الحرية – نهى علي:
عدّ الخبير الاقتصادي والمصرفي الدكتور إبراهيم نافع قوشجي، زيادة الرواتب والأجور من الأدوات الجوهرية لتحفيز النشاط الاقتصادي في سوريا، لاسيّما في ظل تراجع متوسط الدخل الحقيقي للمواطنين وما ترتب عليه من انكماش في الطلب الكلي.
تنشيط وتفعيل الطلب
واعتبر د. قوشجي في تصريح خاص لصحيفتنا “الحرية” أن تحسين القدرة الشرائية للأفراد عبر مرسوم الزيادة الجديد، يُمكن أن يُشكّل رافعة لتحريك الأسواق الداخلية، من خلال تنشيط الطلب على السلع والخدمات، وبالتالي كسر حالة الجمود الاقتصادي.
د. قوشجي: رافعة لتحريك الأسواق وكسر حالة الجمود الاقتصادي
ومع ذلك، فإن تحقيق هذا الأثر يظل مشروطاً بتوافر السيولة الكافية في الجهاز المصرفي، وقدرة المؤسسات والشركات العامة على صرف الرواتب بانتظام.
و نبٌه د. قوشجي إلى أن تأخر أو تعثر دفع الرواتب قد يفرغ القرار من مضمونه، ويُبقي الأثر الاقتصادي في حدوده النظرية.
سياسات مكمّلة
يلفت الخبير الاقتصادي والمالي إلى أنه و من أجل أن تؤدي هذه الزيادة دورها الكامل في تنشيط الدورة الاقتصادية بشكل فعّال و مستدام، لا بد من أن تواكبها مجموعة من السياسات الاقتصادية المكملة، من أبرزها:
ضبط الأسعار لكبح التضخم، بما يحافظ على القيمة الشرائية للزيادة، وتحفيز الإنتاج المحلي عبر حوافز ضريبية وائتمانية، لخلق عرض مرن يتجاوب مع زيادة الطلب.
د. قوشجي: توخي توفر السيولة في الجهاز المصرفي وقدرة المؤسسات على الانتظام في الصرف
بهذا التكامل بين رفع الأجور والسياسات المُرافقة، يمكن الانتقال من مجرد معالجة ظرفية للركود إلى إطلاق مسار متدرج للتعافي والنمو المستدام.
مؤشّر بليغ
من جانبه الخبير الاقتصادي الدكتور فادي عياش، يرى في إجابته عن سؤال “الحرية” حول الانعكاس الاقتصادي للزيادة، أنه من حيث المبدأ لا شك أن هذه الزيادة في غاية الأهمية في ظروفنا الراهنة.. ولا سيما في قلة الموارد والمتغيرات الجيوسياسية المؤثرة في المنطقة والتي أرخت بظلالها على الوضع الاقتصادي والاستثماري.
د. عياش: الزيادة بالغة الأهمية في ظل قلة الموارد والمتغيرات الجيوسياسية التي أرخت بظلالها على المنطقة
ويضيف: إذاً الزيادة مجزية وعادلة حيث شملت العاملين في مختلف القطاعات بالإضافة إلى المتقاعدين.. ويتوقع أن تساعد في تحريك الطلب وتنشيط الأسواق مما ينعكس إيجاباً على مجمل الحركة الاقتصادية.. ومن جانب آخر ستساعد محدودي الدخل على تأمين حد مقبول من احتياجاتهم.
ضد التضخّم
يلفت د. عياش إلى أهمية ألا تترافق هذه الزيادة بزيادة متواترة بالأسعار.. حتى نتحاشى أي ضغوط تضخمية إضافية تمتص الأثر الإيجابي لهذه الزيادة. فمع الاستقرار الاسمي و النسبي لسعر الصرف وكذلك التكاليف، فلا يوجد أي مبرر لزيادة الأسعار.. مما يتطلب رقابة أكبر على الأسواق،
وكذلك يجب معالجة وتيسير إمكانية الحصول على قيمة الرواتب بشكل كامل وميسر ولا سيما مع استمرار تقييد السيولة. وهذا يقتضي بالضرورة تأمين التيسير الكمي لكتلة الرواتب والأجور في مواعيد محددة كما أشار إلى ذلك السيد وزير المالية.. كما يتطلب ذلك جهود مضاعفة من الجهاز المصرفي لجهة عمل الصرافات وكذلك تطبيق شام كاش.
د. عياش: حلقة في سلسلة وفاء الحكومة بالتزاماتها..وعلى قطاع الأعمال تعزيز الأثر الإيجابي للزيادة
وعدت ووفت
بالعموم وضمن الظروف المعقدة الراهنة لا بد من التقدير العالي لجهود الحكومة في محاولتها الجادة لتحسين المستوى العام للرواتب والأجور.. وقد بدأت الإدارة الجديدة الوفاء بوعودها رغم عدم توفر الظروف المناسبة.
ونأمل أن يساهم قطاع الأعمال في تعزيز الأثر الإيجابي لهذه الزيادة من خلال توفير السلع وضبط الأسعار حتى تبدأ الأسواق في التعافي والخروج من حالة الركود التي أثرت على مجمل النشاط الاقتصادي.