الحرية- لوريس عمران
يواجه عدد كبير من الطلاب أشكالاً متعددة من الإيذاء اللفظي والجسدي والاجتماعي داخل البيئة المدرسية حيث إن التنمّر في المدارس إحدى الظواهر السلوكية السلبية التي تتفاقم بشكل ملحوظ في الأوساط التعليمية، ويظهر التنمّر كسلوك متعمّد ومتكرر يهدف إلى السيطرة أو التقليل من شأن الآخر، ما يجعله مصدر تهديد مباشر للصحة النفسية والنمو السليم للطلبة.
أشكال متنوعة وأضرار متعددة
تتنوع مظاهر التنمّر بين الإيذاء الجسدي المباشر، كالضرب والدفع، وبين الإيذاء النفسي والمعنوي من خلال الإهانة والتهديد بالإضافة إلى السخرية والنبذ الاجتماعي أو حتى عبر الوسائط الرقمية فيما يعرف بالتنمّر الإلكتروني، وفي جميع حالاته يترك التنمّر آثاراً نفسية عميقة قد لا تكون مرئية فوراً، لكنها تؤثر بشكل كبير على شخصية الطالب وسلوكه وقدرته على التعلم والتفاعل.
أخصائي تربوي: ظاهرة متفاقمة في البيئة التعليمية
الآثار النفسية والسلوكية على الطالب
من جانبه أشار الأخصائي النفسي الدكتور أمجد ديوب من محافظة اللاذقية إلى أن الذين يتعرضون للتنمّر يعانون غالباً من مشكلات في تقدير الذات، كما تتزايد لديهم مشاعر القلق والاكتئاب والعزلة الاجتماعية.
وبين ديوب لصحيفتنا “الحرية” أن الأمر ينعكس سلباً على أدائهم الدراسي ويؤدي للتراجع في تحصيلهم العلمي ورفضهم الذهاب إلى المدرسة، لافتاً إلى أنه في بعض الحالات، قد يتطور الأمر إلى سلوك عدواني مضاد، أو انطواء شديد يتطلب تدخلاً علاجياً .
ترى الدكتورة ليلى حمود أخصائية في الصحة النفسية التربوية، أن التنمّر لا يمكن فصله عن السياق البيئي والتربوي، مشيرة إلى أن البيئة المدرسية الآمنة والداعمة تلعب دوراً محورياً في الوقاية من هذا السلوك.
وتضيف: التدخل المبكر وإشراك الأسرة في المعالجة من شأنه أن يحدّ من الآثار طويلة الأمد على الطالب .
في السياق نفسه أكد سامر خالد مرشد نفسي في إحدى مدارس اللاذقية أن حالات التنمّر لا تتعلق فقط بالضحايا، بل تشمل أيضاً المتنمّرين أنفسهم الذين غالباً ما يعانون من اضطرابات سلوكية أو خلفيات أسرية مضطربة.
ويرى أن دور المدرسة يجب ألا يقتصر على العقاب، بل يتعداه إلى التوجيه السلوكي والتقويم النفسي لكافة أطراف المشكلة.
خطوات ضرورية للوقاية والتدخل
في ظل هذه المعطيات، تتزايد الدعوات إلى تعزيز البرامج الوقائية داخل المدارس، وتكثيف جهود التوعية بين الطلاب والمعلمين، إلى جانب تبني سياسات واضحة للتعامل مع حالات التنمّر، تشمل إجراءات فورية للحماية والدعم النفسي.
فبناء بيئة تعليمية آمنة لا يقتصر على تحسين المناهج والبنية التحتية، بل يشمل أيضاً رعاية الجانب النفسي والاجتماعي للطلبة، باعتبارهم المحور الأساس في العملية التعليمية.