مدرج جبلة الروماني: شاهد على حضارة ألفي عام

مدة القراءة 2 دقيقة/دقائق

الحرية – لوريس عمران :

يقف المدرج الروماني في مدينة جبلة الساحلية بمحافظة اللاذقية شاهداً على حضارة امتدت منذ نحو ألفي عام، حيث كانت المدينة مركزاً تجارياً وثقافياً على شاطئ المتوسط.

هذا المدرج الذي بُني في العهد الروماني المبكر وربما خلال حكم الأسرة السيفيرية في القرن الثالث الميلادي، لم يكن مجرد مكان للترفيه، بل قلب الحياة الاجتماعية والثقافية للمدينة،  الجلوس اليوم على مقاعده الحجرية، بين جدرانه الصامدة، يتيح للزائر استشعار صخب الجماهير القديمة وصدى المسرحيات الموسيقية والدرامية، وكأن الزمن قد تجمّد للحظة واحدة.

يمتاز المدرج بتصميمه الروماني الكلاسيكي نصف الدائري، حيث تتدرج المقاعد الحجرية بشكل يسمح برؤية مسرح الأداء من كل زاوية، ويقدر قطره بنحو تسعين متراً، بما يتيح له استيعاب آلاف المتفرجين.

استخدام الحجر المحلي وعقوده المدروسة منح المكان متانة استثنائية، وهو ما يجعل الزائر يشعر بمهارة الرومان وقدرتهم على مزج العمارة مع البيئة الطبيعية.

زيارة المدرج تمنح تجربة فريدة تتجاوز مجرد المشاهدة، فهي رحلة عبر الزمن. يمكن تخيل أصوات الجماهير التي احتشدت هنا، واحتفالات المدينة الرسمية والدينية، واستقبال السكان والتجار والزوار من المدن المجاورة، في لحظات تجمع حضاري ساحر. بعد قرون من التحولات التاريخية، من الرومان إلى البيزنطيين ثم العهد الإسلامي، يظل المدرج شاهدآ حيآ على الماضي، يدعو كل زائر للتفكر في عراقة المدينة وتاريخها الممتد على طول الساحل السوري.

يظل المدرج حتى تاريخنا مكاناً يثير الفضول، فهو ليس مجرد نصب أثري، بل تجربة حية لمست التاريخ وفن العمارة الرومانية، والشعور بالارتباط المباشر بالحضارات القديمة التي أسست ثقافة المنطقة.

الجلوس بين جدران المدرج الصامتة هو فرصة لتعيش الماضي، حيث الفن والمجتمع والحضارة تلتقي في مكان واحد، يروي ألف حكاية لكل من يقف على حجره الصلب.

Leave a Comment
آخر الأخبار