أشجار تحتضر من شدة العطش والإنتاج في خطر.. الجفاف يهدد موسم الزيتون في درعا

مدة القراءة 5 دقيقة/دقائق

الحرية – عمار الصبح:

تدريجياً، تسير أشجار الزيتون في العديد من مناطق محافظة درعا نحو “الاحتضار” ، فملامح الجفاف والعطش تبدو ظاهرة للعيان، و خصوصاً في المساحات الكبيرة المزروعة بعلاً، في مشهد يعكس التأثيرات العميقة لسنوات من الجفاف، تراجعت فيها نسب الهطول وانخفضت غزارة الآبار والينابيع وشحّت السدود وصولاً إلى ذروة الجفاف في هذا الموسم.

آثار واضحة

الوضع مأسوي حسب مزارعين في حديثهم لـ”الحرية”، إذ إن أغلب المساحات المزروعة بالزيتون في المحافظة بعلية، وهي تعتمد على مياه الأمطار فقط، وفي ظل موسم مطري استثنائي، لم تتلقّ الأشجار سوى القليل جداً من الأمطار خلال أشهر الشتاء والربيع (أقل من ٣٠٪ فقط من المعدل السنوي)، على نحو بات يهدد بتراجع في الإنتاج.

مزارعون: “الأشجار تموت واقفة.. حتى لو نجا قسم من الثمار فلن تكون بالمستوى المطلوب”

ويشير أحمد العمر من الريف الشمالي في المحافظة إلى أن شجرة الزيتون وكما هو معروف، تتكيف بشكل أفضل مع المناخ الجاف، لكنّها في حالات الجفاف الشديد، كما هو الوضع عليه هذا العام، تنشّط الشجرة آليات لحماية نفسها وتتوقف عن الإنتاج، فللحصول على الزيتون، ثمة حاجة إلى حد أدنى من الماء، وهذا ما لم يحصل.
ويلفت الرجل الخمسيني الذي يملك ١٠ دونمات مزروعة بالزيتون: إلى أنه لم يشهد يوماً مثل هذا الوضع القلق، “حيث ترك الجفاف آثاره الواضحة على الجميع بلا استثناء” ، ويضيف محذراً: ” موسم الزيتون أمام كارثة، فالتربة جافة والأشجار تموت وهي واقفة، والإنتاج في خطر، وحتى لو نجا قسم من الثمار ووصل إلى موعد القطاف، فلن يكون بالمستوى المطلوب”.

مزيد من التدهور

تشير التقديرات إلى أن عدد أشجار الزيتون في المحافظة يبلغ حوالي 4.7 ملايين شجرة على مساحة مزروعة تقدر بـ٢٣ ألف هكتار، بالمقابل ووفقاً لأرقام الموسم الماضي، فإن ما يقارب 60 ألف دونم من المساحات المزروعة بالزيتون خرجت من الإنتاج حينها، وذلك بسبب يباس الأشجار وتلفها نتيجة الشح الكبير بمياه الري، الذي بدأت تعاني منه محافظة درعا نتيجة ضعف الهطلات المطرية والاستخدام العشوائي للمياه، ومع تفاقم أزمة الجفاف هذا الموسم تبدو الصورة قاتمة أكثر، مع خروج المزيد من المساحات المزروعة بالزيتون من الإنتاج تباعاً.
المزارع عبد الحميد أيوب، يرى أن توفير المياه لسقاية الزيتون لم يعد بالأمر الهين، في وقت بات فيه الحصول حتى على مياه للشرب صعباً، مع تكاليف مادية مرهقة في حال قرر المزارعون دعم الأشجار بريّات تكميلية، مضيفاً: إن سعر المتر المكعب من المياه ارتفع لحدود ٤٠ ألف ليرة في بعض المناطق، ما يجعل من الري عملية ذات جدوى منخفضة في ظل ما تعانيه التربة من جفاف وتشققات تذهب معها مياه الري هدراً.

حلول إسعافية

وتشهد أرقام إنتاج الزيتون في درعا تراجعاً حاداً، إذ وصل إلى ٢٥ ألف طن كمعدل وسطي للسنوات الأخيرة في محافظة كان إنتاجها من الزيتون يقارب ٧٥ ألف طن قبل أكثر من عقد من الزمن، في وقت تزايدت فيه التوقعات باستمرار التراجع هذا الموسم نتيجة الجفاف.

خبير ينصح بتوفير ريّة واحدة أو اثنتين خلال الصيف لضمان عدم يباس الأشجار وموتها بالكامل

الخبير الزراعي أحمد الكنعان يحذر من أن الجفاف ومشاهد يباس الأشجار، لا تنعكس فقط على تراجع في الإنتاجية من الزيت والثمار في موسم واحد، بل إن تأثيراتها قد تستمر لمواسم قادمة، وهو ما يهدد القطاع بالكامل، لافتاً لـ”صحيفة الحرية” إلى أن شجرة الزيتون تتأقلم مع الجفاف، ولكن ليس لفترات طويلة، إذ تحتاج الحد الأدنى من المياه لتبقى على قيد الحياة، وبما يتراوح بين ٣٠٠ إلى ٦٠٠ ليتر خلال العام وهو ما لم يعد متاحاً.
ومع تعذر إمكانية تقديم ريّات كاملة خلال أشهر السنة، ينصح الخبير بتوفير ريّة واحدة أو اثنتين خلال الصيف لضمان عدم يباس الأشجار وموتها بالكامل، فضلاً عن التخلي عن الري السطحي وتعميم أنظمة التنقيط، التي تنقل المياه “مباشرة إلى جذور الأشجار” وتتيح تجنب الهدر.
وللتكيف مع الوضع المناخي الجديد، يرى الكنعان أنه لا ضير من التخلي عن زراعة الزيتون في الأراضي “المتعبة” من تكرار سنوات الجفاف، وتطوير الزراعة في مناطق أخرى جديدة، مع اعتماد الأصناف المتكيفة مع الجفاف والأكثر مقاومة للضغط الناجم عن نقص المياه.

Leave a Comment
آخر الأخبار