تشرد الأطفال واقع مأساوي يهدد النسيج المجتمعي

مدة القراءة 3 دقيقة/دقائق

الحرية – ياسر النعسان:

تشكل ظاهرة التشرد في سوريا إحدى أشد تداعيات المشكلة الإنسانية التي عصفت بالبلاد منذ سنوات، حيث تحولت هذه القضية من حالة استثنائية إلى واقع مأساوي يطول مئات الآلاف من السوريين، لا سيما الفئات الأكثر ضعفاً كالأطفال والنساء وكبار السن.

جذور متشعبة..

تعود جذور ظاهرة التشرد في سوريا إلى تداخل عوامل متعددة، أبرزها النزوح القسري الناتج عن العمليات العسكرية التي نفذها النظام البائد على المدنيين، وتدمير البنى التحتية والسكنية، والانهيار الاقتصادي المدمر، وفقدان آلاف العائلات لمصادر دخلها، إضافة إلى فقدان ملايين السوريين للمسكن الآمن،

مأساة أطفال صحنايا…نموذج للكارثة الإنسانية..
تتجلى فداحة هذه الظاهرة بشكل صارخ في حالة بلدة صحنايا بريف دمشق، حيث رصدت عدسة الحرية لقطات لاطفال يعيشون في ظروف إنسانية بالغة القسوة، هؤلاء الأطفال، الذين فقدوا مأواهم بسبب الدمار، يقضون أيامهم ولياليهم بين الأنقاض وفي الشوارع، محرومين من أبسط مقومات الحياة الكريمة، يعاني هؤلاء الاطفال من انعدام المأوى الآمن، ويتعرضون لتقلبات الطقس القاسية بين حر الصيف وبرد الشتاء، كما يفتقرون إلى الرعاية الصحية والتغذية السليمة والتعليم، والأكثر إيلاماً أن العديد منهم تعرض لفقدان أحد الوالدين أو كليهما، ما جعلهم عرضة للاستغلال بكافة أشكاله.

تداعيات خطيرة على المجتمع السوري ..

ويوضح الأخصائي الاجتماعي والنفسي لؤي حمادة أن ظاهرة التشرد تمثل تهديداً وجودياً للمجتمع السوري بمختلف أبعاده، فهناك تداعيات إنسانية، لكونها شكل انتهاكاً صارخاً للكرامة الإنسانية وحقوق الإنسان الأساسية، حيث يحرم المشردون من الحق في السكن الآمن والرعاية الصحية والتعليم.
وأضاف: إن هناك تداعيات صحية.. حيث يؤدي انعدام المأوى الملائم وتردي الظروف المعيشية إلى انتشار الأمراض والأوبئة، مع عدم توفر الرعاية الصحية الكافية لمواجهتها.
ولا يمكن أن نغفل وجود تداعيات نفسية إذ يخلِّف التشرد آثاراً نفسية عميقة على الأفراد، خاصة الأطفال، تتراوح بين الاكتئاب والقلق واضطرابات ما بعد الصدمة، ما يؤثر سلباً على قدرتهم على الاندماج الإيجابي في المجتمع. واخيراً.. هناك تداعيات اجتماعية حيث يؤدي تفشي التشرد إلى تفكك النسيج الاجتماعي، وانهيار الروابط الأسرية، وزيادة معدلات الجريمة والعنف ما ينعكس على الاقتصاد.
الأمر الذي يفقد المجتمع طاقات بشرية قادرة على المساهمة في عملية البناء والإعمار، كما تستنزف موازنات الدولة والمنظمات الإغاثية في محاولة معالجة هذه الظاهرة

جرس إنذار

وختم حمادة بالقول تشكل ظاهرة التشرد في سوريا، كما تتجلى في مأساة أطفال صحنايا وغيرهم، جرس إنذار ينبغي أن يدفع كافة الأطراف المحلية والدولية إلى تحمل مسؤولياتها، فمعالجة هذه الكارثة الإنسانية تتطلب جهوداً متكاملة تشمل توفير المأوى الطارئ، والرعاية الصحية والنفسية، وبرامج إعادة الدمج المجتمعي، وإعادة الإعمار، في إطار حل سياسي شامل يضع حداً لمعاناة الشعب السوري.

Leave a Comment
آخر الأخبار