الحرية – سراب علي:
رغم الظروف الاقتصادية والإنسانية الصعبة، تواصل جمعية رعاية المكفوفين في اللاذقية، وهي الجمعية الوحيدة التي تعنى بشؤون المكفوفين في المحافظة وريفها، مسيرتها لرعاية أكثر 350 كفيفاً، ورغم النجاحات التي يحققها المكفوفون في مجالات التعليم والرياضة والحرف اليدوية لايزال عمل الجمعية يتعثر في الكثير من الأحيان أمام محدودية الإمكانيات ونقص الدعم.
نعانق الظلام بالتمكين..
رئيس الجمعية أيمن كوسا أكد لـ«الحرية» أن رؤيتهم تقوم على متابعة المكفوفين في جميع النواحي، خاصة التعليم الذي هو من أولوياتهم، إضافة إلى الدعم النفسي والاجتماعي وتمكين الكفيف للاندماج في المجتمع والمشاركة في نشاطاته، وأضاف: الكفيف ليس عاجزاً، بل قادر على الإبداع إذا أتيحت له الفرص.
إنجازات ملفتة
رغم الإمكانيات المحدودة، استطاعت الجمعية تحقيق إنجازات ملفتة هذا العام كما بين كوسا ففي مجال التعليم حصل 4 طلاب على شهادة التعليم الأساسي و4 على الشهادة الثانوية، كما تخرج 5 طلاب جامعيين، بينما يتابع آخرون الماجستير والدكتوراه في اختصاصات متنوعة، ولفت كوسا إلى أن الجمعية توفر التعليم المجاني من الصف الاول إلى الثالث الثانوي.
مهنياً، أشار رئيس الجمعية أن الجمعية تقيم ورشات متنوعة في صناعة القش والخيزران، والحاسوب، وصناعة العطور والزيوت، والكروشيه والخياطة، وتطبيقات الذكاء الاصطناعي، كما تمتلك الجمعية فريقاً لكرة الهدف (كرة الجرس) حصل على الجائزة البرونزية في منافسات محلية، ويتم تدريبه للمشاركة في بطولات وطنية.
وأضاف: كما تُدرّب المكفوفين على استخدام البرامج الناطقة والتطبيقات الحديثة التي تصل إلى وصف الصور والألوان.
تحديات
رغم هذه الإنجازات، تواجه الجمعية تحديات جمة، كما يشير كوسا تدفعها للمطالبة بدعم مادي ومعنوي، ويوضح أن الدعم الوحيد الذي تتلقاه الجمعية هو من «منظمة اليونيسيف» في مجال التعليم وتمويل المواصلات، والدعم المحلي قليل جداً ويتمنى أن تمتد الشراكات إلى «تحسين سبل العيش».
وتوظيف وتمكين المكفوفين في الوظائف العامة والشركات الخاصة، فهم قادرون وفعالون.
أنشطة وفعاليات
ولفت كوسا إلى قيام الجمعية بالعديد من الأنشطة خلال السنوات الأخيرة منها منح عصا بيضاء لكل كفيف وتقديم دورات تدريبية لتعلم السير والحركة بها، وإقامة دورات للقراءة والكتابة بطريقة برايل والتعلم على الحاسوب والانترنت من خلال البرنامج الناطق، بالإضافة إلى تسجيل المناهج الدراسية بشكل صوتي لكافة المراحل التعليمية وكذلك المشاركة في الفعاليات والمعارض وعرض منتجات من الخيزران المصنوعة بأيدي المكفوفين، والقيام بنشاطات ترفيهية وثقافية لمختلف الفئات العمرية من المكفوفين.
وختم كوسا: نحن نعمل بكل ما نملك، لكننا نحتاج إلى أكتاف تُشاركنا الحمل، لأن الكفيف قادر على أن يكون نبراساً إذا توفرت له الأدوات، فالمجتمع الأهلي والفعاليات الاقتصادية والمؤسسات الرسمية يمكنها أن تكون داعماً لنا مادياً ومعنوياً، من خلال فتح فرص عمل للمكفوفين، وتعزيز مشاركتهم المجتمعية وتقديم الدعم لتمكينهم أكثر.
التحدي الأكبر
كما تؤكد نائب رئيس الجمعية هبة الله صيداوي أن الجمعية تُقدم المساعدات المادية والمعنوية من سبل غذائية وألبسة حسب التبرعات، وأن الاحتياجات الأساسية قد تكون متوفرة، لكن التحدي الأكبر هو تغيير سلوكيات المجتمع ونظرته تجاه المكفوفين.
وأشارت صيداوي إلى أنه يتم تدريب المكفوفين على استخدام التكنولوجيا وبرامجها من خلال استخدام البرامج الناطقة وهي عبارة عن مجموعة تطبيقات مضغوطة وأي شخص مكفوف قادر على أن يستخدمه لكن يحتاج مبدئياً لتدريب أولي إذ إن هناك إيماءات معينة يجب استخدامها، مشيرة إلى أن فئه الشباب هم الأكثر استخداماً لهذه البرامج وفي كثير من الأحيان يكتشفون ميزات جديدة.
من العزلة إلى الإبداع
من جهتها، أكدت المدربة في الجمعية أمل القصيري أن الكفيف جزء منا وله حق العطاء
وأضافت: بدأتُ تجربتي الأولى في تدريب هذه الفئة بشيء من التردد، لكنني فوجئت سريعاً بقدراتهم الكبيرة وتقبّلهم، ما أثمر نتائج مرضية للطرفين، وتابعت: اعتمدتُ في التدريب على أدوات ملائمة لوضعهم، مثل الصنارات عريضة الحجم والخيط القماشي السميك، مع التركيز على العدّ خلال تنفيذ الغرز، نظراً لاعتمادهم الكلي على حاسة اللمس، ولدينا ٧ متدربات من المنخرطات في الجمعية، ومدة التدريب تُحدَّد حسب قدراتهن واحتياجاتهن، وسنستمر معهنّ حسب الحاجة.
ولفتت القصيري إلى أن الهدف الأساسي من التدريب هو شغل أوقات فراغهم وتأهيلهم لإطلاق مشاريع صغيرة تلائمهم وتكون مصدر دخل لهم.
تُظهر قصص المنتسبين للجمعية كيف يمكن للدعم أن يُغير الحياة، تقول نجوى صافي (خمسينية): استطعت من خلال دورة الكروشيه في الجمعية أن أكون صداقات، وأن أخرج من عزلتي شعرت بالخوف عندما لمست السنارة أول مرة، لكنني اليوم قادرة على التفنن في صناعة الكروشيه».
كما عبرت المتدربة سمر حسون (٤٠ عاماً) عن سعادتها بهذه التجربة، رغم الخوف والصعوبة التي واجهتها في البداية، خاصة أنها لم تستخدم الصنارة من قبل، وأضافت: لكن بعد شهرين من التدريب أصبحت قادرة على العمل بسلاسة، وبدأت بأول قطعة حَيكتها وهي (نزال) للمطبخ.