زيارة الرئيس أحمد الشرع للكنيسة المريمية: لبنة راسخة في صرح العيش المشترك بدمشق العريقة

مدة القراءة 3 دقيقة/دقائق

الحرية- بشرى سمير:

ضمن نسيج دمشق التاريخي، حيث تعانق مآذن المساجد أجراس الكنائس، تأتي زيارة الرئيس أحمد الشرع للكنيسة المريمية دمشق القديمة لترسم ملمحاً جديداً من ملامح الوئام الديني الذي ظل لقرون طويلة سمة بارزة من سمات هذه المدينة التي تعتبر من أقدم المدن المأهولة في التاريخ.
الدكتور عماد سعيد أستاذ في قسم التاريخ بجامعة دمشق، أشار في تصريح لـ”الحرية” إلى أن زيارة الرئيس هي رسالة قوية ومباشرة، تؤكد على متانة النسيج الاجتماعي السوري، وتؤصل لثقافة الحوار والتعايش بين كافة الطوائف والأديان خاصة الديانة المسيحية.
وأضاف: تأتي هذه الخطوة لتذكر العالم بأن “الشام” ظلت دائماً نموذجاً فريداً للتعايش السلمي، حيث عاش المسلمون والمسيحيون جنباً إلى جنب، يشاركون في الأفراح والأتراح، ويساهمون معاً في بناء الحضارة والإرث الثقافي لهذه البقعة من العالم.

قوة سوريا في وحدتها

ولفت الدكتور سعيد إلى أن الرئيس الشرع، أدرك بحكمته السياسية وبُعد نظره، أن قوة سوريا تكمن في وحدة نسيجها الاجتماعي.
فزيارته هذه هي إعلان عملي بأن الانتماء الوطني هو الإطار الجامع الذي تذوب فيه كل الفروقات، وأن المواطنة الحقة هي الأساس في العلاقة بين أبناء الوطن الواحد.
هذا الموقف ليس جديداً على سوريا، بل هو امتداد لتراث ثقافي وسياسي ضارب في القدم، حيث كانت الكنائس والمساجد دوماً منارات للعلم والسلام، ولم تكن يوماً مصدراً للفرقة أو النزا ع وتعزيز العيش المشترك.

مبادئ أساسية

وبين سعيد أن زيارة الرئيس للكنيسة المريمية بدمشق القديمة كمناسبة لتأكيد عدة مبادئ أساسية أهمها:
– المواطنة المتساوية: حيث أن جميع السوريين يتمتعون بنفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات، تحت مظلة قانون واحد ووطن واحد.

– الحوار الديني: فالتواصل المباشر بين رموز المجتمع السياسية والدينية يفتح آفاقاً أوسع للتفاهم المتبادل ويدحض أي شبهات أو أفكار طائفية.
– إضافة إلى تعزيز الحماية المتبادلة للديمومة: فكما تحمي الدولة المساجد وتكفل حرية العبادة للمسلمين، فهي أيضاً تحمي الكنائس وتكفل للمسيحيين ممارسة طقوسهم الدينية بأمان وسلام.
وتذكرنا هذه الزيارة بالإسهامات العظيمة للمسيحيين السوريين في بناء الحضارة العربية والإسلامية، في مجالات الطب والأدب والاقتصاد والفنون، مما يؤكد أن تاريخ سوريا هو نتاج جهد مشترك لجميع أبنائها.

روح التسامح والتعليم

في الختام، فإن زيارة الرئيس أحمد الشرع لكنيسة المريمية في دمشق القديمة ليست مجرد صورة تلتقط أو خبراً يُنشر، بل هي تأكيد حي على أن روح دمشق العريقة، روح التسامح والتعايش، ما تزال تنبض بالحياة.
إنها دعوة للعالم أجمع ليرى في سوريا نموذجاً يُحتذى به، حيث يظل المسجد والكنيسة شاهدين على أن الاختلاف في الدين لا يعني القطيعة، بل يمكن أن يكون جسراً للتواصل والتعاون، لبناء مستقبل أكثر إشراقاً للأجيال القادمة، مستقبل تقوم فيه العلاقات على أساس الاحترام المتبادل والمحبة الإنسانية التي تجمع ولا تفرق.
وتجدر الإشارة إلى أن لكنيسة المريمية تعتبر واحدة من أقدم وأهم الكنائس في العالم المسيحي، ليس فقط في سوريا بل على مستوى العالم، تاريخها ليس مجرد تاريخ مبنى ديني، بل هو سجل حي لتاريخ المدينة نفسها، يشهد على تحوّلاتها من العصر الروماني إلى الإسلامي.

Leave a Comment
آخر الأخبار