الرئيس الشرع في البرازيل.. كلمة أمام قمة (COP 30) ولقاء مع الرئيس لولا دا سيلفا

مدة القراءة 9 دقيقة/دقائق

الحرية – مها سلطان:
تفتح زيارة الرئيس أحمد الشرع إلى البرازيل، للمشاركة في قمة المناخ (COP30).. بابين واسعين نحو تعزيز الحضور العالمي لسوريا، باب سياسي/اقصادي نحو أميركا اللاتينية (ودول الجنوب) وباب مناخي نحو تثبيت موقع سوريا على الخريطة المناخية الدولية كتعاون وفعل وتأثير متبادل.
ومن المقرر أن يلقي الرئيس الشرع كلمة أمام القمة، إضافة إلى لقاء يجمعه مع الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، وذلك خلال زيارة تستمر يومين، غداً وبعد غد، وفق المُعلن حتى كتابة هذه السطور.

مشاركة الرئيس الشرع في قمة المناخ فرصة لثبيت موقع سوريا على الخريطة المناخية الدولية كتعاون وتأثير متبادل وبما يحقق شراكة مناخية على مستوى ثنائي مع البرازيل ودولي مع أطراف (COP)

وتحظى مشاركة الرئيس الشرع في قمة المناخ ولقائه الرئيس لولا دا سيلفا باهتمام ومتابعة كبيرين، خصوصاً أنهما تأتيان قبل ثلاثة أيام من توجهه إلى واشنطن حيث يلتقي الرئيس الأميركي دونالد ترامب.


وهذه هي المرة الأولى التي يخاطب فيها رئيس سوري قمم المناخ (COP) منذ إطلاقها في عام 1992، وتشكل مشاركة الرئيس الشرع في اجتماعات القمة فرصة لتحقيق شراكة مناخية على مستويين ثنائي مع البرازيل، ودولي مع أطراف (COP).
.. ولسوريا مكانتها المناخية حيث يمكن القول إنها:
– تتمتع ببيئة نظيفة إلى حد كبير.
– عملية إعادة الإعمار التي تسعى إليها- بعد 14 عاماُ من الحرب- هي عملية تركز في جوهرها على بناء الإنسان والمجتمع والأرض معاً.
– النموذج التنموي الجديد الذي تعتمده يقيس النجاح بما يتحقق على مستوى نظم بيئية نظيفة لصالح الأجيال القادمة، هذا من جهة أولى.. ومن جهة ثانية على مستوى تحقيق عدالة بيئية كجزء من العدالة الوطنية.
– حرب الـ14عاماً الماضية، كانت حرباً على البيئة أيضاً (الغابات، الانهار، الزراعة) لذلك هي جزء أساسي من إعادة الإعمار، وهذا ما سيكون حاضراً على طاولة قمة (COP 30) حيث سيكون لسوريا تجربتها مع الحرب باعتبارها خطراً بيئياً مناخياً مثلها مثل كل الحروب التي تشكل مع غيرها من النشاطات الإنسانية سبباً في ارتفاع الانبعاثات الغازية وتضاعف حرارة الأرض بصورة خطيرة ومتسارعة.
– في قمة (COP 30) ستقدم سوريا نفسها كجزء من الجهد العالمي لحماية الأرض مناخياً، وستقف إلى جانب دول الجنوب في مطالبتها بنظام مناخي دولي عادل وشامل وغير مسيس، يخدم الشعوب وليس القوى العالمية وصراعاتها.
– التعافي البيئي في سوريا يسير جبناً إلى جنب مع التعافي الاقتصادي (والاجتماعي)، فالإرادة التي تبني المؤسسات هي نفسها التي تدفع باتجاه تحقيق نهضة بيئية تكون مثالاً يُحتذى.
كل هذا سيحمله الرئيس الشرع إلى قمة (COP 30) كمسؤولية إنسانية وأخلاقية، ورسالة تربط تعافي سوريا بعد الحرب بالجهود الدولية السياسية وبالعمل المناخي الدولي.

زيارة الرئيس الشرع للبرازيل ولقاؤه المرتقب مع رئيسها لولا دا سيلفا محل اهتمام ومتابعة كبيرين خصوصاً أنها تأتي عشية زيارته لواشنطن ولقائه ترامب

ما هو (COP 30)؟

– تعني كوب (COP) مؤتمر الأطراف، أي قمة المناخ السنوية التي تعقدها الأمم المتحدة بموجب اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، وهي المعاهدة الدولية التي أنشئت عام 1992.
– تشارك حالياً 198 دولة هذه الاتفاقية الإطارية المناخية، ما يجعلها واحدة من كبرى الهيئات متعددة الأطراف في منظومة عمل الأمم المتحدة.
– تجتمع هذه الدول في مؤتمرات الأطراف السنوية للتفاوض حول كيفية الحد من الاحتباس الحراري، وخفض انبعاثات غازات الدفيئة، ودعم المجتمعات المتضررة بالفعل من آثار المناخ. وتعد اجتماعات (COP) إحدى الأدوات الرئيسية، وربما الوحيدة التي تمتلكها الدول لمواجهة أزمة المناخ العالمية.
– إلى جانب قادة العالم، يحضر المؤتمر أيضاً مفاوضون حكوميون، وعلماء، وقادة من السكان الأصليين، ونشطاء شباب، وصحفيون، وجماعات ضغط، ومنظمات بيئية. وهو من أكبر المنتديات، إن لم يكن الوحيد الذي تجتمع فيه أصغر الدول الجزرية وأكبر اقتصادات العالم على طاولة واحدة للتوصل إلى اتفاقيات.

لماذا تعد قمم (COP) مهمة؟

لأن أزمة الاحتباس الحراري لا تتوقف عند حدود معينة، بل هي أزمة عابرة للقارات، فالجفاف في منطقة واحدة قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار الغذاء في كل العالم. وذوبان الأنهار الجيليدية يهدد محتمعات تبعد عنها آلاف الكيلومترات. وتودي موجات الحر في جنوب آسيا بحياة مئات الأشخاص ممن ليس لهم علاقة بالأزمة أو من المتسببين بها.
تعد قمم الأطراف (COP) المكان الوحيد الذي يُمكن للحكومات فيه، نظرياً على الأقل، التعاون لحل مشكلة لا تستطيع أي دولة بمفردها حلها. ورغم أوجه القصور العديدة، فعندما يتعلق الأمر بالمناخ، فإن المشاكل العالمية – وبغض النظر عن المتسبب فيها – تحتاج إلى حلول عالمية.
مع تفاقم أزمة المناخ، يشعر الخبراء ونشطاء البيئة بالكثير من الخيبة والتشاؤم، لكن التاريخ يظهر أن (COP) قادرة عملياً على تحقيق النتائج، ولو بشكل نسبي، عندما يتزايد الضغط.
ففي مؤتمر الأطراف الـ21 في باريس عام 2015 أنجز اتفاق باريس للمناخ، حيث اتفقت الحكومات على إبقاء الاحتباس الحراري العالمي أقل بكثير من درجتين مئويتين، والسعي إلى بلوغ 1.5 درجة مئوية، وهو حد عالمي لا يجب تجاوزه لتجنب نقطة تحول خطيرة.
وفي مؤتمر الأطراف الـ27 في شرم الشيخ/مصر، عام 2022، أُنشئ صندوق الخسائر والأضرار، الذي كان قد طال انتظاره، وسعى النشطاء إلى تحقيقه لعقود لمساعدة الدول الأكثر تضررا من الكوارث المناخية.
أما في مؤتمر الأطراف الـ28 في دبي عام 2023، فقد أشار قرار- لأول مرة – إلى الوقود الأحفوري على أنه سبب أزمة المناخ. وقد وصفت المنظمات البيئية بما فيها «غرين بيس» هذا القرار بالتاريخي.

قمم (COP) تعد المكان الوحيد الذي يُمكن للحكومات فيه التعاون لحل مشكلة لا تستطيع أي دولة بمفردها حلها

وفي مؤتمر الأطراف الـ29 في باكو عام 2024، طرحت قضية تمويل المناخ، إذ تعهدت الحكومات بتمويل جديد، لكن المنظمات غير الحكومية والمعنية بشؤون البيئة والمناخ، انتقدت النتيجة ووصفتها بأنها غير كافية على الإطلاق بالنظر إلى حجم آثار المناخ.
وفقاً للأمم المتحدة، لا تزال التعهدات الوطنية الحالية بشأن المناخ تُشير إلى ارتفاعٍ في درجة الحرارة العالمية يصل 3.1 درجات مئوية، ولتحقيق حدّ 1.5 درجة مئوية، يتعيّن على الدول تنفيذ تعهداتها بالكامل وتعزيزها.
ويتطلب ذلك خفض الانبعاثات بنحو43% بحلول عام 2030، مقارنةً بمستويات عام 2019، بل أكثر من ذلك بحلول عام 2035، ما قد يحول دون انهيار واسع النطاق للأنظمة البيئية ويتيح فرصة واعدة لاستقرار المناخ.
– سيُعقد مؤتمر الأطراف لهذا العام بعد مرور 10 سنوات على التوصل إلى اتفاق باريس، ونحو 3 عقود من قمة الأرض التي نظمتها الأمم المتحدة في ريو دي جانيرو بالبرازيل من أجل البيئة والتقدم، ما يجعل (COP 30) لحظة تقييمية وعملية حاسمة للعمل المناخي الدولي.
– من المتوقع أن تُقدم الحكومات تعهدات مناخية أقوى تتوافق مع حد 1.5 درجة مئوية، وهو الحد الخطير الذي يُحذر العلماء من تجاوزه. وحسب الخبراء فإن (COP 30) هو الوقت المناسب للحكومات لإظهار الشجاعة بدلًاً من الفشل في وجه المخاطر الكبيرة التي يسببها التغير المناخي، وهو يمثل فرصة للانتقال من التفاوض والوعود إلى التنفيذ.

لماذا «بيليم»؟

أصرّت البرازيل على اختيار مدينة بيليم مكاناً لانعقاد (COP 30) في سبيل أن يكون العالم وجهاً لوجه أمام الوقائع الحقيقية من دون تجميل.
تعد «بيليم» المدينة الاستوائية، بوابة غابات الأمازون المطيرة، وهي من المواقع الأكثر تأثراً بتغييرات المناخ، والهدف من اختيارها هو أن يكون المشاركين قريبين ومعايشين لآثار التغيير قدر الإمكان، فغابات الأمازون التي تعتبر رئة العالم وموطناً لتنوع بيولوجي استنثنائي، مهددة جراء تغير المناخ، وهو ما قد يسهم في تحفيز الأطراف.
أيضاً تسليط الضوء على التحديات المرتبطة بالفقر وإزالة الغابات حيث تعد مدينة بيليم مثالاً بارزاً.
في المؤتمرات السابقة، التي عُقدت في مدن راقية مثل بالي وكانكون وباريس وشرم الشيخ ودبي، كانت الدول المضيفة تركز على إبراز ما تملكه من وسائل راحة وإنجازات في مواجهة تغير المناخ. أما هذا العام، فستُعقد قمة المناخ في مدينة بيليم البرازيلية الفقيرة الواقعة على أطراف غابات الأمازون، في خطوة تهدف إلى تسليط الضوء على التحديات الحقيقية التي يعيشها السكان المتأثرون بشكل مباشر بتغير المناخ.

Leave a Comment
آخر الأخبار