سوريا في “COP30”:تحول نوعي في السياسة الخارجية و فرصة لتعزيز التحالفات مع الجنوب العالمي

مدة القراءة 4 دقيقة/دقائق

الحرّية- هبا علي أحمد:

تُمثل مشاركة سوريا في مؤتمر المناخ العالمي “COP30″، المنعقد في البرازيل، لحظة مفصلية في مسار إعادة انخراطها في النظام الدولي، هذه المشاركة، التي تأتي ممثلة بالسيد الرئيس أحمد الشرع، تحمل دلالات سياسية ودبلوماسية واقتصادية واجتماعية عميقة، وتفتح آفاقاً جديدة للدبلوماسية السورية من خلال ملف المناخ، الذي بات يشكل ساحة عالمية للتفاوض والتعاون.

في ظل العقوبات على سوريا يُشكل ملف المناخ مدخلاً محايداً وفعالاً لإعادة بناء الجسور مع المجتمع الدولي

الأهمية التاريخية والدبلوماسية

يرى الخبير الاقتصادي والمصرفي، الدكتور إبراهيم نافع قوشجي، في تصريح لـ “الحرّية” أنّ هذه الزيارة أول مشاركة رئاسية سورية في مؤتمر مناخي عالمي، وأول زيارة لرئيس سوري إلى أمريكا اللاتينية، ما يعكس تحولاً نوعياً في السياسة الخارجية السورية.
وفي ظل العقوبات والعزلة السياسية، يشكل ملف المناخ مدخلاً محايداً وفعالاً لإعادة بناء الجسور مع المجتمع الدولي، ويمنح سوريا فرصة لإعادة تقديم نفسها كدولة مسؤولة تسعى إلى التعافي البيئي والمساهمة في الجهود العالمية لمواجهة التغير المناخي.
وأشار الدكتور قوشجي إلى أنه ينبغي أن تحمل سوريا إلى المؤتمر رسالة تعكس التحدّيات البيئية التي تواجهها، وعلى رأسها الجفاف، وتدهور الأراضي الزراعية، وأزمة المياه، هذه التحدّيات، التي تفاقمت بفعل الحرب والتغير المناخي، تستدعي خطاباً يربط بين التعافي الوطني والتحوّل البيئي، ويؤكد التزام سوريا بمسار التنمية المستدامة، مع الدعوة إلى دعم دولي عادل وميسر.

ما بعد المؤتمر

ولتحقيق أثر فعلي بعد المؤتمر على سوريا اتخاذ خطوات عملية وفقاً لقوشجي، تشمل:
•تأسيس هيئة وطنية للمناخ تتولى متابعة الالتزامات الدولية.
•إطلاق مشاريع لإعادة التشجير ومكافحة التصحر.
•الاستثمار في الطاقة المتجددة ومعالجة المياه.
•دمج الاعتبارات البيئية في السياسات الاقتصادية والبلدية.
غير أن هذه الخطوات تواجه تحدّيات داخلية، أبرزها ضعف التمويل، تضرر البنية التحتية، ونقص الكوادر الفنية، ما يستدعي شراكات دولية فاعلة.

يُمكن لسوريا أن تلعب دوراً فاعلاً في الدبلوماسية البيئية الإقليمية خاصة في قضايا المياه والأمن الغذائي الذي يتأثر بتغير المناخ

الدور الإقليمي لسوريا

يُمكن لسوريا أن تلعب دوراً فاعلاً في الدبلوماسية البيئية الإقليمية، خاصة في قضايا المياه العابرة للحدود مع العراق وتركيا، وفي ملف الأمن الغذائي الذي يتأثر مباشرة بتغير المناخ، حسب الخبير الاقتصادي، كما يُمكنها المساهمة في تأسيس منصة تعاون بيئي شرق أوسطية، تجمع الدول المتأثرة وتدفع نحو حلول جماعية.

المؤتمر فرصة لتعزيز تحالفات سوريا مع دول الجنوب العالمي في إطار الدفاع عن مصالح الدول النامية

منصة لتحالفات الجنوب العالمي

ومن النقاط اللافتة في الحدث أن انعقاده في البرازيل يمنح سوريا فرصة لتعزيز تحالفاتها مع دول مثل البرازيل، جنوب إفريقيا، الهند، وإندونيسيا، في إطار الدفاع عن مصالح الدول النامية، خاصة في ملف “الخسائر والأضرار”، الذي يشكل محوراً تفاوضياً أساسياً في المؤتمر.
ورغم أن سوريا من الدول ذات الانبعاثات الكربونية المنخفضة، إلّا أنها من أكثر الدول تأثراً بالتغير المناخي، كما يوضح قوشجي، وبالتالي هذا الوضع يمنحها شرعية للمطالبة بآليات دعم وتمويل استثنائية، تشمل إعفاءات من الشروط التقنية المعقدة، وأولوية في الوصول إلى التكنولوجيا النظيفة.
بالمحصلة، فإن من شأن مشاركة سوريا في COP30 أن تسهم في تخفيف الضغوط السياسية، وفتح قنوات تمويل دولية لإعادة الإعمار البيئي، وتحسين صورة سوريا دولياً كدولة مسؤولة ومبادرة، كما لفت قوشجي.
كما تشكل هذه المشاركة خطوة نحو إعادة دمج سوريا في النظام الدولي عبر بوابة المناخ، بعيداً عن الملفات الأمنية التقليدية.

Leave a Comment
آخر الأخبار