبسط، بأنها مؤسسات مالية متخصصة تقدم خدمات متعلقة بالأسهم والسندات، إضافة إلى دعم الشركات في عمليات الاندماج والاستحواذ، وإدارة الصناديق الاستثمارية، وتوفير الحلول المالية المختلفة، كما تلعب دورًا رئيسيًا في مساعدة الشركات للوصول إلى أسواق رأس المال، مثل أسواق الأسهم والسندات، لجمع التمويل اللازم لتوسيع أعمالها.
كما يمكنها الاستثمار المباشر في الأصول المختلفة، والمشاريع المتنوعة ولاسيما المشاريع التنموية الكبيرة، وفي القطاعات الاقتصادية الرئيسة، وهذا مالا يمكن للمصارف التقليدية القيام به ولا يدخل ضمن صلاحياتها ومهامها.

إصدار السندات

وأوضح عياش أن هذه البنوك تعتمد في تحقيق عوائدها على التعامل في الأوراق المالية وطرحها في الأسواق، سواء من خلال إدراج الأسهم أو إصدار السندات، كما أنّها تُقَدِّم خدمات متخصصة مثل استملاك الشركات بطرق ودية أو غير ودية، وتمويل الشركات من خلال القروض أو أدوات مالية أخرى.
من جانب آخر وهو في غاية الأهمية وفق عياش، فإن أداء البنوك الاستثمارية يرتبط بشكل أساسي بسوق الأوراق المالية، ولذلك نؤكد على أهمية وضرورة تطوير وتحديث سوق دمشق للأوراق المالية، بما يتناسب مع حجم الاستثمارات الضخمة المطلوبة لمرحلة إعادة الإعمار، حيث تعتبر سوق الأوراق المالية المتطورة عامل ضمان حاسماً للاستثمارات الخارجية، بينما تتأثر البنوك التقليدية بالنمو الاقتصادي والطلب الائتماني اللذين يؤثران على أسعار الفائدة التي يتقاضاها البنك على القروض.

لا تقبل الودائع

من هنا يمكن القول إن المصارف التقليدية بمختلف أشكالها، تساعد على تحقيق النمو الاقتصادي، وهو دور هام لا شك، ولكن المصارف الاستثمارية تساعد في تحقيق التنمية الاقتصادية وهي الغاية الأهم، فالبنوك الاستثمارية لا تقبل الودائع، بل تُرَكِّز على تقديم حلول مالية متقدّمة للشركات، والمستثمرين ذوي الملاءة المالية العالية، الأمر الذي يجعلها حلقة وصل بين الشركات الباحثة عن التمويل والمستثمرين الراغبين في تحقيق عوائد، وهذا دور هام ومحوري في مرحلة التعافي للاقتصاد السوري، ومرحلة إعادة البناء والإعمار، بل يمكن اعتباره شرطاً لازماً لنجاح هذه المراحل، ونلاحظ أن أغلب البنوك العالمية الكبرى هي بنوك استثمارية أو على الأقل تشمل هذه المهمة.

أمثلة عالمية

ومن أبرزها عالميًا نجد بنوك: “جي بي مورغان، بنك أوف أمريكا، مورغان ستانلي، غولدمان ساكس، سيتي بنك، بنك HSBC، بنك باركليز، وويلز فارغو بالإضافة إلى بنك الاستثمار الأوروبي التابع للاتحاد الأوروبي والذي كان له مساهمات هامة في دعم التنمية في سورية”.
لذلك ونتيجة لتباين الأدوار والمهام والأهداف، بالإضافة إلى اختلاف طبيعتها وأهميتها في الظروف الراهنة، وكذلك لدورها في تسريع الاندماج في النظام المالي العالمي، كان لا بد من تشريع خاص لإحداث البنوك الاستثمارية في سوريا.

اقرأ أيضاً:

ملف «الحرية».. سياسة حديثة لتعزيز المنظومة المالية وجذب الاستثمارات .. لدعم التمويل الأخضر والرقمي

 

Leave a Comment
آخر الأخبار