الحرية – سامي عيسى:
قرار تخفيض أسعار المحروقات يحمل إيجابية كبيرة، لا تتعلق فقط بجوانب إنتاجية، واقتصادية بحتة، بل تتعلق بجوانب اجتماعية ومعيشية، تسعى الحكومة بكل أجهزتها للتخفيف من الأعباء المادية والإنتاجية التي أفرزتها سنوات الحرب وتركت ٱثاراً سلبية وضغوطات كبيرة على الأسرة السورية أولاً، وعلى الحالة الاقتصادية العامة ثانياً.
لذلك فإننا نجد أن هذا القرار يأتي في سياق الجهود الحكومية المستمرة، لإعادة التوازن إلى السوق المحلية، ودعم القطاعات الإنتاجية والخدمية، بما يخدم الاقتصاد الوطني بصورته العامة والخاصة.
انعكاسات إيجابية على القطاعات الحيوية..
القطاع الاقتصادي والإنتاجي أكثر القطاعات استفادة من قرار تخفيض المحروقات، فالتاجر فيصل المنان أكد خلال تصريحه لـ”الحرية” أن تخفيض أسعار المحروقات سينعكس إيجاباً على عدة قطاعات رئيسية في مقدمتها:
– قطاع النقل والشحن: يعتبر هذا القطاع المستفيد الأول، حيث يؤدي انخفاض أسعار الوقود إلى خفض تكاليف التشغيل لمركبات النقل العام والخاص وشاحنات الشحن، هذا الانخفاض المباشر في التكاليف من المتوقع أن ينعكس على أسعار نقل البضائع والسلع، ما يساهم في استقرار الأسعار النهائية للمستهلك.
– إلى جانب القطاع الصناعي، حيث تعتمد العديد من الصناعات بشكل كبير على المحروقات لتشغيل الآلات وتوليد الطاقة، تخفيض الأسعار يقلل من تكلفة مدخلات الإنتاج، ما يمنح المصانع السورية ميزة تنافسية أكبر في الأسواق المحلية والخارجية، ويشجع على زيادة الطاقة الإنتاجية.
تعزيز الأمن الغذائي
وأضاف “المنان”: من الضروري هنا التركيز على القطاع الزراعي، باعتباره أكثر القطاعات حاجة للدعم، حيث تستخدم الآليات الزراعية (الجرارات، مضخات الري) كميات كبيرة من الوقود، وانخفاض أسعار المحروقات يقلل من تكلفة الإنتاج الزراعي، ما يدعم الفلاحين ويساهم في خفض أسعار المنتجات الزراعية الأساسية، وبالتالي تعزيز الأمن الغذائي، إلى جانب استفادة قطاعات الخدمات المختلفة، بما في ذلك المستشفيات والمؤسسات التعليمية والمخابز، من انخفاض تكاليف التشغيل، ما يساهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.
دعم القوة الشرائية للمواطن..
وبالتالي كل مراحل الدعم والاستفادة للقطاعات المذكورة من شأنها أن تترك ٱثاراً إيجابية تتعلق بتخفيف الضغط التضخمي على الأسعار النهائية، وبما أن تكلفة الطاقة والنقل تمثل جزءاً كبيراً من سعر أي سلعة أو خدمة، فإن خفضها يساهم في:
– استقرار الأسعار من خلال الحد من التضخم الناتج عن ارتفاع تكاليف التشغيل.
– دعم القوة الشرائية: تحسين القدرة الشرائية للمواطنين، خاصة ذوي الدخل المحدود، من خلال خفض تكاليف النقل اليومي وتكاليف السلع الأساسية.
وخلص “المنان” خلال حديثه إلى أن القرار الحكومي بتخفيض أسعار المحروقات يمثل خطوة استباقية لدعم عجلة الإنتاج، وتحفيز النمو الاقتصادي، وتحقيق استقرار نسبي في الأسواق، ما يعكس حرص الحكومة على دعم المواطن والقطاعات المنتجة في آن واحد.
حوامل الطاقة عامل أساسي في حسابات التكلفة
في السياق والاتجاه نفسه يرى الخبير الاقتصادي الدكتور محمد جغيلي أن انخفاض أسعار حوامل الطاقة ينعكس إيجاباً على كل القطاعات الاقتصادية، سواء الصناعية أو الزراعية أو الخدمية، مشيراً إلى أن حوامل الطاقة تمثل العامل الأساسي في تكاليف الإنتاج والخدمة.
وأوضح “جغيلي ” أن أهمية هذا التخفيض تتضاعف في ظل غياب البدائل الكافية، حيث لا يزال إنتاج الطاقة الشمسية أقل بكثير من 10% من الحاجة العامة، ولا يمكن الاعتماد عليها لتشغيل المنشآت الصناعية الكبيرة والآلات الزراعية الثقيلة أو لتغطية احتياجات التدفئة المنزلية.
زيادة الدعم للقطاعات الإنتاجية..
الدكتور جغيلي شدد على أن التخفيض الحالي، رغم إيجابيته “غير كافٍ” ليتناسب مع دخول المواطنين، خاصة فيما يتعلق بمستلزمات التدفئة الشتوية، مع التأكيد على ضرورة دعم الإنتاج الزراعي، الذي يعتبر تخفيض تكاليفه أهم حالات الدعم لتمكين المنتج من المنافسة، والمواطن من الشراء، مشيراً إلى أن كل دول العالم تدعم المشتقات النفطية التي تباع للمنتجين في قطاعي الزراعة النباتي والحيواني.
ودعا إلى ضرورة تخفيض أسعار حوامل الطاقة بشكل أكبر، لكي يتمكن المنتج الصناعي من خفض تكلفته، وبالتالي يصبح المنتج في متناول المستهلك.
توفير حوامل الطاقة أساس النهضة..
ويرى”جغيلي ” أن أي نهضة صناعية أو زراعية أو اقتصادية لا يمكن أن تنهض إلا بتوفير حوامل الطاقة بأسعار تتناسب مع الدخل الشهري للمواطن، وهنا لا نستطيع تجاهل عنصر مهم من مصادر الطاقة التي تستوجب الدعم أيضاً، حيث طالب الخبير الاقتصادي بضرورة دعم الغاز المنزلي والصناعي، مشيراً إلى أن أسعار المشتقات النفطية كانت تباع في السابق بضعف تكلفتها العالمية.
وبالنهاية فإن ما جرى من تخفيض يعتبر خطوة أكثر من هامة نتمنى أن تستمر، بهدف إطلاق النهضة الاقتصادية بمختلف جوانبها، وتمكين المواطن من العمل والإنتاج وتوفير الأمن الغذائي على مستوى الوطن والمواطن، وتأمين حياة كريمة واستقرار اقتصادي يكتسب صفة الديمومة والقوة.