الحرية- محمد خالد الخضر:
تبدو الموهبة الشعرية في مجموعة “لكن” قلباً واضحةً وتمتلك مقومات حقيقية لتقدم خلال الانفعال الوجداني نصوصاً شعرية حقيقية، تربط مباشرة بين المتلقي الذي يتذوّق الشعر ويهفو إليه وبين الشاعر حسن قنطار الذي يهتم بمتانة العلاقة الإنسانية والثقافية والوجدانية يقول الشاعر:
مرت كعابرة تريح شقاءها
تحت الظلال كسوتها بظلال
إلى قوله:
تباً لخاطرة.. تزور سويعة
تذوي فأذوي غارقاً بفعالي
في هذه الأبيات يربط الشاعر أيضاً بين أصالة الماضي وقدرته على مرور التاريخ وبين الحاضر، فكانت القصيدة قادرة على السفر والعبور لما تمتلكه من أثر نفسي عبر مكونات بنيوية ولغوية.
وواضح تماماً أن الشاعر في مجموعته ينتقي بشكل عفوي التفعيلات الموسيقية المناسبة للدفق الشعوري الذي يتحرك بتميز لأن الشاعر يوازن في تحوله الشعري بين حرف الروي وبين تفعيلات العروض وتماسك اللغة كقوله:
حروف لا تزال على اتقاد
تراقص هدأتي عند النفير
دلال كنت أرشفه بسمعي
وبين العين والأخرى سفيري
فنجد أن حرف الروي الذي اختاره وهو حرف الراء يتلاءم مع تحولات البحر الوافر الذي يناسب العاطفة والمشاعر في موضوع القصيدة، إضافة إلى أنه لم يقع في أي إشكال موسيقي خلال حركة التفعيلات، فلم يكن هناك في هذه القصيدة أو في سواها جوازات قبيحة، ما يؤدي إلى تدفق مشاعر المتلقي بشكل أكبر.
وفي قصيدة “الشماء” يسمو الغزل ويرتقي وتكبر الحالة العاطفية لتؤدي إلى ترقب السامع أو القارئ إلى هدف الشاعر إلى ما يريده متوقعاً المفاجآت الإيجابية.
فيقول في قصيدته التي انتقى إليها البحر الكامل والهمزة المضمومة كروي يختم فيه الأبيات:
في غفلة تغتالنا الأنواء…
ويكون بدعاً لوسمت أشياء
وأكون محظياً بغمزتها التي
ما لفني في زهدها الشعراء
إلى قوله:
لا تعجبوا أني استعرت مليحة
قالوا الشآم وعندي الشماء
وفي نصوصه الشعرية لا يوجد أي تكلف لأن الشاعر تدفعه الموهبة إلى التكوين العفوي فيقول في قصيدته “سلو قلبي”:
وتنزف حالتي المزرات عين
وعين تلثم الأحلام بشرى.
وفي قصيدته “أسلوك” يصف العفوية بأسلوب شفاف مقنع من خلال قناعته ومحبته للشاعر نزار قباني فيقول:
من كان يمنع قبلة الأقدار
حين ارتمينا في قصيد نزار
على حين جاءت قصيدة حرب ورخام تميز الشاعرية وتدفع صاحبه إلى المقدمة فيظهر غلط الزمان الذي كان من الواجب أن يعطيه حقه أكثر من ذلك تعالوا نقرأ قوله:
أشعلتي في شفة الصباح خصاماً
لن يحتفي بنهوضنا أعواماً
إلى قوله:
وتوردي حتى ألوذ بجنة
وأحيل صقلي في يديكِ رخاماً
وقوله في قصيدة بارقة ولكن:
وبشرعة النساك أغزل لهفتي
فأذل لولا صفعة الوخزات
وينطبق على كل القصائد كقصيدة حكايتي ورعشة وشامية وهما وغيرها التي اكتمل فيها الديوان الشعري فتوقفوا معي في مطلع هذه القصيدة التي جاء عنوانها للشعر فقال:
من فسحة العين حتى همسة الشال
تأتيك وشوشة الفنجان للهال
وهكذا تكتمل القصائد جميعها التي اقتصر مؤلفها على شعر الشطرين الذي يعتبر في مقدمة الأدب بشكل كامل ولاسيما عندما يأتي حذراً ومكتملاً بالمقومات الشعرية والشعورية ومتوازناً في تحولاته المعنوية وتوازنه الموضوعي كما جاء في جميع قصائد المجموعة.
بين الحداثة والأصالة.. تأملات شعرية في ديوان حسن إسماعيل قنطار

Leave a Comment
Leave a Comment