الهوية الوطنية مشروع متجدد يستند إلى احترام التنوع والانتماء المشترك

مدة القراءة 2 دقيقة/دقائق

الحرية: رنا الحمدان :

شهدت قاعة جمعية فضا للتنمية المجتمعية في طرطوس عصر السبت محاضرة بعنوان “تشكل الهوية الوطنية والعوامل المؤثرة في تطورها” قدّمها الدكتور زيدون الزعبي، الباحث والخبير في قضايا الحوكمة والهوية الوطنية، وسط حضور من المثقفين والمهتمين بالشأن العام وعدد من طلاب الجامعات.

استهل الدكتور الزعبي محاضرته بتأكيد أن الهوية الوطنية ليست معطى ثابتاً أو مفهوماً ناجزاً، بل هي عملية مستمرة من التشكل والتطور تتأثر بالظروف التاريخية والسياسية والاجتماعية التي تمر بها الشعوب، مشيراً إلى أن الهوية السورية تحديداً تعرضت لاهتزازات عميقة خلال العقود الماضية، وازدادت ضعفاً خلال سنوات الحرب نتيجة الانقسام المجتمعي وغياب الدولة الجامعة ، داعياً إلى مواصلة الحوار بين جميع الأطياف السورية والتيارات الاجتماعية والسياسية ، وبين السلطة والناس .

وأوضح الزعبي أن عوامل تشكل الهوية الوطنية متعددة، أهمها الجغرافيا واللغة والثقافة والدين، وكذلك مؤسسات الدولة التي تمنح المواطنين شعوراً بالانتماء والعدالة والمواطنة المتساوية. ورأى أن أي اختلال في هذه العوامل يؤدي إلى تراجع الشعور بالهوية الوطنية لصالح انتماءات أصغر أو أوسع منها.

وفي حديثه عن الهويات الفرعية، شدد الزعبي على أن التعدد القومي والديني والثقافي في سوريا ليس تهديداً بل يمكن أن يكون رافعة لتعزيز الهوية الوطنية إذا ما أُدير بطريقة عادلة وشاملة. وقال: “الهويات المحلية جزء من النسيج السوري، وتقويتها لا تتعارض مع الهوية الوطنية بل يمكن أن ترفدها وتغنيها، شرط أن تبنى على قاعدة المشاركة والاحترام المتبادل لا على الإقصاء أو الهيمنة.”

كما أشار إلى أن السلطة السياسية تلعب دوراً محورياً في تشكيل الهوية، سواء عبر السياسات التعليمية والإعلامية والثقافية أو من خلال إدارة التنوع، وأضاف أن الهوية الوطنية الجامعة هي أداة سلم أهلي اليوم ، وهو مسألة مكتسبة تفرضها السلطة وتعززها ، من أجل بناء تماسك مجتمعي .

وختم الدكتور الزعبي محاضرته بالتأكيد على أن بناء هوية وطنية جامعة هو أحد أوجه الحل السياسي في سوريا، لأن غيابها يعني استمرار التفتت والانقسام. ودعا إلى رؤية وطنية جديدة تقوم على الاعتراف بالتعددية، وترسيخ مفهوم المواطنة المتساوية، وتحويل الهوية الوطنية من شعار نظري إلى إطار عملي للتعايش وإعادة بناء الدولة والمجتمع.

Leave a Comment
آخر الأخبار