الأكثر مواءمة للواقع السوري والأهم اقتصادياً.. الزرعات الأسرية تحقق الاكتفاء الذاتي

مدة القراءة 5 دقيقة/دقائق

الحرية – ميليا اسبر:

يعيش أغلب السوريين ظروفاً اقتصادية صعبة، وهناك الكثير من العائلات عاجزة عن تأمين قوتها اليومي، من هنا بدات رحلة البحث عن مصدر دخل جيد وبتكاليف بسيطة من خلال العمل في الزراعات الأسرية والمنزلية التي من شأنها تحقيق الاكتفاء الذاتي للعائلة.

مصدر رزق

محمد مهنا من ريف بانياس أشار في حديثه لـ”الحريّة” إلى أنه بعد خسارته لعمله منذ سنة تقريباً، لم يبق له مصدر رزق، وهو أب لطفلين، لذلك كان مضطراً للبحث عن بدائل، وهي زراعات بسيطة في حديقة منزله مثل بضع شتلات من البندورة والفليفة والباذنجان، وبعض الحشائش كالبقدونس والبصل والنعنع، لافتاً إلى أنه بعد مرور عدة أسابيع بدأ يجني ثمار تلك المحاصيل.
مؤكداً أنه مهما ضاقت به الظروف يستطيع أن يأكل مما يزرع ويؤمن الغذاء اليومي لأسرته، وإذا سمحت ظروفه ربما يحول هذه الزراعات البسيطة إلى مشروع أكبر مستقبلاً.

بينما رندة أسعد وهي ربة منزل تعيش في دمشق أكدت أنها تعتمد في معيشة أسرتها منذ سنوات على الزراعات المنزلية حيث تزرع الخضروات ببراميل كبيرة وبعض الفلين على سطح المنزل، مضيفة أنها طريقة سهلة وغير مكلفة، وبنفس الوقت تؤمن حاجاتها اليومية.

نظريات اقتصادية متفاوتة

بدوره الخبير الزراعي اسماعيل عيسى أوضح أن النظريات الاقتصادية التي تتناول عمليات التنمية الاقتصادية والاجتماعية تتفاوت من اقتصادي لآخر ومنها نظرية (الإنتاج البضاعي الكبير) وهذا يعني أنّ بناء مصنع للغزل والنسيج أفضل اقتصادياً من عشرات بل مئات المصانع الصغيرة والحرف، وكذلك مزرعة بمساحة ألف دونم سيكون مردودها الاقتصادي أفضل من ذات المساحة موزعة على عشرات المزارع ،والسبب هو القدرة على استخدام التكنولوجيا استخداماً صحيحاً، وتوفيرالوقت والجهد .

وذكر عيسى أن البعض من الاقتصاديين يرون أن هذه النظريات تصح في بلدان متقدمة مثل أوروبا واليابان حيث تتوفر رؤوس الأموال الضخمة والتكنولوجيا المتنوعة والتسويق الواسع، وهذا لا يتناسب وواقع البلدان النامية والفقيرة ومنها البلدان التي تشهد أزمات ناجمة عن حروب أو حصار، ولذا لابد من اتباع ما يعرف باسم(نمط الإنتاج البضاعي الصغير) أو مزارع تعتمد على اليد العاملة وتنتج كميات متوسطة هي الأفضل لأنها النمط القابل للتنفيذ على أرض الواقع.

الزراعات الأسرية الأهم اقتصادياً

ولفت عيسى أنه يمكن اعتبار الزراعة الأسرية هي أحد أنماط الإنتاج البضاعي الصغير، وبالمناسبة يكاد يكون هو نمط الإنتاج السائد في العديد من المساحات الزراعية السورية من مثل غوطة دمشق والساحل ومنطقة الغاب وسهل الروج ودرعا والسويداء..الخ، لكن باتساع أكبر قليلاً مما هو مقصود بالزراعة الأسرية.

ويرى عيسى أنه في ظل الواقع الزراعي القائم فإن هذا النمط هو الأكثر مواءمة للواقع السوري، والأهم اقتصادياً لاسيما في المناطق التي تعرضت فيها الأرض الزراعية للتقزم أو محدودية توفر الري، منوهاً بأن مساحة نصف دونم قد تكون حديقة منزلية أو قطعة مستقله يمكن أن تقدم احتياجات أسرة مؤلفة من خمسة أشخاص من زراعات محددة حوالي خمس شجيرات من الفليفلة تغنيك عن شراء الفليفلة طيلة موسمها، وعشر شجيرات باذنجان ومثلها بندورة ايضاً يمكن أن تسد حاجة الأسرة وكذلك الأمر بالنسبة لأنواع أخرى من الخضار مثل الخيار والبامياء، ويمكن زراعة البقدونس والنعنغع والجرجير في الأصايص، وكذلك يمكن أن تزرع في الشرفات وعلى الأسطح.

تشمل الإنتاج الحيواني

وأضاف أن الزراعة الأسرية لا تقتصر على الإنتاج النباتي، فحسب بل يمكن أن تشمل الإنتاج الحيواني لاسيما في المناطق الريفية مثل تربيةالدجاج للحصول على اللحم والبيض، إضافة ألى تربية الأرانب، مضيفاً أنه في المدن تم استغلال أسطح البنايات واستخدام البراميل، وقد أثبتت التجارب أن برميلاً مقصوصاً إلى نصفين يمكن أن ينتج حوالي ٢٥ كيلو بطاطا دون جهد يذكر، لأن العامل الحاسم في هذا الأمر مجموعة من العوامل أهمها، نوعية الخضار المرغوبة من المزارع، وثانيها أسعار هذه الخضروات، وثالثها خبرة أصحاب المشروع بالزراعة، وأخير العوامل المناخية

فوائد

وكشف الباحث الزراعي عن وجود فوائد متعددة من الزراعة الأسرية أبرزها توفير المال والحصول على إنتاج صحي خالٍ من الآثار المتبقية للأسمدة والمبيدات، إضافة إلى توفير السلع بين يدي ربة المنزل وتوفير الوقت، وهناك فائدة تكاد تتوافق على كل فائدة مما سبق وهي متعة الزراعة والذوق ومراقبة نمو كل نبتة كما الحال في زراعة الورد.
وختم بالقول: إن الزراعة الأسرية على صغرها تسهم في خفض تكاليف الحياة والمساهمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

Leave a Comment
آخر الأخبار