معرض إعادة الإعمار الدولي : في إدلب فرص استثمارية واعدة لإحياء الاقتصاد السوري

مدة القراءة 8 دقيقة/دقائق

 

شاركت محافظة إدلب، في فعاليات المعرض الدولي لإعادة الإعمار، في خطوة تهدف إلى تسليط الضوء على حجم الدمار الهائل الذي طال البنية التحتية، وعرض الفرص الاستثمارية الكامنة التي توصف بـ”الواعدّة”.
معاون المحافظ المهندس قتيبة الخلف أكد في تصريح لـ “الحرية” أن المحافظة التي تبلغ مساحتها حوالي 6100 كيلومتر مربع، وتعاني من تهميش استمر لعقود، وتتحمل عبئاً ديموغرافياً كبيراً حيث يقارب عدد سكانها أربعة ملايين نسمة، يعيش ما يقارب مليون ونصف المليون منهم في حوالي ألف مخيم.

دمار ممنهج وشامل

معاون المحافظ أشار إلى أن إدلب تعرضت لـ”دمار ممنهج” طال القطاعات الحيوية بالكامل، حيث دمرت الغالبية العظمى من المدارس والمستشفيات والمراكز الصحية ومحطات المياه، إضافة إلى تدمير البنية التحتية من طرق وجسور بنسب كبيرة.
ولفت إلى أن الدمار طال أيضاً القطاع السكني، حيث تعرضت أكثر من 90% من المنازل في أرياف إدلب الشرقية والجنوبية والجنوبية الغربية للدمار الكامل أو الجزئي، مع تهديد أسقف العديد منها بعد سرقة حديد التسليح ومواد البناء بشكل منهجي.

إعادة الإعمار أولوية استراتيجية

في هذا السياق، أكد الخلف أن إعادة الإعمار تمثل “الهدف والأولوية الأولى” في الخطط الإستراتيجية للمحافظة، مشيراً إلى أن الجهود الحالية تركز على إعادة تأهيل عدد من المدارس والمستشفيات للمساهمة في عودة النازحين وإنهاء معاناة المخيمات.
كما أشار إلى التحديات البيئية والزراعية، حيث تم قطع ما يقارب مليوني شجرة، إضافة إلى انتشار الألغام بشكل عشوائي وخطير دون خرائط واضحة، فيما تجري حالياً عمليات مسح ميدانية لإزالتها.

فرص استثمارية في قطاعات متنوعة

من ناحية أخرى، سلط الخلف الضوء على الجانب الاقتصادي، مؤكداً أن المحافظة تشارك في المعرض لعرض “الفرص الاستثمارية الواعدة”، واصفاً بيئة الأعمال في إدلب بـ”الخصبة” والتي “لم تستثمر بشكل كافٍ في السابق”.
وأوضح الخلف أن الفرص تتوزع على قطاعات متعددة، أبرزها:
– القطاع الصناعي: حيث تم إنشاء مدينة صناعية عام 2019 تضم معامل كبرى لا تزال قادرة على الإنتاج.
– الطاقة المتجددة: المناخ الملائم، توجد فرص كبيرة لمشاريع الطاقة الشمسية وتوليد الطاقة الكهربائية.
– السياحة والعلاج: حيث توجد مواقع أثرية مصنفة عالمياً، إضافة إلى إمكانيات السياحة العلاجية مثل حمام الشيخ عيسى الكبريتي.
– القطاع الزراعي: المناخ المعتدل والبيئة الخصبة.

من الواجب الوطني إلى فرصة الاستثمار

المديرالعام لشركة إميسا لمقاولات البناء وهندسة الحديد، عبدالوارث رجوب،  قال في تصريح  لـ” الحرية”: مرحلة ما بعد التحرير في سوريا أطلقت فكرة بدأت تتحقق على أرض الواقع، وهي العودة إلى الموطن الأصلي للمساهمة في إعادة بناء البلد، مشيراً إلى أن هذه الخطوة تعتبر واجباً وطنياً وليست مجرد رغبة، حيث يأملون نقل الخبرات والإمكانيات الهندسية والعلمية والمادية التي اكتسبوها خلال عملهم في دول الخليج، لتمثل نقطة انطلاق جديدة.
ولفت إلى أن التحولات الإيجابية في سوريا بعد التحرير شملت انفتاح السوق ووضوح القوانين، وحرية تنقل رؤوس الأموال، وتوفر الأمان، وتراجع القيود الأمنية التي كانت تشكل عبئاً على المستثمرين في السابق.

سوق واعدة

ووصف رجوب السوق السوري الحالي بأنه “واعد ومغرٍ للاستثمار”، معتبراً أن سوريا اليوم تذكره بمرحلة النهضة التي شهدتها الإمارات قبل ثلاثين عاماً. مؤكداً أن الدافع للاستثمار لا يقتصر على الجانب الوطني فحسب، بل يمتد ليشاهد فرصاً حقيقية للربح، لافتاً إلى اهتمام مستثمرين أجانب غير سوريين بالدخول إلى السوق والاستعداد للمشاركة.
وشدد على أن جذب المستثمر الأجنبي يعتمد بالدرجة الأولى على وجود دافع الربح، وهو ما يتوفر في البيئة الحالية، ما يؤشر لمستقبل مشرق.

معوقات الحل: النظام القضائي واستقطاب الكفاءات
وفي سياق التحديات، أشار رجوب إلى ضرورة العمل على تطوير البيئة التشريعية، معرباً عن تفاؤله بأن تقوم الحكومة الجديدة بإصدار قوانين استثمارية جاذبة تضمن تكافؤ الفرص وحرية الاستثمار، مع تعديل المراسيم القديمة التي تعود لعام 2005-2006.
كما أكد على أهمية وجود نظام قضائي سليم ومستقل يحمي المستثمر ويضمن حق الوصول إلى التحكيم العادل، ما يمنحه الطمأنينة للمغامرة واستثمار أمواله.
وتطرق رجوب إلى أزمة أخرى تتمثل في نقص القوى العاملة والكفاءات، موضحاً أن العديد من الكفاءات السورية هاجرت من البلد بسبب عدم وجود دافع للبقاء. ودعا إلى ضرورة العمل على استقطاب هذه الكفاءات وإعادتها، مشيراً إلى أن هجرة هذه الكفاءات تشكل خسارة كبيرة للوطن بعد أن أنفق على تعليمها.

الشركة العامة للطرق ركيزة أساسية في إعادة إعمار البنية التحتية

من جهته أكد مدير الشركة العامة للطرق والجسور والمشاريع المائية المهندس أحمد الخالد، على الدور المحوري لشركته كإحدى الشركات الإنشائية الرائدة التابعة لوزارة الأشغال العامة والإسكان، في جهود إعادة إعمار البنية التحتية في سوريا.
وأوضح الخالد أن الشركة تختص بتنفيذ وصيانة شبكة الطرق والجسور على مستوى البلاد، بالتعاون مع وزارة النقل والجهات المعنية، مع التركيز حاليًا على إعادة تأهيل الجسور المتضررة.

مجالات عمل متعددة

ولفت الخالد إلى أن مجالات عمل الشركة لا تقتصر على الطرق والجسور، بل تمتد لتشمل تنفيذ المشاريع المائية الحيوية، مثل: بناء السدود و مشاريع الصرف الصحي ، و مشاريع تغذية وتوزيع المياه للقرى والمناطق.
وأشار مدير الشركة العامة إلى أن هذه المشاريع تشكل “جزءًا أساسيًا وركنًا رئيسيًا” في خطط إعادة إعمار البلاد مستقبلًا، مؤكدًا أن الشركة حاضرة بقوة في هذا المجال وتمتلك الخبرة الكبيرة، مستشهداً بمشروع جسر الرستان كأحد النماذج العملية لإسهامات الشركة، حيث قامت بوضع الدراسات والتصاميم اللازمة وتأسيس العمل وتحضيره للتنفيذ.
واختتم تصريحه بتأكيد ثقته في أن الشركة، إلى جانب بقية الشركات الشقيقة في الوزارة، ستكون في “مرحلة متميزة” ضمن عملية إعادة الإعمار الشاملة للبلاد.

تقاليدنا أصالتنا

رئيس مجلس إدارة جمعية العادات الأصيلة، عدنان تنبكجي أكد خلال مشاركته ضمن فعاليات المعرض، على أهمية الحفاظ على التراث الشعبي والفنون التقليدية في سوريا، مشيرًا إلى أن الجمعية تسعى بكل جهودها لإحياء التقاليد العريقة التي توارثها الأجداد.
وقال تنبكجي: “جمعيتنا غير ربحية ومشهرة لدى وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، ونحن نعمل منذ أكثر من عشر سنوات على حماية التراث المادي وغير المادي، بما يشمل الحرف اليدوية التقليدية التي بدأت تندثر وتتناقلها الأجيال الجديدة بشكل مغلوط”.
وأضاف: “نسعى لتعزيز الاهتمام بالفنون التراثية الشعبية، مثل البروكار والأغاباني، والمأكولات الشعبية، إلى جانب إحياء الأمثال الشعبية التي تعكس قيمنا النبيلة”.
وتابع قائلاً: “ما نقوم به اليوم هو مشروع جماعي يشارك فيه مجموعة من الأكاديميين والمهندسين ورجال الأعمال الذين يسعون للحفاظ على تاريخنا المجيد، وتوصيل هذه القيم للأجيال القادمة، وهدفنا هو التأكيد على أن التراث جزء لا يتجزأ من هوية شعبنا، وهو واجبنا أن نمنح الأجيال الجديدة الفرصة للاحتفاظ بهذه العادات والآداب التي تربينا عليها”.
وشدد تنبكجي على أن الجمعية تركز على تعليم وتدريب الشباب على الحرف اليدوية التقليدية مثل النول اليدوي وصناعة النحاسيات، بالإضافة إلى تنظيم الدورات والورشات الفنية لإحياء الفنون القديمة، مؤكدًا أن الجمعية تواصل عملها بشكل تطوعي وبمشاركة جميع الأعضاء الذين يحملون الرؤية نفسها للحفاظ على تراثنا السوري الأصيل.
واختتم تصريحه قائلاً: “التراث ليس مجرد ذكريات من الماضي، بل هو جزء من حياتنا اليومية ومصدر فخر لنا ونعمل جاهدين لكي نتركه إرثًا للأجيال القادمة”.

 

الحرية – ماجد مخيبر

Leave a Comment
آخر الأخبار