التعليم المهني: ركيزة أساسية لإعادة البناء والتنمية الاقتصادية في سوريا

مدة القراءة 5 دقيقة/دقائق

الحرية – باسمة إسماعيل:

يعد التعليم المهني من أهم الأدوات التي يمكن أن تسهم في تحسين الوضع الاقتصادي للدول، خاصة في مرحلة ما بعد الأزمات، إذ يتجاوز دوره تزويد الطلاب بالمهارات التقنية فقط، بل يشكل محركاً رئيساً للتنمية المستدامة من خلال تدريب قوة عاملة مؤهلة تتماشى مع احتياجات سوق العمل.
في هذا السياق، التقت “الحرية” برئيس دائرة التعليم المهني في مديرية تربية اللاذقية، رحاب الباشا، التي أكدت أهمية التعليم المهني في المرحلة الراهنة، ودوره في دعم الاقتصاد السوري.

التعليم المهني: مناهج مرنة تتماشى مع التحديات الاقتصادية

وأوضحت رحاب الباشا أنّ التعليم المهني يعد نوعاً من التعليم الثانوي، الذي يهدف إلى إعداد الطلاب وتزويدهم بمهارات عملية وتقنية، تتماشى مع احتياجات سوق العمل المحلي والتنمية المستدامة.

وتابعت: ويعرف أيضاً بالتعليم التقني، وأن هذا النوع من التعليم يشمل العديد من المجالات مثل: الصناعة، التجارة، الزراعة، الصحة، وتكنولوجيا المعلومات.

وأضافت: تكمن أهمية التعليم المهني في كونه يشكل ركيزة أساسية، في عملية إعادة بناء سوريا، حيث يسهم في إعداد قوى عاملة ماهرة قادرة على تنفيذ مشاريع البنية التحتية والخدمات.

وأشارت الباشا إلى أن التعليم المهني يسهم بشكل كبير في سد الفجوة بين مخرجات التعليم وسوق العمل، ما يساعد في تقليل معدلات البطالة بين الشباب، وبالتالي يسهم في تعزيز الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي.

التطورات والإصلاحات المستمرة

وأكدت أن التعليم المهني يشهد تطوراً تدريجياً رغم التحديات، مدعوماً بجهود رسمية مستمرة لتحسين جودته وتنظيمه.

ولفتت إلى أنه تم إنشاء ورش تدريبية ومخابر خاصة للثانويات المهنية، لتوفير بيئة عملية تحاكي سوق العمل الحقيقي، بالإضافة إلى توفر المعدات التقنية والمهنية مثل الأدوات الصناعية والأجهزة الإلكترونية والحواسيب لتدريب الطلاب في اختصاصاتهم.

وأضافت: بعد قبول الطلبة يتم الفرز حسب الرغبة والمعدل، مع مراعاة الطاقة الاستيعابية لكل تخصص، وبالنسبة للكوادر التدريبية فهي متوافرة من مهندسين ومعلمين حرف، ولديهم كم من المعرفة والمهارات التي ينقلونها للطلبة.

ونوهت بأن وزارة التربية تسعى بشكل دائم لرفع كفاءة الطلبة العملية والنظرية، من خلال تنظيم برامج تدريبية، ووفقاً للقانون رقم 38، تم تحويل المدارس المهنية إلى مراكز إنتاج حقيقية، تكسب الطلاب خبرة واقعية في بيئة مشابهة لسوق العمل.

التحديات

أوضحت الباشا أن التعليم المهني يواجه عدداً من الصعوبات البنيوية والوظيفية، في ظل الظروف الاقتصادية والسياسية التي تمر بها البلد،
أبرزها نقص بعض المواد الأولية داخل المدارس، ضعف الميزانيات المخصصة لهذا القطاع، إلى جانب نقص في مصادر الطاقة ولاسيما الكهربائية، التي تعدّ عصب التعليم المهني لتشغيل ورش العمل والمعدات التقنية، ورغم هذه التحديات، فإن هناك جهوداً مستمرة من قبل وزارة التربية ومديرياتها لتحسين التعليم المهني، باعتباره إحدى الركائز الأساسية في عملية إعادة الإعمار والتنمية الاقتصادية.

مقترحات

وتطرقت الباشا إلى عدد من المقترحات الطموحة لتحسين وتطوير التعليم المهني في الأعوام القادمة، منها:
-تطوير المناهج الدراسية لتكون مرنة تواكب التطورات التكنولوجية والمهنية.
-تمكين الطلاب من تنفيذ مشاريع قابلة للتسويق، ما يعزز مهاراتهم ويوفر لهم فرص عمل.
-تشجيع القطاع الخاص على رعاية تخصصات مهنية أو تجهيز ورش تدريبية.
-فتح آفاق جديدة مستقبلية مثل الطاقة المتجددة، الذكاء الاصطناعي، والزراعة الذكية.
-تطوير نظام توجيه مهني مبكر في المدارس الإعدادية، لتعريف الطلاب بالتخصصات المهنية.

نموذج ناجح: ثانوية بيت ياشوط للتعليم المهني

من أحد النماذج الناجحة في التعليم المهني في المحافظة، ثانوية بيت ياشوط للتعليم المهني الصناعي التجاري النسوي، التي خرّجت كفاءات مهنية متخصصة، ففي السنوات السبع الماضية، التحق في كل سنة بالجامعة والمعاهد، ما لا يقل عن 15 طالباً، رغم أن عدد الطلاب في المدرسة لا يتجاوز الـ 90 طالباً، ويعكس هذا الرقم النجاح الكبير للمدرسة في تكوين بيئة تعليمية مهنية متميزة، تساعد الطلاب الانخراط في التعليم العالي بعد التخرج.

آراء الطلاب: التعليم المهني يفتح الفرص المستقبلية

وأكد العديد من الطلاب الخريجين الذين التقتهم “الحرية” أن المدرسة قدمت لهم بيئة تعليمية متكاملة تجمع بين المهارات التقنية والتوجيه الأكاديمي، وأشادوا بإدارة المدرسة بإدارة رئاف حسن، التي ساعدت في تحسين جودة التعليم المهني في المدرسة.

فمثلاً المهندسة سوزان عثمان درست في المدرسة و التحقت بكلية الهندسة، ثمّ عادت لتدريب فيها، قالت: التعليم المهني مكنني من اكتساب مهارات عملية ساعدتني في دخول الجامعة، كما أشادت بشرى محمود، إحدى معلمات المدرسة، بتأثير التعليم المهني في مهاراتها العملية، وأعربت المدرّسة لورا ديوب معلم حرفة، عن اعتزازها بتجربتها التي ألهمت ابنها حسن عيسى الالتحاق بالصناعة رغم نيله علامة العامة، حيث حصل على المركز الأول في السنتين الماضيتين، أما الطالبة هديل عثمان في قسم الخياطة، فأكدت أن التعليم المهني صقل مهاراتها نحو مهنة تحبها.

المساهمة الفعّالة في بناء المستقبل

يظل التعليم المهني عنصراً أساسياً في إستراتيجيات التنمية الاقتصادية وإعادة الإعمار في سوريا، رغم التحديات، يتوقع أن يكون له دور محوري في تمكين الشباب السوري، من المساهمة في بناء المستقبل وتحقيق التنمية المستدامة.

Leave a Comment
آخر الأخبار