الحرية- رحاب الإبراهيم:
لم يكن موسم الزيتون هذا العام في مدينة حماة كحال أغلب المحافظات المنتجة كما يرغب مزارعوه والعائلات في المدينة والريف أيضاً، باعتبار أغلب الأهالي في الأرياف تحديداً يزرعون أشجار الزيتون في كرومهم وفي المساحات المتاحة أمام بيوتهم، لتأمين احتياجاتهم المنزلية كمؤونة بدل الشراء من الأسواق، وهو لم يكن متاحاً حالياً بسبب انخفاض الكميات المنتجة، ما أجبر عائلات كثيرة على شراء حبات الزيتون والزيت بأسعار مرتفعة، من جراء قلة الكميات المعروضة والطلب الزائد وخاصة أن الشتاء على الأبواب.
“الحرية” رصدت ارتفاع أسعار زيت الزيتون في مدينة حماة وأريافها بعد ما بدأ المزارعون والأهالي عموماً عصر محصولهم القليل، حيث ارتفعت أسعار “بيدون” الزيت الجديد إلى مليون، بينما يباع بيدون الزيت القديم من العام الفائت ما بين ٧٠٠ إلى ٨٠٠ ألف ليرة.
ضغط إضافي
وقد شكل ارتفاع سعر زيت الزيتون في بداية الموسم مصدر ضغط إضافياً على العائلات كونه مادة أساسية، وفي ظل ارتفاع أسعار سعر الزيت النباتي أيضاً من جراء ارتفاع سعر الصرف، وهو ما تؤكده السيدة الأربعينية منال الحسن، التي تمتلك عائلتها كرم زيتون كان ينتج في حده الأدنى قرابة ١٥ بيدون زيت زيتون، لكن هذا العام لم تتمكن من عصر سوى كميات قليلة من الزيتون منه لا يكفي لمؤونة البيت، فتقول: رغم اهتمام عائلتي في كرم الزيتون، الذي يعد مصدر رزقنا الوحيد، لكن هذا الموسم كان الإنتاج منخفضاً ولم تشهد مثله في كل سنوات عمري بسبب الجفاف، ما سيضطرني إلى شراء زيت الزيتون على خلاف المعتاد لكفاية عائلتي من زيت الزيتون، الذي أعتمد عليه بشكل رئيسي إلا ما ندر”.
الحال ذاته أشار إليه الفلاح محمد الوسوف، الذي بين اعتماده على موسم التين والزيتون، لكن كلا المحصولين تعرضا إلى الضرر البالغ خلال هذا العام من دون التمكن من الاستفادة من ثمارهما إلا بالحدود الدنيا، مطالباً باتخاذ إجراءات معينة لدعم مزارعي الزيتون ومراقبة أسواق زيته بغية تمكين العائلات الفقيرة من شرائه.
أسعار مرتفعة
وقد تواصلت “الحرية” مع بعض تجار زيت الزيتون في حماة لمعرفة واقع حركة البيع والشراء في أسواق الزيت، حيث بين التاجر غازي محمود وجود ركود واضح في سوق الزيت حالياً في ظل الكميات القليلة المنتجة وسط طلب زائد عليه، متوقعاً أن تشهد أسعاره ارتفاعاً نتيجة النقص الحاصل والاحتياجات الكبيرة، إلا في حال ضخ كميات كبيرة من أسواق إدلب أو استيراده من بلدان أخرى مجاورة.
يوافقه الرأي التاجر ابراهيم حماد، الذي بدأ في شراء زيت الزيتون من المزارعين ممن يتواجد لديهم كميات إضافية بأسعار مرتفعة، وهذا سيؤدي إلى ارتفاعه في الأسواق خلال الفترة القريبة، مبيناً أن هذا الموسم مختلف كلياً عن المواسم السابقة من جراء انخفاض الكميات المنتجة، وهذا ما لم يحصل منذ عقود في أسواق حماة وسوريا عموماً، فمثلاً حينما كان الإنتاج قليلاً في مدينة حماة، كان يغطي النقص من أسواق الساحل أو إدلب أو حلب، لكن هذا العام الإنتاج منخفض في كل المحافظات على خلاف العادة، وهذا سيترك آثاره السلبية على المستهلك والتاجر والاقتصاد المحلي نتيجة انخفاض حركة تصدير هذا المنتج، الذي كان يصنف ضمن أفضل الأصناف عالمياً، ما يحرم الخزينة من القطع الأجنبي.
انخفاض بنسبة ٤٠٪
وكانت مديرية الزراعة في محافظة حماة بينت على لسان مديرها المهندس صفوان المضحي، أن المساحة الكلية المزروعة بأشجار الزيتون في المحافظة بلغت 72,703 هكتارات، مشكّلةً نسبة 56% من إجمالي المساحات المشجّرة.
ولفت المهندس المضحي إلى أن تقديرات الإنتاج الأولية لمحصول الزيتون للموسم الحالي بلغت نحو 51,272 طنًا، أي بانخفاض يقدّر بحوالي 40% مقارنة بالموسم السابق، ويعود ذلك إلى حالة الجفاف التي سادت خلال فترة الازهار، وقلة الرطوبة الأرضية النسبية نتيجة تأخر هطول الأمطار.
وأكد المهندس صفوان المضحي أن مديرية الزراعة تتابع عن كثب واقع الموسم الزراعي، مع العمل على تقديم الدعم الفني والإرشادات الزراعية اللازمة للمزارعين بما يضمن تحقيق أفضل إنتاج ممكن وجودة عالية للمحصول رغم الظروف الجوية السائدة.