الحرية_هويدا محمد مصطفى:
تميزت أعمال الفنانة التشكيلية وسام دعبول بصياغة واقعية ذات إطار كلاسيكي مستمد من إيقاعات أشكال وألوان عفوية اللمسة المنحازة نحو أجواء الرسم الواقعي المعاصر متبعة خطوات والدها الفنان سمير دعبول، فيما استمدت عناصر فنها عبر إحياء التراث والعودة إلى ذاكرة التاريخ والتراث السوري، وهذا ترك أثراً كبيراً لعشقها الرسم فيما أضاف جمال المدينة الساحلية لهذا الشغف.
رحلة الشغف
بدأت رحلتها الفنية منذ المرحلة الابتدائية فقد جذب رسم الصغيرة وسام معلميها فقاموا بدعمها، وحثها على ارتياد المدرسة التخصصية في مدينة اللاذقية. لكن الأثر الأكبر كان لوالدها الذي اعتادت مراقبة مزجه للألوان وطريقة رسمه للخطوط والأشكال ووضع الظلال.
أما خطوتها الاحترافية فكانت بعد دراستها اللغة الإنكليزية، حين استمرت بالرسم باستعمال ألوان الفحم والباستيل، والألوان المائية على الأقمشة والزجاج. وكان لهدوء منزلها وموقعه البحري أثر كبير بإلهامها وتعلقها بهذا الفن الرائع الذي أصبح ملاذها وعالمها الذي لا تتنفس إلا من خلاله، فكانت لوحاتها الأولى من وحي الطبيعة الرائعة، فيما نقلت لوحات لبعض الفنانين العالميين.
تأثر وتحديات
تأثرت الفنانة وسام بالمذهب الكلاسيكي الواقعي وبفناني النهضة والعصور الوسطى، التي كانت لوحاتهم ومازالت منارة الفن إبداعاً وروعة.
وكانت بعض لوحاتها منقولة للفنان ماريللو ورفائيل، وعلى حد قولها فقد اختارت هذا المذهب لأنه يحاكي الواقع ويجسد عظمة ما صنعته يد الخالق بدون تحريف. ولأنه المذهب الأكثر صعوبة لا ريب أنه يمثل تحدياً لا يقبل الوقوع بالخطأ بعكس المذاهب الأخرى كالسريالي والتجريدي الذي يعطي للفنانين الحيز الأكبر من الحرية والاسترسال بلا قيود.
ولأن الواقعية التحدي الأكبر لها. أكدت على أهمية المجاهرة بقدرة اللوحة الواقعية عبر استحضار اللمسة اللونية المتحررة والمدى التصويري الفراغي، المتعارض مع معطيات الصورة الفوتوغرافية، المفتوحة على نوافذ الارتقاء الجمالي، في تعبير المشاهد الأنثوية والتي تتجسد في إيحاءات وهواجس الافتتان الأنثوي، هكذا تتميز أعمال الفنانة وسام دعبول بخصوصية فنية وبحث عن آفاق جديدة من خلال الدمج مابين الكلاسيكي والواقعي لإعلان صياغة خاصة بتقنية المناخات اللونية الأكثر شاعرية في المشهد الحالم الذي يفيض بالغوص في تنويعات جمالية المنظر الطبيعي.
حملت دعبول صياغة كلاسيكية رصينة توخت الدقة في الرسم والتأليف وتدرجات اللون، عبر استعادة مشاهد ميثولوجية معروفة منفلتة نحو معطيات الأسطورة حيث المرأة آلهة وحب وشعر. كما أضفت على لوحاتها المزيد من العفوية والتلقائية باستخدام خليط ألوان ومواد مختلفة، لتحقيق إيقاعية بصرية شاعرية في المدى التصويري التعبيري.
وقبل الختام تجد الفنانة وسام دعبول أن المذاهب الأخرى تحاكي الشعور والإبداع وهي الواجهة الثقافية لكل بلد ويبقى لكل إنسان تفضيلاته. وأن مذهب الفن الحديث هو الأكثر انتشاراً وانطلاقاً أكثر من الفن الواقعي. لكن تبقى الواقعية عالمها وعشقها حيث تكشف من خلال فنها عن تموجات الحالة الداخلية العاطفية التي تجسد أحلام المشهد وتجعله يتنفس إيقاع الفرح عبر تبدلات الإشارات والحركات والدرجات اللونية والضوئية.
فيما تظل العلاقة بين اللمسة والأخرى في اللوحة، علاقة عقلانية تستمد حيويتها من معطيات الواقع.
وختاماً نذكر أن للفنانة أعمالاً فنية لإحياء التراث السوري والتي ستقام في متحف مدينة عكار التابع لمطرانية الروح الأرثوذكس حيث ستقدم مجموعة لوحات تراثية عن الحياة الريفية ونمط الملابس وبعض العادات والتقاليد من التراث السوري.