الحرية- سامي عيسى:
تشهد أسواقنا المحلية اليوم حالة عدم استقرار في أسعار الصرف، والأخطر من عدم الاستقرار، هو الارتفاع المستمر للدولار أمام العملة الوطنية، الأمر الذي ينذر بخطر كبير يحتل مساحة وطن، لأن الخطر يداهم كل بيت سوري، وليس الاقتصاد الوطني فحسب، بكليته الإنتاجية والخدمية، والتي تأتي في مقدمتها الزراعية والصناعية، باعتبارها تشكل القوة الكبرى، المكونة للحالة الاقتصادية العامة، وعلى عاتقها مسؤولية تأمين حاجة السوق المحلية، من كل أسباب القوة والاستقرار، ومن ثم تأتي الحالة الخدمية المرتبطة بها، والتي لا تقل عنها أهمية.
خبير اقتصادي: ظاهرة عدم استقرار أسعار الصرف دمار للمنتج المحلي تسبب إفلاس شامل للحالة الإنتاجية العامة وقطاع الخدمات أيضاً..!
خطورة مستمرة
خطورة الحالة الماضية، “تذبذب” أسعار الصرف، لم تنهيها معالجات اليوم، بل زادت الفجوة رغم تحسن مستويات الدخل، من خلال الزيادة الأخيرة للرواتب والأجور، والتي ابتلعتها الارتفاعات السعرية، للمواد والسلع الرئيسية، الأمر الذي حمل الكثير من المخاطر، ليس على مستوى دخل الأسرة، بل على مستوى الحالة الاقتصادية والاجتماعية العامة.
وبالتالي ما يحصل اليوم في أسواقنا المحلية، لا نستطيع تسميته بعدم الاستقرار لأن الحالة العامة، هي ارتفاع في أسعار الصرف، وهذا مؤشر كارثي على المنتج الوطني، مقابل المستوردات وحتى السلع المهربة، وبالتالي هذا الأمر يؤدي لحدوث موجة من القلق على صعيد المنتجين المحليين والأسواق على السواء، وفي رأي الخبير الاقتصادي الدكتور “عمار يوسف” الأمر لا يقف عند حدود القلق فقط، بل بحجم الخسائر التي يتكبدها المنتجون المحليون، والحل الوحيد لمعالجة هذه الظاهرة هي ثبات أسعار الصرف لفترات طويلة، والتي تسمح بمعالجة مكونات المنتج الوطني وتأمين المستلزمات بأسعار صرف ثابتة، وبالتالي عدم ثبات أسعار الصرف بالانخفاض والارتفاع لمرات متكررة، هذا لا يؤدي لحالة القلق فقط، بل هو دمار للمنتج المحلي، وحدوث حالة إفلاس شاملة للحالة الإنتاجية العامة، وليس هذا فحسب، بل على قطاع الخدمات أيضاً.
هجرة متوارثة
وبالتالي عدم استقرار أسعار الصرف، تشكل أخطر المكونات التي تدفع برأس المال الوطني للهجرة، وهنا يؤكد “يوسف” أن هجرة الأموال الوطنية لم تتوقف منذ سنوات كثيرة، منها ما قبل الأزمة، ومنها خلالها، ما يحدث اليوم من عدم استقرار يشجع على هجرتها أكثر، لأن مقومات ومحفزات الاستثمار مشجعة في الدول الأخرى، والعائد الاقتصادي يقدر بالأضعاف، وخاصة أنه بعهد النظام البائد كان المنتج يستخدم كمصدر للجباية، لتعرضه لعمليات الابتزاز، ودفع مبالغ مالية تحت حجج مختلفة، وسياسات خاطئة للحكومات السابقة، وحتى السياسة النقدية للمصرف المركزي سابقاً، ما أسهم في استمرار نزيف رأس المال الوطني وهروبه إلى أماكن أكثر أمناً، وبيئة تحوي كل مكونات التشجيع في البلدان العربية والأجنبية..!
الحل ثبات الأسعار
وبالتالي حتى نكون في مساحة واسعة من الأمان، ولدينا إنتاجية مستقرة، تنطلق من خلالها قوة الاقتصاد الوطني، لا بد من العمل على تحقيق الأمان الاقتصادي المطلوب، والذي يكمن في ثبات أسعار الصرف لفترات زمنية طويلة، وفتح الأسواق للاستيراد المنظم، وبالتالي عملية الثبات تسهم إلى حد كبير في تعافي الاقتصاد لوطني مقابل الاقتصادات الأخرى، وخاصة دول الجوار، وبالتالي كل ذلك يسهم في تحسين مستوى المعيشة والحالة الاقتصادية للمواطن، باعتبارها المحرك الاساسي لدوران عجلة الإنتاج الوطني، والوصول بالإنتاجية الوطنية إلى مواقع متقدمة من الجودة والسعر المنافس ليس في السوق المحلية فحسب، بل في الأسواق الخارجية التي تسعى معظم الفعاليات الإنتاجية الوطنية تسجيل حضور مميز فيها.