الحرية – لوريس عمران:
يشهد الاقتصاد السوري مرحلة دقيقة من التحوّل، حيث تتداخل فيها متطلبات الإصلاح المالي مع الحاجة الملحّة لإعادة بناء الثقة بالسوق الوطنية، وفي هذا السياق، يؤكد الخبير الاقتصادي الدكتور حسام خليلو لـ«الحرية» أن إعادة التوازن النقدي، ولاسيما بين سعر الصرف وحركة السوق، أصبحت محوراً أساسياً في إستراتيجية التعافي، باعتبارها المدخل الحقيقي لاستعادة الاستقرار الاقتصادي.
تراجع الحاجة إلى السوق السوداء
وأوضح الدكتور خليلو أن العقوبات التي فُرضت على سوريا خلال الأعوام الماضية تركت أثراً بالغاً على قدرة المؤسسات النقدية في ضبط الأسواق، حيث أثقلت حركة التداول المالي ورفعت مستوى المخاطر في العمليات التجارية، مضيفاً، أنه مع بدء رفع العقوبات وتخفيف القيود الخارجية، بدأت بوادر مرونة جديدة تظهر في المشهد الاقتصادي، انعكست في سلوك المتعاملين واتجاهات الطلب على الدولار، وبيّن أن تراجع الحاجة إلى السوق السوداء سيكون نتيجة طبيعية لتحسّن فعالية القنوات الرسمية، سواء في التحويلات أو في تمويل الاستيراد، مشيراً إلى أن الثقة بهذه القنوات ازدادت وانخفضت تكلفتها، ما قلّل الحافز للتعامل بطرق غير نظامية، وأعاد الانضباط إلى السوق وحصّن سعر الصرف ضمن إطار مؤسساتي أكثر استقراراً.
خبير اقتصادي: تراجع السوق السوداء يمهّد لمرحلة جديدة من الاستقرار والاستثمار في سوريا
الحد من الفوضى المالية
ولفت الخبير الاقتصادي إلى أن ارتفاع الاعتماد على الجهاز المصرفي يعيد إليه دوره الحقيقي في خدمة النشاط الاقتصادي، من خلال توجيه الموارد المالية نحو القطاعات الإنتاجية والخدمية والبناء. وأكد أن هذا التحول يشكّل خطوة جوهرية في مسار الإصلاح، حيث يُسمح بإدارة الأموال ضمن منظومة قانونية واضحة تعزّز الشفافية وتحد من الفوضى المالية. كما شدّد على أن الانفتاح الاستثماري، ولا سيما دخول المستثمرين عبر القنوات الرسمية، يشكّل فرصة محورية في المرحلة الراهنة، موضحاً أن المستثمر المحلي والخارجي حين يشعر أن البيئة الاقتصادية قادرة على حماية حقوقه وتسهيل حركته، تبدأ رؤوس الأموال بالتدفق التدريجي نحو السوق السورية، ما يعكس نشاطاً في مختلف القطاعات الحيوية.
إصلاح اقتصادي متوازن
تقف سورية اليوم على أعتاب مرحلة جديدة تسعى فيها إلى إعادة التوازن بين السياسات النقدية واحتياجات السوق، وبين دور الدولة والقطاع الخاص، وبين الاقتصاد الوطني ومتطلبات الانخراط في النظام الاقتصادي العالمي. ومع استمرار الإصلاح المالي والإداري وتوسيع الانفتاح المدروس، يمضي الاقتصاد السوري نحو بيئة أكثر قدرة على تحقيق الاستقرار ودفع النمو وتعزيز الثقة.