موطئ قدم في القرن الأفريقي والتحكم بمضيق باب المندب.. هدف «إسرائيل» من الاعتراف بأرض الصومال

مدة القراءة 4 دقيقة/دقائق

الحرية – دينا الحمد:

أطماع كيان الاحتلال الإسرائيلي في القرن الأفريقي والبحر الأحمر ليست جديدة أو طارئة، بل كانت واضحة منذ نشوئه، وتتجلى في محاولاته المستمرة للسيطرة على مضيق باب المندب والتحكم به وفرض سياساته على العديد من دول المنطقة. وقد ظهر ذلك عبر العقود الماضية في أكثر من قضية، بدءاً بسد إثيوبيا على النيل للضغط على مصر والسودان، وصولاً إلى وضع قدمه في جزر البحر الأحمر وإريتريا، وانتهاءً بمحاولته اليوم العبث بوحدة الأراضي الصومالية.
فكيان الاحتلال يسعى من خلال الاعتراف بجزء من الصومال كدولة مستقلة عن جمهورية الصومال إلى تقسيم البلد من جهة، وحجز موطئ قدم له لدى الانفصاليين من جهة أخرى، ليكون هذا الموقع منطلقاً للسيطرة على مضيق باب المندب، والتجسس على دول منطقة القرن الأفريقي والدول العربية في الجزيرة العربية، إضافة إلى بناء قواعد عسكرية يستخدمها في العدوان على أي دولة لا تتوافق مع أجنداته وسياساته.
لكن ليس كل ما يخطط له نتنياهو وحكومته قابلاً للتطبيق، إذ يشكّل رفض المجتمع الدولي لتقسيم الصومال العقبة الكبرى أمام أطماعه، فقد صدرت مواقف عديدة رافضة لاعتراف كيانه بـ «أرض الصومال»، وكان الحراك الدبلوماسي العربي والأوروبي والأممي ضد هذه الخطوة خير شاهد.
الاتحاد الأوروبي دعا إلى احترام وحدة أراضي الصومال، مؤكداً أن ذلك أمر محوري لاستقرار منطقة القرن الأفريقي، ومشدداً على أن ميثاق الأمم المتحدة والقانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي ودستوره يحترم وحدة وسيادة وسلامة أراضي جمهورية الصومال الفيدرالية، وينسحب هذا الموقف على الموقفين العربي والإفريقي، حيث دعت جميع الأطراف إلى الحفاظ على استقرار الصومال ووحدته باعتباره ركيزة أساسية للأمن في المنطقة، محذّرة من أي خطوات قد تقوّض هذا المسار، ومؤكدة على ضرورة إطلاق حوار جاد وبنّاء بين الحكومة الصومالية والسلطات في الإقليم الساعي للانفصال لحل الخلافات القائمة منذ أمد طويل.
وعلى الصعيدين العربي والإسلامي، أعلنت 21 دولة عربية وإسلامية أول أمس السبت رفضها للخطوة الإسرائيلية، ووصفت في بيان مشترك الاعتراف الإسرائيلي بإقليم أرض الصومال بأنه سابقة خطيرة وتهديد مباشر للسلم والأمن في منطقة القرن الأفريقي والبحر الأحمر، وأكد البيان أن الاعتراف باستقلال أجزاء من أراضي الدول يشكّل خرقاً سافراً لميثاق الأمم المتحدة وتهديداً مباشراً لمبادئ السيادة ووحدة الأراضي، مشدداً على الرفض القاطع لأي ربط بين هذه الخطوة ومخططات تهجير الشعب الفلسطيني خارج أرضه.
جدير بالذكر أنه عقب الاعتراف الإسرائيلي بأرض الصومال كدولة، عبرت مقديشو عن رفضها للخطوة، وقال رئيس الوزراء الصومالي حمزة عبدي بري لوسائل الإعلام إن إعلان نتنياهو يمثل عدواناً مباشراً على السيادة الصومالية، وهو يسعى إلى الحصول على موطئ قدم في القرن الأفريقي والتحكم في مضيق باب المندب.
كما أدانت سوريا أمس الأحد الاعتراف الإسرائيلي بأرض الصومال، ورفضت بشكل قاطع إعلان الاعتراف المتبادل بين الاحتلال الإسرائيلي وإقليم «أرض الصومال»، معتبرةً هذه الخطوة انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، واعتداءً مباشراً على سيادة جمهورية الصومال الفيدرالية ووحدة أراضيها. وأكدت أن هذه الإجراءات الأحادية تفتقر إلى أي شرعية قانونية ولا يمكن أن يترتب عليها أي أثر دولي، كونها تقوم على فرض أمر واقع يتعارض مع قواعد العلاقات الدولية، محذّرة من أن دعم المشاريع الانفصالية يشكّل سابقة خطيرة تهدد الأمن والاستقرار في المنطقة برمتها.

Leave a Comment
آخر الأخبار