الحرية – مايا حرفوش :
بعد مرور عام على انتصار الثورة السورية وسقوط النظام الديكتاتوري، حققت البلاد مؤشرات اقتصادية وسياسية هامة جداً تؤسس لبداية مرحلة تعافي وانطلاق سوريا الجديدة، والأسئلة المطروح هنا، ما هي الخطوات التي قطعتها سوريا على طريق التعافي الاقتصادي؟ وما هي ملامحه، وما هو أثر التحرير على اقتصاد السوق بشكل عام ؟
التخلص من اقتصاد النفوذ
الخبير الاقتصادي أنس فيومي قال بحديثه لـ”الحرية” : من المؤكد أننا مازلنا في مرحلة الاهتزاز الاقتصادي ولم يستقر في العديد من الجوانب، وهذا وضع طبيعي بعد مخلفات فوضى وفساد امتدت لعقود طويلة، فمن الصعب على اليد مهما كانت سحرية أن تمتد خلال عام واحد لتنقله إلى اقتصاد معافى قوي أرضيته صلبة ، وإن كان توجهه اليوم يسير باتجاه سليم .
لذلك نستعرض سريعاً الجوانب الإيجابية التي تؤيد كلامنا خلال العام الماضي وما هي الرؤية نحو الأيام القادمة .
وبحسب فيومي فإن أهم ما يميز الوضع الجديد هو التخلص من ما يسمى اقتصاد النفوذ بعد أن كانت بعض السلع يتحكم بها أشخاص مقربون من الحكم كالنفط والحديد والسكر، عدا عن المحسوبيات وتجيير القرارات لمصلحة بعض المتنفذين، فما كان يصدر قرار سماح باستيراد سلعة ما حتى تفرغ السفن حمولتها بعد ساعات في المرفأ ليصدر قرار آخر بمنع استيراد هذه السلعة في اليوم التالي، وإن تجاوز استيراد بعض المواد الحدود نتيجة تعطش السوق السورية لها كالسيارات والأدوات الكهربائية والألبسة وأثرت سلباً على المنتج المحلي وأدت إلى تجميد كتلة نقدية كبيرة بسبب الإغراق، فإن هذا الوضع لن يستمر طويلاً وسيأخذ وضعاً متوازناً في المرحلة القادمة وخاصة حين يتم تكريس دور الدولة الإشرافي في مفهوم الاقتصاد الحر الذي خطته الحكومة لسياستها الاقتصادية .
تحديد خط مسار
ومما سبق، تميز الوضع الجديد بتحديد خط مسار عبر الانتقال للاقتصاد الحر والتخلص من مدارس الاقتصاد التي كانت تتحفنا بها الحكومات السابقة كل فترة دون أن يكون لها رؤية واضحة المعالم لتطبيق كامل لأي نهج اقتصادي لأسباب عديدة ضعف القرار الإداري والخوف منه ورهبة الأجهزة الأمنية والرقابية التي كانت تقيد حرية القرار .
وأضاف فيومي :عدا عن نقاط كثيرة يمكن الحديث عنها كتحسن سعر الصرف خلال العام الماضي ، والقفزة الجيدة في دخل الفرد والعاملين في الدولة مع توقعات في زيادته خلال العام القادم عودة جزئية لرؤوس أموال مهاجرة وزيادة معدل الحوالات الخارجية عودة سوريا لنظام السويفت العالمي رفع العقوبات الخارجية تشجيع تأسيس الشركات وتقديم التسهيلات لعملها ، نقاط عديدة وكثيرة تشير إلى وجود تحسن كبير بالفترة القادمة فيما إذا استثمرت هذه النقاط بالشكل الأمثل وفق سياسة الدولة الإشرافية وتعزيز دورها الرقابي والتوجيهي .
خطوات لابد منها
وختم الخبير حديثه بالقول: إن المرحلة القادمة ليست سهلة وتتطلب الكثير من العمل والجهد وتضافر جهود الأفراد والنقابات والجمعيات مع وزارات الدولة بالعمل المشترك بشفافية ووضوح ، مع دور أساسي لمصرف سوريا المركزي في دعم عمل المصارف وتحرير السيولة ومعالجة الملفات الكبيرة في تحديث عملها ودعم الكوادر المؤهلة للعمل، وباختصار مررنا بعام شهدنا فيه أحداثاً كثيرة على المستوى الاقتصادي، والعام القادم سيكون أفضل من سابقه وخطوات أكثر ثقة فيه .