الحرية – سناء عبد الرحمن:
حققت سوريا انتصاراً سياسياً وشعبياً كبيراً، مُعلنة بداية مسار جديد لإعادة البناء وترسيخ أسس الدولة الحديثة، وفي الذكرى الأولى للتحرير، يبرز السؤال: هل ستنجح الدولة في تحويل هذا الإنجاز العظيم إلى مشروع مستدام للاستقرار والنهضة؟
تغيير جذري في الرؤية السياسية
المحلل السياسي نزار فجر بعريني يؤكد أن التغيير في الرؤية السياسية جاء نتيجة تفاعل عوامل داخلية وخارجية معقدة. فمن جهة، كان لا بدّ من تحقيق توافق واسع بين القوى السورية الفاعلة، ومن جهة أخرى لعبت العلاقات مع القوى الداعمة لقسد – وخاصة الولايات المتحدة وفرنسا – دوراً كبيراً في إعادة تشكيل التوازنات السياسية.
مشروع إعادة بناء سوريا الجديدة
وقال بعريني: قدّم الرئيس أحمد الشرع خلال «مؤتمر النصر» مشروعاً شاملاً لإعادة بناء سوريا، لا يقوم فقط على إعادة الإعمار العمراني، بل يتعداه إلى إعادة بناء الدولة ومؤسساتها وهويتها السياسية، ويرى الشرع أن ذلك ممكن من خلال بناء مؤسسات قوية وموحدة، وتعزيز العلاقات الخارجية، والسعي الحثيث لرفع العقوبات الاقتصادية بالكامل. ويرى بعريني أن هذا التوجه الدبلوماسي جزء أساسي من معادلة الاستقرار الاقتصادي المستقبلي.
نحو نظام سياسي موحد
ويؤكد بعريني أن تبني نظام رئاسي مركزي يضمن وحدة القرار السياسي والسلطة التنفيذية، مع دستور جديد يصاغ على أسس العدالة وتكافؤ الحقوق، سيعيد توحيد البلاد ويضمن حصر السلاح بيد الدولة، وهو الخيار الأكثر واقعية في ظل الظروف الحالية.
مسار دبلوماسي
ويضيف بعريني؛ لقد شهدت دمشق انعقاد «مؤتمر الحوار الوطني السوري» في شباط 2025، حيث وُضعت أسس العملية الدستورية وصيغت خطوات العدالة الانتقالية، وفي آذار من العام نفسه، تم توقيع الإعلان الدستوري المؤقت الذي ينظم السلطة خلال السنوات الانتقالية الخمس، على المستوى الدولي، حققت سوريا أموراً مهمة، كتعليق عقوبات أوروبية في شباط 2025، ورفع معظم العقوبات الاقتصادية في أيار 2025، ويرى بعريني أن هذا التطور سيفتح الباب لأكبر موجة دعم اقتصادي وسياسي منذ سنوات.
زيارة تاريخية
وقال بعريني في أيلول 2025، سجّل الرئيس الشرع حضوراً تاريخياً في الولايات المتحدة، للمرة الأولى منذ عام 1967. وخلال الزيارة، أكد الشرع رغبته الواضحة في رفع العقوبات وتعزيز التعاون، ما أثار اهتمام واشنطن والدوائر السياسية هناك.
التحديات كثيرة
ورغم الإنجازات والاختراقات الدبلوماسية، يؤكد بعريني أن التحديات الداخلية لا تزال قائمة: مثل رفض قوات سوريا الديمقراطية «قسد» دمج مؤسساتها في الدولة المركزية، استمرار عقوبات قيصر، ووجود حركات انفصالية في الساحل والسويداء تشكل تهديداً للاستقرار الوطني. والسؤال يبقى: هل ستتمكن الحكومة السورية من تجاوز هذه التحديات؟ وهل سينجح مشروع إعادة البناء في تحقيق ما ينتظره الشعب السوري؟
ختاماً
ويختم بعريني بالقول إن ما بعد «مؤتمر النصر» ليس كما قبله، فالقرارات التي اتخذت والاختراقات السياسية والدبلوماسية ليست سوى بداية لمرحلة طويلة لكنها واعدة، ومع بقاء ملفات كالعلاقة مع قسد ورفع العقوبات الاقتصادية بالكامل في الواجهة، تبقى القدرة على إدارة هذه التحديات هي المعيار الحقيقي لنجاح المرحلة الانتقالية ومستقبل سوريا.