الحرية- لمى سليمان
برزت الحاجة إلى قانون جديد للعاملين يحدد حقوقهم وواجباتهم ويتماهى مع الانفتاح الحالي وضرورات العمل والتطوير الحالية وقد أصدرت وزارة التنمية الإدارية قانوناً جديداً تم تعميمه على الجهات العامة.
وعن القانون الجديد يقول خبير التطوير والتدريب د. عبد الرحمن التيشوري بحديثه لصحيفة “الحرية”: كان هناك ضرورة لتغيير قانون الخدمة المدنية (القانون الأساسي للعاملين) ومطالبات كثيرة لتعديل القانون 50 الصادر عام 2004 ومنذ 20 عام لم يطرأ أي تغيير على هذا القانون. والجهات العامة سواء كانت ذات طابع إداري أم اقتصادي فهي بحاجة ماسة لاستصدار قانون جديد للعمل يميز بين الجهات العامة ومنح العاملين حوافز لضمان أداء واجباتها.
وفي المقارنة بين القانون القديم ذي الرقم 50 والقانون الحديث الذي وضعته وزارة التنمية الإدارية وعممته على الوزارات بهدف تلقي الملاحظات التي تسهم في تطويره ليصبح متماشياً مع سوريا الحديثة والوظيفة العامة بالتوازي مع الوظائف في باقي دول الجوار، نجد أن هناك الكثير من التفاصيل التي يمكن أن تمايز بين الاثنين.
وبحسب التيشوري فإن أهم ما يميز القانون الجديد هو موضوع سلسلة الوظائف من حيث تحديد الملاك العددي والشروط اللازمة لشغل الوظائف وكذلك الفئات الوظيفية، فالقانون السابق لم يكن يميز بين فئة وظيفية وأخرى وكان يتم ترفيع جميع العاملين في الدولة سواسية بنسبة ٧٪ أو ٩٪ ،الأمر الذي شكل غبناً والذي أدى إلى الاستقالة من الوظيفة العامة وحتى هروب العديد من الكفاءات خارج البلد.
وكما يؤكد التيشوري فهناك عثرات كبيرة وكثيرة كانت موجودة في القانون السابق ولا تزال نافذة حتى تاريخ اعتماد القانون الجديد ومنها موضوع الإجازات الصحية وموضوع سقف الراتب وحتى موضوع تقييم العاملين، والعاملين في الوظائف القيادية العليا وبالطبع فقد تطرق القانون الجديد لهذه المسألة وأحدث فئة جديدة سماها فئة الوظائف الممتازة ويعد هذا التحول أمر مهم جداً وتطور كبير في سوريا.
ومن ناحية أخرى فقد كان هناك دور كبير لما سمّي سابقاً بدوائر شؤون العاملين في الجهات العامة والذي تم نقله حالياً إلى مديريات التنمية الإدارية التي تتضمن كوادر متخصصة بالإدارة العامة وتمارس أمور التدريب وبناء القدرات وتطوير الموارد البشرية السورية وهي بالفعل نقطة جوهرية في القانون الجديد، فلم يكن لدينا موارد بشرية حقيقية وإنما كنا ندير ملفات ووثائق فقط مع تجاهل الخبرات والكفاءات.
من المعروف،كما يبين التيشوري، أن النظام الحكومي والإداري السوري كان مزيجاً من النظام الإداري الفرنسي كون فرنسا كانت دولة مستعمرة لسوريا وأيضاً جزءاً من النظام الاشتراكي، وقد تمت إضافة بعض القواعد الليبرالية إلى هذا النظام، كما أنه حسب المتعارف عليه بالقانون فالسلطة التشريعية من اختصاص مجلس الشعب ورئيس الجمهورية بينما السلطة التنفيذية بيد الوزارات ومجلس الوزراء اليوم يعني هناك تطوير في هذه المسائل في القانون الجديد وبقى الخاضعون للقوانين الخاصة بهم بشكل خاص مثل قضاة الحكم والنيابه وهم خاضعون لقانون السلطة القضائية وكذلك قضاة المحكمة الدستورية العليا وقضاة مجلس الدولة ومحامو إدارة قضايا الدولة، إضافة إلى أعضاء الهيئة التعليمية والتدريس الخاضعون لقانون تنظيم التعليم العالي إذ بقيت هذه الجهات تخضع لقوانينها الخاصة لكنها استفادت كثيراً من موضوع فتح سقوف الرواتب وقد بدأت المسألة حالياً برواتب القضاة والعاملين في القضاء كما تعالج وزارة المالية رواتب الأطباء والعاملين في القطاع التربوي، وكما يؤكد التيشوري فهناك توجه حالي لسد الثغرات في كل رواتب العاملين في الدولة وهذا انجاز كبير يحسب للحكومة الحالية وللسيد الرئيس أحمد الشرع.
ويقول التيشوري: ينص القانون الجديد على موضوع التعاقد وأنا أميل إلى التعاقد في الادارة الحكومية أكثر من التعيين الدائم الثابت لأنه في الإطار السابق كان من غير الممكن فصل أي عامل، كما أن الاتحاد العام للعمال وبعض الجهات الوصية كان لها تدخلاً في فصل وتعيين العمال.
اليوم أصبح من الممكن التعاقد مع الخبراء، فإذا أرادت وزارة أو جهة عامة أن تتعاقد مع خبير في ميدان معين، فقد سهّل القانون الجديد هذه المسألة وسمح للوزير أو مجلس الوزراء أو الأمانة العامة لرئاسة الجمهورية بالتعاقد مع من تراه مناسباً بلوظيفة العامة.
وبحسب التيشوري،فهناك ميل واضح في القانون الجديد إلى تجديد شباب الوظيفة العامة،وقد أُجري إحصاء يؤكد أن أكثر من 80% من الموظفين تزيد أعمارهم عن 50 عاماً وبالتالي الوظيفة العامة في سوريا وصلت إلى مرحلة الشيخوخة. لذلك لا بد من تجديد دمائها وضخ شباب واختصاصات جديدة وبخاصة أنه لدينا الكثير من الخريجين لا يجدون عملاً كخريجي كليات الإدارة والتكنولوجيا وغيرهم.
كل هذه التخصصات يجب أن تزجّ داخل الوظيفة العامة لتكون قادرة على النهوض والتطور كباقي دول العالم.
ويوضح التيشوري أنه لا يمكن تحديد الإيجابيات أو السلبيات لأي قانون سلفاً وإنما يترك لتطبيقه على أرض الواقع لمدة عام وإذا ظهرت ملاحظات أو ثغرات يمكن جمعها وتقييم هذا القانون، لكن بكل الأحوال يبدو القانون الجديد قانوناً متطوراً مضطلعاً على تجارب الكثير من الدول وقد عالج أغلب المشاكل التي كانت موجودة في القانون السابق، آملاً أن يطبق هذا القانون من قبل الإدارات والوزارات بشكل جيد وبالتالي ينعكس إيجاباً على العاملين وعلى حقوقهم وكذلك واجباتهم بغية تطوير وضع الوظيفة العامة في سوريا لأن سوريا تستحق آدارة ووظيفة عامة كما هو الحال في دول الجوار وكذلك باقي دول العالم.