خلطة الشيح مع القهوة بين الوهم والأمل.. عندما تتحول وسائل التواصل إلى مختبر علاجي شعبي

مدة القراءة 3 دقيقة/دقائق

الحرية – لوريس عمران :

غزت مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأشهر الماضية موجة من المنشورات والفيديوهات التي تتحدث بحماس عن ما يُعرف بـ”خلطة الشيح مع القهوة” والتي يزعم مروجيها أنها علاج فعّال وسريع للقضاء على الخلايا السرطانية خلال عشرة أيام فقط.

وسرعان ما تحوّلت هذه الخلطة إلى موضوع نقاش واسع بين المرضى والمتابعين، خاصة مع انتشار قصص “الشفاء المعجزة” التي يُشاركها أشخاص يروون تجاربهم الشخصية مع المرض.

وفقاً لما يتم تداوله في تلك المنشورات، تعتمد الوصفة على مزج كمية من عشبة الشيح المطحونة مع القهوة وتناولها مرتين يومياً (صباحاً ومساءً)  لمدة خمسة أيام، ثم فنجان واحد صباحاً في الأيام الخمسة التالية.

ويؤكد أصحاب هذه الوصفات أن نتائج التحاليل الطبية بعد انتهاء “البرنامج العلاجي” تُظهر شفاءً تاماً من السرطان.

العلم لايعرف المعجزات

الدكتور نديم زحلوق اختصاصي الأورام في مشفى اللاذقية  أكد لـ” الحرية “أن عشبة الشيح تحتوي فعلاً على مركبات فعالة أبرزها الأرتيميسينين، وهي مادة تُستخدم في أدوية علاج الملاريا، إذ أظهرت بعض الأبحاث المخبرية دوراً محتملاً لها في إبطاء نمو بعض أنواع الخلايا السرطانية ضمن بيئة مخبرية فقط، وليس في جسم الإنسان.

مضيفاً أنه حتى اليوم لا توجد أي دراسة سريرية موثوقة تُثبت أن تناول الشيح بهذه الطريقة قادر على القضاء على السرطان، وما يتم تداوله على الإنترنت لا يتجاوز كونه تجارب فردية غير موثقة علمياً.

وأشار الدكتور زحلوق إلى أن الإفراط في استهلاك الشيح أو غليه بتركيزات عالية قد يؤدي إلى تسمم الكبد والجهاز العصبي نتيجة احتوائه على مادة الثوجون السامة.

موضحاً أن خلطه مع القهوة يزيد من المخاطر، لأن الكافيين قد يضاعف من تأثيراته على القلب والجهاز العصبي، مما يجعل هذه الوصفة محفوفة بالمضاعفات الصحية الخطيرة.

ولفت زحلوق إلى أن البحث العلمي يسير بخطوات دقيقة وطويلة قبل اعتماد أي مادة كعلاج، حيث تبدأ من التجارب المخبرية، ثم الاختبارات على الحيوانات، وصولاً إلى التجارب السريرية المعقدة على البشر، والتي قد تستغرق سنوات لضمان الفعالية والأمان.

ويضيف: السرطان مرض معقد ومتعدد الأنواع، ولا يمكن لعشبة أو خلطة بسيطة أن تكون علاجا شاملاً له، وإلا لكان العالم كله احتفل بالشفاء منه منذ زمن.

الدور الخطير لمواقع التواصل

من جانب آخر  يرى الدكتور مرهف خضور اختصاصي في علم الاجتماع  أن انتشار هذه الخلطات “العجيبة” يعكس حاجة الناس إلى الأمل، خاصة في مواجهة أمراض قاسية كالسرطان، حيث يصبح أي خبر عن علاج محتمل شعلة أمل في ظلام المعاناة.

مبيناً أن هذه الشعلة إن لم تُضبط بالعلم والمعرفة، قد تتحول إلى وهم حقيقي حيث يدفع البعض إلى ترك العلاج الطبي الموثوق واللجوء إلى وصفات مجهولة المصدر.

وأشار خضور إلى أن معظم  الدراسات في علم الاتصال الصحي تظهر  أن الخطر الأكبر لا يكمن في المعلومة الخاطئة نفسها، بل في سرعة انتشارها عبر وسائل التواصل، خاصة عندما تكون مصحوبة بصور “تحاليل شفاء” أو شهادات مصوّرة، ما يجعلها أكثر إقناعا للمستخدم العادي.

Leave a Comment
آخر الأخبار