الحرية_ رشا عيسى:
تتجه الأنظار إلى مشاركة سوريا المرتقبة في مبادرة استثمار المستقبل (Future Investment Initiative – FII)، والتي تُعقد في الرياض بحضور الرئيس أحمد الشرع. وتأتي هذه المشاركة في سياق سعي دمشق الحثيث لتفعيل مسار التشاركية الاقتصادية والسياسية، والبحث عن مصادر تمويل جديدة لعمليات إعادة الإعمار التي تقدر بمليارات الدولارات.
وتمثل المشاركة فرصة استراتيجية لسوريا و لعدة أسباب:
1. جذب الاستثمارات و عرض الفرص الاستثمارية المتاحة في قطاعات حيوية مثل الطاقة، والبنية التحتية، والإسكان.
2. إعادة بناء الثقة لأن المشاركة في محفل دولي بهذا الحجم يبعث برسالة مفادها أن سوريا تسعى للانفتاح الاقتصادي، ما يمهد الطريق لإعادة بناء الثقة مع المؤسسات المالية الإقليمية والدولية.
3. التمويل العربي حيث يُنظر إلى المبادرة كبوابة لجذب رؤوس الأموال العربية، خاصة من دول الخليج، التي يمكن أن تلعب دوراً محورياً في تمويل المشاريع الكبرى.
حدث استثنائي
وصف الباحث في الشؤون السياسية والاقتصادية المهندس باسل كويفي مشاركة سوريا في “مبادرة مستقبل الاستثمار” (FII) في الرياض بأنها “حدث استثنائي يحمل دلالات عميقة، ويفتح آفاقاً كانت تبدو بعيدة”. وأكد كويفي في تصريح لصحيفتنا “الحرية”أن أهمية الحضور تتجاوز الإطار البروتوكولي، لتشكل إشارة قوية على عودة سوريا إلى محيطها الإقليمي وفتح نافذة اقتصادية حيوية.
العودة إلى المحيط العربي
ويرى كويفي أن الدعوة السعودية لسوريا تحمل رسائل رئيسية أبرزها: العودة الرسمية للمحيط العربي، وفتح نافذة اقتصادية حيوية بعد سنوات من الانهيار، وتعزيز فرص الاندماج في الرؤى الإقليمية الكبرى والمشاريع العملاقة مثل “التحول الرقمي” و”الشرق الأوسط الأخضر”.
فرص استثمارية واعدة
أشار كويفي إلى أن سوريا تقدم فرصاً استثمارية هائلة في مجالات تتماشى مع تركيز المبادرة، خاصة في:
التحول الرقمي: فرصة ذهبية لتحديث البنية التحتية القديمة (5G، مراكز البيانات) في سوق شاب ومتعطش للخدمات الرقمية.
الطاقة المتجددة: إمكانات هائلة في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، ما يجعلها مصدراً محتملاً للطاقة النظيفة ومشاريع الهيدروجين الأخضر.إعادة الإعمار والبنية التحتية:حاجة ماسة لإعادة بناء الطرق والموانئ والمصانع، واستغلال الموقع الجيوسياسي الهام في حركة الترانزيت.
التحديات الهيكلية
كما حذر كويفي من أن التحديات هائلة وقد تعوق تحويل الفرص إلى استثمارات فعلية، أبرزها: العقوبات الغربية، وعدم الاستقرار السياسي والأمني، وغياب الشفافية والحوكمة الرشيدة، والتضخم الجامح وانهيار القوة الشرائية، وتدهور البنية التحتية.
استراتيجية المستثمر الذكي
كويفي قدم نصيحة للمستثمرين المحتملين، مشيراً إلى أن سوريا هي استثمار “عالي المخاطرة/عالي العائد”.
وقال: “المستثمرون الأوائل قد يحققون أرباحاً هائلة إذا نجحوا”، لكنهم يحملون مخاطر قد تصل إلى خسارة كامل استثماراتهم ،سيتجه الأذكياء نحو مشاريع صغيرة ومتوسطة قابلة للتوسع، وشراكات مع قطاع خاص سوري موثوق.
وشدد كويفي على أن هذه المشاركة هي “فرصة تاريخية يجب استغلالها بحكمة من جميع الأطراف”، داعياً الحكومة السورية إلى تقديم تنازلات حقيقية في مجال الحوكمة ومكافحة الفساد وخلق بيئة تشريعية جاذبة.
الطريق الشائك
خلص المهندس كويفي إلى أن مشاركة سوريا في مبادرة مستقبل الاستثمار هي “بصيص أمل حقيقي وعلامة على انفراج إقليمي، وهي الباب الذي طال انتظاره لمرحلة ما بعد الحرب”.
ومع ذلك، أكد أن طريق النجاح مرهون بتحقيق تقدم متوازٍ على المسارين السياسي والاقتصادي،و هذا التوازن هو ما سيجعل المشاركة بداية انطلاق حقيقية في تاريخ سوريا الحديث.
و تستعد العاصمة السعودية الرياض في الفترة ما بين 27 و30 تشرين الأول الجاري لاستضافة النسخة التاسعة من مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار، التي تعد واحدة من أبرز المنصات الاقتصادية العالمية التي تجمع قادة الأعمال، والمستثمرين، وصناع القرار من مختلف أنحاء العالم، لصياغة حوارات استراتيجية وبحث فرص اقتصادية غير مسبوقة. كما تعد أبرز الأحداث الاستثمارية العالمية التي باتت توصف بدافوس الصحراء.