الرئيس الشرع يفتح من واشنطن بوابة الاستثمار الاغترابي لإعادة إعمار سوريا

مدة القراءة 5 دقيقة/دقائق

الحرية – لوريس عمران:

في لحظة مفصلية من تاريخ سوريا، وبعد نحو أحد عشر شهراً من «صفحات النصر»، جاء لقاء الرئيس أحمد الشرع مع الجالية السورية في واشنطن ليحمل دلالات تتجاوز المجاملة الدبلوماسية.

الاجتماع الذي حضره كبار المسؤولين وفي مقدمتهم وزير الخارجية والمغتربين أسعد الشيباني، يُعدّ إعلاناً صريحاً لانطلاقة جديدة في مسار الدبلوماسية الاقتصادية، حيث تتحول الجاليات من دور رمزي إلى شريك فعلي في إعادة الإعمار وجذب رؤوس الأموال المغتربة، كما يشكّل اللقاء مؤشراً على تحوّل نوعي في استراتيجية الدولة تجاه اقتصاد المغتربين، عبر توظيف الدبلوماسية الاقتصادية كأداة فعّالة لاستقطاب رؤوس الأموال السورية في الخارج.

اقتصاد جديد بعيون المغتربين

وفي هذا السياق، يبرز رأي الخبير الاقتصادي الدكتور حسام خليلو الذي يرى في خطاب الرئيس الشرع إشارات واضحة إلى هذا التحوّل، ولاسيما في ما يتعلق بدور المغتربين في دعم الاقتصاد الوطني.

فقد بيّن الدكتور خليلو أن الخطاب ركّز على أهمية ارتباط المغتربين بوطنهم، وهو تصريح يحمل دلالات اقتصادية مباشرة.

وأشار الدكتور خليلو في حديثه لصحيفة «الحرية» إلى أن المغتربين السوريين، خصوصاً في الولايات المتحدة وكندا وأوروبا، يُعدّون اليوم أحد أكبر مصادر العملة الصعبة عبر التحويلات المالية والاستثمارات الخاصة.

كما بيّن خليلو أنه يمكن قراءة دعوة الرئيس إلى «إبقاء قنوات الاتصال مفتوحة» كإشارة إلى توجه رسمي نحو إحياء برامج استثمارية للمغتربين تشمل مشاريع إعادة الإعمار والبنية التحتية، وربما حوافز ضريبية أو قانونية تشجّع على عودة رؤوس الأموال السورية إلى الداخل، موضحاً أن حضور وزير الخارجية أسعد الشيباني يعزز فكرة أن ملف الاغتراب لم يعد مجرد شؤون جاليات، بل أصبح جزءاً من السياسة الاقتصادية الوطنية، خصوصاً في ظل الحاجة إلى تدفقات مالية جديدة غير مرتبطة بالمؤسسات الدولية أو القروض المشروطة.

استثمار وطني يعبر الحدود

وأكد الدكتور خليلو أن اللقاء مع الموفد الأميركي الخاص إلى سوريا توماس براك يحمل أبعاداً سياسية ذات أثر اقتصادي مباشر، بالإضافة إلى أن إشادة براك بعودة سوريا إلى المحيطين الإقليمي والدولي تشير إلى بوادر انفتاح أميركي – ولو محدود – تجاه سوريا، لافتاً إلى أنه في حال تُرجمت هذه الإشارات إلى خطوات عملية، مثل تخفيف بعض العقوبات أو تسهيل المبادلات الإنسانية والتجارية، فإن ذلك سيفتح الباب أمام تحريك عجلة الاقتصاد السوري عبر بوابة المغتربين في الولايات المتحدة وأوروبا.

نقطة تحول في المشهد الاقتصادي السوري

ونوّه الدكتور خليلو بأن التحضير للقاء المرتقب بين الرئيس الشرع والرئيس الأميركي دونالد ترامب في البيت الأبيض يعكس، من منظور اقتصادي، رغبة سوريا في فتح قنوات مباشرة لإعادة دمجها في الاقتصاد العالمي بعد سنوات من العزلة، ولفت إلى أن هذا اللقاء، إن تحقق بنتائج إيجابية، قد يشكل نقطة تحول في المشهد الاقتصادي السوري عبر تسهيل التحويلات المالية للمغتربين، بالإضافة إلى إعادة بعض الشركات الأميركية للعمل في مشاريع إعادة الإعمار، وإطلاق تعاون في مجالات الطاقة أو الزراعة أو التكنولوجيا.

وفي السياق نفسه، بيّن خليلو أن الحكومة السورية تنظر اليوم إلى الجاليات في الخارج كشريك اقتصادي، لا كمجرد شريحة اجتماعية، فالمغترب السوري في الولايات المتحدة يمتلك قدرات مالية واستثمارية عالية.

انفتاح مدروس يعيد الثقة للأسواق

وأكد الخبير أنه بناءً على خطاب الرئيس الشرع، يبدو أن الدولة بصدد إطلاق برامج وطنية موجهة للمغتربين تشمل إنشاء صندوق وطني للاستثمار الإغترابي، بالإضافة إلى برامج التسهيلات المصرفية والتحويلات الرسمية، وأيضاً مبادرات لربط الجامعات السورية بالمراكز البحثية في الخارج.

وأضاف أن الاجتماع في واشنطن ليس مجرد لقاء رمزي، بل هو رسالة مزدوجة إلى الداخل والخارج، حيث إن الدولة ماضية بثقة في مسار إعادة البناء، إذ تعدّ رأس المال السوري في الخارج جزءاً من الحل لا عبئاً مؤجلاً.

وفي ختام حديثه، بيّن الدكتور خليلو أن هذا التحرك يشكل توجهاً جديداً نحو الدبلوماسية الاقتصادية، حيث يتم توظيف اللقاءات السياسية لتعزيز فرص الاستثمار والتعاون التجاري، وإذا ما ترافقت هذه الجهود مع إصلاحات داخلية في بيئة الأعمال والقوانين المصرفية، فإن المرحلة المقبلة قد تشهد عودة تدريجية لرأس المال السوري المغترب، ما يسهم في تخفيف الضغط على الليرة السورية وتحريك سوق العمل.

Leave a Comment
آخر الأخبار