الحرية – بشرى سمير:
يحتفل العالم غدًا الجمعة باليوم العالمي للإعلام الإنمائي، الذي يصادف الرابع والعشرين من تشرين الأول/أكتوبر، منذ إقراره عام 1972. ويهدف هذا اليوم إلى التذكير بأهمية نشر المعلومات وتعبئة الرأي العام لتعزيز الوعي بمشكلات التنمية، ودعم النمو الاقتصادي والاجتماعي، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
ويرى الدكتور حسان بقدونس، أستاذ محاضر في الإعلام، أن الصناعة الإعلامية، رغم كل التطورات التكنولوجية التي شهدتها، لا تزال عاجزة عن المساهمة الفعالة في إنجاح برامج التنمية. ويستدل على ذلك باستمرار الفجوة المعرفية والإعلامية بين الدول المتقدمة والنامية، بل واتساعها أكثر، حيث تزداد الدول المتقدمة ثراءً على جميع المستويات، بينما تتراجع الدول النامية إلى مزيد من الفقر المعرفي والإعلامي.
وأكد بقدونس أن الاحتفال بهذا اليوم يجب ألّا يحجب عنا فشل الإعلام التنموي في معظم دول العالم النامي، وانفصاله عن الجماهير. داعيًا إلى البحث عن أطر نظرية بديلة، مثل نظرية النظام العالمي ونظرية التمكين، لفهم أوضاع هذا الإعلام وتحدياته ومستقبله بشكل أفضل.
وأضاف أن الألفية الجديدة شهدت تحولات جوهرية في الاتصال البشري، مع بروز الثورة الرقمية وتكنولوجيا الاتصال، ما يشكل تحديًا للمهتمين بالإعلام التنموي ويطرح أسئلة أكثر مما يقدم إجابات. فمن الناحية النظرية، كان مُفترضًا أن تعمل وسائل الإعلام بتناغم مع عناصر النمو الأخرى لتحديث البلدان الفقيرة وقيادتها نحو التقدم. لكن الواقع العملي كشف عن فجوة هائلة بين الأنظمة الإعلامية في الدول النامية ونظيرتها في الدول المتقدمة، حيث فشلت هذه الأنظمة في المساهمة في تحقيق التنمية المستدامة، ولم تنجح في تحقيق العديد من الأهداف التنموية على مدى عقود.
وفي السنوات الأخيرة، تراجع مجال الإعلام التنموي بشكل ملحوظ، مصحوبًا بتحولات نظرية كبيرة. فقد تم التخلي عن نظرية التحديث ونموذج النمو الاقتصادي التقليديين، اللذين نظرا إلى التنمية على أنها جهد مؤسسي (من الحكومات إلى الشعوب). وحلت محلهما مناهج نظرية جديدة تركز على المبادرات التنموية التشاركية القائمة على المشاركة الشعبية الواسعة في وضع خطط التنمية طويلة المدى، أي النهج القائم من أسفل إلى أعلى.
أما عن دور الإعلام التنموي في سوريا، فأوضح بقدونس أنه يهدف إلى تحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية والبيئية من خلال:
– تعزيز الحوار الوطني: فتح قنوات للحوار بين مختلف الأطراف لبناء الثقة وتحقيق الاستقرار.
– التوعية والتثقيف: نشر الوعي حول قضايا الصحة والتعليم وحقوق الإنسان لزيادة مشاركة المواطنين.
– دعم المبادرات المحلية: تسليط الضوء على المبادرات التي تهدف إلى إعادة بناء المجتمع وتعزيز التماسك الاجتماعي.
– مكافحة الأخبار الزائفة: تقديم معلومات دقيقة وموثوقة لمواجهة المعلومات المضللة.
تعزيز التنمية المستدامة: نشر الوعي حول أهمية الاستدامة البيئية والاجتماعية والاقتصادية.
– تمكين الفئات المهمشة: تسليط الضوء على قضاياها واحتياجاتها لدمجها في عملية التنمية.
– تنمية الحس الوطني: وتعزيز الانتماء لدى المواطنين.
– كشف الأفكار الهدامة: التي تدعو إلى التخلف في المجتمع.
وعلى الرغم من مرور نحو نصف قرن على إطلاق الإعلام التنموي، لا يزال مستوى معيشة الملايين منخفضًا بشكل يدعو للأسى، مع افتقارهم للغذاء والتعليم وفرص العمل وغيرها من ضروريات الحياة.
وبحسب التقديرات الأممية، فإن نجاح الأنشطة الإنمائية الدولية مرهون بتحسن الحالة الدولية، الذي يتطلب بدوره تحقيق تقدم ملموس في تعزيز المساواة في الحقوق الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية داخل المجتمعات.
وختم الدكتور بقدونس بالقول: لمواجهة تحديات العصر، يجب على المجتمع الدولي النهوض لاقتناص الفرص التي يوفرها العلم والتقنية، حتى تشارك الدول النامية والمتقدمة بعدالة في ثمار التقدم العلمي والتقني، ما يسهم في التعجيل بالتنمية الاقتصادية عالميًا.
فلتكنولوجيا المعلومات والاتصالات قدرة على تقديم حلول مبتكرة لتحديات التنمية، خاصة في سياق العولمة، من خلال تعزيز النمو الاقتصادي والقدرة التنافسية، وتيسير الحصول على المعلومات والمعارف، ومكافحة الفقر وضمان الإدماج الاجتماعي. وهذا سيسرع بدوره اندماج جميع البلدان، ولاسيما النامية منها، في الاقتصاد العالمي. لكن هذه التكنولوجيات تطرح أيضًا تحديات جديدة، ما يستلزم التصدي للعقبات الرئيسة التي تواجهها البلدان النامية في الوصول إليها، مثل نقص الموارد والبنى التحتية والتعليم والقدرات والاستثمارات وإمكانات الاتصال، بالإضافة إلى القضايا المتعلقة بملكية التكنولوجيا والمعايير وتدفقاتها.