مؤشرات انفتاحية مبشرة للاقتصاد السوري بعد لقاء الرئيس الشرع في البيت الأبيض

مدة القراءة 6 دقيقة/دقائق

الحرية – باسم المحمد:

شكلت زيارة السيد الرئيس أحمد الشرع إلى البيت الأبيض محطة فارقة في تاريخ العلاقات الدولية لسوريا، إذ تتجاوز هذه الزيارة كونها حدثًا رمزيًا لتصبح مؤشرًا واضحًا على نجاح الدبلوماسية السورية في تعزيز حضورها الإقليمي والدولي بعد سنوات من التحديات والأزمات.
لقد أثبتت سوريا، تحت قيادة الرئيس الشرع، أنها لم تعد مجرد “ملف” تُدار حوله الصراعات الإقليمية والدولية، بل أصبحت دولة فاعلة تمتلك القدرة على التأثير في مسارات الأحداث، وشريكًا استراتيجيًا يمكن الاعتماد عليه. هذا التحول يعكس مدى الذكاء في إدارة السياسة الخارجية السورية، التي تمكنت من تحقيق توازن بين المصالح الوطنية ومتطلبات التعاون الدولي.
إن هذه القفزة النوعية في مكانة سوريا الدولية لا تخدم مصالحها فقط، بل تصب في مصلحة المنطقة بأكملها، فعندما تصبح سوريا مستقرة وفاعلة يمكنها أن تلعب دورًا محوريًا في تعزيز الاستقرار الإقليمي، ومكافحة الإرهاب، ودعم عملية التنمية في محيطها. كما أن هذه الخطوة تفتح آفاقًا جديدة للتعاون الاقتصادي والسياسي والثقافي، وتؤكد على قدرة الدولة السورية على استعادة سيادتها ومكانتها على الساحة الدولية.
زيارة الرئيس الشرع للبيت الأبيض ليست نهاية الطريق، بل بداية مرحلة جديدة من الفاعلية والسيادة والشراكة الدولية الحقيقية، فهي تضع سوريا في قلب الحوار العالمي، وتبرز نجاح الدبلوماسية السورية في تحويل التحديات إلى فرص، لتؤكد للعالم أن دمشق قادرة على أن تكون لاعبًا رئيسيًا ومسؤولًا في صنع المستقبل الإقليمي والدولي.

مؤشرات مبشرة

نوه وزير المالية والاقتصاد السابق في الحكومة السورية المؤقتة، والأكاديمي الدكتور عبد الحكيم المصري بداية بأن ما حصل أمس هو تمديد لتعليق العقوبات في المجالات الإنسانية، أي إن العقوبات لم تُرفع بشكل كامل، إذ يتطلب ذلك موافقة الكونغرس الأمريكي بمجلسيه الشيوخ والنواب، ليصدر بعدها الرئيس الأمريكي قراراً برفع العقوبات.
لكن الأمر الإيجابي، بحسب المصري في تصريحه لـ”الحرية”، هو أن مجلس الشيوخ وافق بأغلبية 77 صوتاً من أصل 100 على رفع العقوبات وإعادة الموازنة الموجودة ضمن وزارة الدفاع، وتم رفع القرار إلى مجلس النواب لإعادة دراسته وإقراره.
وأشار المصري إلى أن الرئيس الشرع التقى رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب، الذي كان معارضاً سابقاً لرفع عقوبات “قانون قيصر”، إلا أن تصريحاته بعد اللقاء أظهرت تغير وجهة نظره، وهو ما يُعد مؤشراً كبيراً على احتمال رفع العقوبات بشكل كامل.

فرص استثمارية كبرى في الأفق

إذا ما تم رفع العقوبات، يؤكد المصري أن سوريا تمتلك فرصاً استثمارية واسعة في مجالات إعادة الإعمار، والبنى التحتية، والنفط، والسياحة وغيرها، خاصة بعد إزالة الطغمة الحاكمة التي كانت تستأثر بكل شيء.
وأضاف أن العديد من المستثمرين الدوليين والعرب والمحليين أعلنوا عن رغبتهم في الاستثمار داخل سوريا، لكن كانت لديهم مخاوف من العقوبات، مشيراً إلى أن إزالة هذه العقبة ستفتح الباب أمام انفتاح استثماري كبير.
وأوضح المصري أن المستثمر يحتاج إلى بيئة استثمارية آمنة، ومن أهم شروطها رفع العقوبات الخارجية وتوفير تسهيلات من قبل الدولة، ضمن ضوابط محددة. كما شدد على تشجيع المستثمرين السوريين في الخارج، الذين استثمروا في دول مثل تركيا ومصر والأردن ما بين 60 إلى 70 مليار دولار، على العودة للاستثمار في وطنهم من خلال ضمان العدالة وإنشاء محاكم استثمارية متخصصة أو مراكز تحكيم سريعة البت في النزاعات التجارية.

القطاع المصرفي والعودة إلى نظام “سويفت”

وأشار المصري إلى أنه في حال إلغاء العقوبات، سيرتبط النظام المصرفي السوري أتوماتيكياً بنظام “سويفت” للحوالات المالية الدولية، لكنه لفت إلى وجود ضرورة لإبعاد بعض المساهمين الكبار الخاضعين للعقوبات عن مجالس إدارات المصارف الخاصة وتجميد حصصهم، تمهيداً لعودة سوريا إلى النظام المالي العالمي.
كما دعا إلى تطوير القطاع المصرفي السوري ليتوافق مع متطلبات لجنة بازل في مجالات إدارة المخاطر والسيولة ورأس المال، بما يسهل حركة الحوالات ويقلل التكاليف والمخاطر التي كان يتعرض لها المستثمرون.

استقرار سعر الصرف

وحول سعر الصرف، أوضح المصري أن الخطر لا يكمن في انخفاض قيمة الليرة السورية، بل في عدم استقرارها، وهو ما يتطلب تحقيق استقرار اقتصادي وسياسي واجتماعي. وأكد أن رفع العقوبات سيساهم في الحد من السوق السوداء وتقليص الفارق بين سعر شراء الدولار وسعر بيعه، ما سينعكس إيجابًا على استقرار سعر الليرة السورية.

التعاون مع البنك الدولي والمشروعات الصغيرة

أوضح المصري أن الوكالة الدولية لضمان الاستثمار التابعة للبنك الدولي، يمكن أن تلعب دوراً مهماً في ضمان الاستثمارات الدولية ضد المخاطر السياسية، داعيًا إلى التنسيق مع البنك الدولي لتشجيع الاستثمارات الخارجية والاستفادة من القروض التنموية التي يقدمها، شريطة حسن إدارتها من قبل الدولة بما ينعكس إيجاباً على الاقتصاد الوطني.
كما دعا الأكاديمي الاقتصادي إلى دعم المشروعات الصغيرة وتمويلها بشروط ميسرة، والاستفادة من الانفتاح التجاري المتوقع بعد رفع العقوبات.
وأشار إلى ضرورة توفير حاضنات تسويقية وإنتاجية لهذه المشاريع، بحيث تصبح منتجاتها مدخلات للمشروعات الاستثمارية الكبرى، ما يحقق تكاملاً بين مختلف قطاعات الاقتصاد.

تحسن التصنيف الائتماني وزيادة ثقة المستثمرين

وفي ختام حديثه، أكد الدكتور المصري أن تحقيق الاستقرار الاقتصادي والسياسي والاجتماعي سيؤدي إلى تحسن التصنيف الائتماني لسوريا من قبل وكالات التصنيف الدولية، وهو ما يعزز ثقة المستثمرين، ويعود بالنفع على الاقتصاد الوطني والمواطن السوري.
فمع مؤشرات رفع العقوبات وتزايد الثقة الدولية، تبدو سوريا مقبلة على عهد من التعافي والتنمية والاستقرار، ما يجعلها وجهة واعدة للاستثمار في المنطقة.

 

 

 

 

Leave a Comment
آخر الأخبار