حنين في الأعياد.. مفاتيح الذاكرة ومبعث للفرح والمشاعر الدافئة

مدة القراءة 3 دقيقة/دقائق

الحرية – مها يوسف:
يطرق الحنين أبوابنا في مواسم الأعياد لا من باب الحزن، بل من نافذة الذاكرة، فهذه الفترات تحديداً تذكرنا بأقرب الناس إلى قلوبنا، أولئك الذين شاركونا تفاصيل الفرح يوماً ما، أو أولئك الذين غابوا وبقي أثرهم حاضراً في الوجدان، نستعيدهم لا لأن الغياب موجع، بل لأن الذكريات الجميلة لا تُمحى، ولأن الأعياد بما تحمله من ألوان وطقوس وبهجة تعيد إلينا وجوهاً وأصواتاً ومشاعر ارتبطت بأجمل لحظات العمر.

طقوس تُوقظ الذاكرة

الباحث الاجتماعي والمدرب الدولي في التنمية البشرية الدكتور سمير هادي يؤكد أن الذكريات ترتبط بالتفاصيل، بالأماكن، والأصوات، والتواريخ، والأشخاص، فلكل مناسبة طقوسها الخاصة التي تمنحها معناها، من شجرة الميلاد المزينة، وبابا نويل، والألوان الحمراء والبيضاء، إلى طقوس شهر رمضان الروحية، حيث الفوانيس والهلال وأجواء التأمل، وصولاً إلى الأعياد الرسمية والاجتماعية، هذه التفاصيل ليست مجرد مظاهر، بل مفاتيح للذاكرة، توقظ مشاعر دافئة تبعث الفرح والخير والإيجابية، وتعيدنا إلى لحظات عشناها بصدق.

الحنين كحالة إنسانية

ويشير الدكتور هادي إلى أن الحنين شعور إنساني طبيعي مشترك، نابع من استرجاع مواقف تركت أثراً إيجابياً في مرحلة من مراحل الحياة، فالإنسان بطبيعته يشتاق لكل ما كان جميلاً بالنسبة له، وإن اختلف تعريف الجمال من شخص لآخر، قد يكون الشوق لأصدقاء دراسة، أو لمكان، أو لشخص ترك بصمته، لكن القاسم المشترك هو الأثر الطيب الذي بقي، وما رافقه من مشاعر فرح ودفء ارتبطت بتلك اللحظات.

بين الاستذكار والتقدم

وفي المقاربة التنموية يوضح الدكتور هادي أن الحنين إذا استمر بشكل مبالغ فيه قد يعيد الإنسان إلى الخلف، لذلك من المهم أن تبقى حالات الاستذكار مؤقتة ولحظية، فالتوازن بين استحضار الذكريات والتقدّم نحو الحاضر يتم بالتدريب والتدرج، وبالقناعة واليقين بأن القادم يحمل فرصاً أفضل، وأن الحياة تتجدد كما تتجدد المواسم والأعياد.

الأعياد فرصة للحياة

ويختم الدكتور هادي بالتأكيد على أن الأعياد تمثل فرصة حقيقية لتجديد الطاقة واستثمار الفرح، وتقوية صلة الرحم والتواصل الاجتماعي، وكسر الروتين اليومي وتفريغ الطاقات السلبية الناتجة عن ضغوط الحياة، كل ذلك ينعكس إيجاباً على الصحة النفسية والجسدية، ويدعونا إلى استغلال لحظات الفرح ونشرها في كل مناسبة ممكنة، فحين نستثمر هذه اللحظات بوعي، يتحول الحنين من مجرد شعور إلى دافع لنشر الإيجابية واستقبال القادم بثقة وأمل.

Leave a Comment
آخر الأخبار