لقاء الشرع وترامب.. إشارة البداية لعهد اقتصادي سوري مختلف

مدة القراءة 4 دقيقة/دقائق

الحرية – هناء غانم:

اكد الدكتور والباحث الاقتصادي حيّان البرازي، أن زيارة الرئيس الشرع إلى واشنطن تمثل لحظة تاريخية في العلاقات السورية – الأميركية، إذ تأتي بعد أكثر من ستين عاماً من القطيعة بين قيادتي البلدين، وتحمل في طياتها مؤشرات سياسية واقتصادية عميقة.

وأشار البرازي في حديثه لـ”الحرية” إلى أن لقاء الرئيس السوري مع ترامب لم يكن لقاءً بروتوكولياً بقدر ما كان خطوة استراتيجية لفتح صفحة جديدة من التعاون والحوار بين دمشق وواشنطن، بعد سنوات طويلة من العزلة والعقوبات التي أثرت بشكل مباشر على الاقتصاد السوري في مختلف قطاعاته.

رفع القيود عن حركة السلع وتحول اقتصادي مرتقب

وأوضح البرازي أن رفع القيود عن حركة السلع سيمثل تحولاً جوهرياً في المشهد الاقتصادي السوري، إذ سيسمح بتدفق البضائع والتقنيات المتطورة إلى السوق المحلية، ويُسهم في خفض تكاليف الإنتاج وتحسين جودة السلع والخدمات.

وأضاف إن هذا الانفتاح سيزيد من حدة المنافسة داخل السوق السورية، ما يدفع الصناعات الوطنية لتطوير أدائها ورفع كفاءتها لمواكبة المعايير الدولية، لكنه شدّد على ضرورة تبنّي سياسات حماية ذكية تحافظ على مصالح المنتج المحلي وتمنع إغراق السوق بمنتجات أجنبية رخيصة قد تضر بالقطاع الصناعي الناشئ.

السلع الأمريكية والقطاعات الأكثر استفادة

وبيّن د. البرازي أن رفع الترخيص عن السلع المدنية الأميركية سيفتح المجال أمام استيراد المعدات الطبية والزراعية والتكنولوجية والسيارات ومنتجات الطاقة المتجددة، ما سيعيد الحيوية إلى القطاعات الخدمية والإنتاجية.

كما أن رفع القيود عن التحويلات البنكية والتأمين التجاري سيساهم في استقرار سعر الصرف وتنشيط الدورة الاقتصادية الداخلية.

الشركات الأميركية والفرص الاستثمارية

وأشار البرازي إلى أن سلوك الشركات الأميركية والدولية سيتغير بعد رفع العقوبات، فهي تتعامل وفق منطق المصلحة والاستقرار، وتحتاج إلى بيئة قانونية واضحة وضمانات استثمارية حقيقية قبل دخولها السوق السورية.

واعتبر أن رفع العقوبات يُعدّ إشارة أولى لإعادة الثقة الدولية بالاقتصاد السوري، لكنه شدّد على أن هذه الخطوة لن تكون كافية ما لم تُترجم داخلياً عبر إصلاحات اقتصادية وتشريعية تعزز الشفافية وتضمن استدامة الثقة.

الثقة مشروطة بالإصلاح

وأكد البرازي أن رفع العقوبات يمثل رسالة ثقة أولية لصنّاع القرار في القطاع الخاص، مشيراً إلى أن التحول في الموقف الأميركي تجاه سوريا يعبّر عن نية جديدة للتعاون.

لكنه أوضح أن هذه الثقة ستبقى مشروطة بمدى قدرة الحكومة السورية على تحقيق شفافية مالية وإدارية وتطوير بيئة أعمال قائمة على المنافسة العادلة، إلى جانب إعادة بناء النظام المصرفي بما يتوافق مع المعايير الدولية.

القطاعات الجاذبة والتحديات المقبلة

ورأى د.البرازي أن سوريا تمثل فرصة استثمارية عالية العائد لكنها تحمل مخاطر مرتفعة، موضحاً أن القطاعات الأكثر جذباً ستكون الطاقة، وإعادة الإعمار، والبنية التحتية، والاتصالات، والسياحة.

وأشار إلى أن جذب رؤوس الأموال إلى هذه القطاعات يتطلب اتفاقيات لحماية الاستثمار وضمان الاستقرار الأمني وتبسيط الإجراءات الإدارية، مع التمييز بين رفع العقوبات كإجراء خارجي، وضمان بيئة الاستثمار كمسؤولية داخلية.

صفحة جديدة في التاريخ الاقتصادي السوري

وخلص د.البرازي بأن زيارة الرئيس الشرع إلى واشنطن تمثل فرصة استراتيجية نادرة لإعادة تموضع سوريا اقتصادياً وسياسياً على الساحة الدولية، ونجاح هذه المرحلة يعتمد على قدرة الدولة في تحويل الانفتاح السياسي إلى واقع اقتصادي ملموس، يقوم على الثقة والشفافية والمصلحة المشتركة، لتحقيق التنمية المستدامة واستعادة مكانة سوريا الإقليمية والدولية.

Leave a Comment
آخر الأخبار