الحرية – سامي عيسى:
الاستثمار في العقارات الحكومية المتوقفة وغيرها، يأخذ اهتماماً خاصاً واسعاً لدى الحكومة والجهات المعنية، في ظل ظروف يعاني فيها القطاع العام ظروفاً صعبة، تبدأ بشح السيولة، مروراً بالخبرات والترهل الإداري وصولاً لتراجع الإنتاجية وغيرها من مشكلات، لذلك من وجهة النظر الحكومية الخيار الأنسب هو الاستثمار الممنهج، الذي يعود بالفائدة الاقتصادية والاجتماعية للجميع.
من هنا أكدت الخبيرة التنموية “رشا سيروب” أن أي قرار يتعلق بإعادة هيكلة أو خصخصة الأصول المملوكة للدولة، يجب أن يكون جزءاً من رؤية اقتصادية وطنية شاملة، مشددةً على أن هذه المسألة تتجاوز الجانب الاقتصادي لتصبح مسألة سياسية وقانونية، تتطلب تفويضاً من السلطة التشريعية المنتخبة.
وحذرت سيروب في تصريح لـ “الحرية” من أن اتخاذ قرارات مصيرية كهذه في ظل غياب الشفافية وتركز الثروة، يهدد بتحويل الأصول العامة إلى أداة لإثراء فئات محددة على حساب المصالح الإستراتيجية للدولة والشعب.

خبيرة تنموية تحذر من تكرار سيناريوهات تركز الثروة
الخصخصة: قرار إستراتيجي يتطلب تفويضاً وطنياً
أوضحت سيروب أن الأصول والمرافق العامة هي ملكية عامة، وبالتالي فإن اتخاذ قرار بخصخصتها يتطلب أن يكون للحكومة تفويض صريح بموجب الدستور والقوانين النافذة، وشددت على أن الخصخصة لا يمكن أن تأتي بمعزل عن “الرؤية الاقتصادية الكلية للدولة” ويجب أن تكون جزءاً من سياسة وطنية واضحة ومدروسة، وليست مجرد إجراءات سريعة قد ترتب التزامات على الحكومات القادمة.
تحذير من تكرار سيناريوهات تركز الثروة
نبهت الخبيرة الاقتصادية إلى أن البيئة الحالية في سوريا، التي تتسم بتركز شديد في الثروة وترهل في المؤسسات الحكومية وانتشار للفساد، تجعل أي عملية خصخصة محفوفة بالمخاطر.
وأكدت أنّ الخصخصة في ظل هذه المعطيات لن تؤدي إلّا إلى إعادة تمركز الثروة، ما يفتح الباب أمام فئات محددة، خاصة تلك التي احترفت الالتفاف على العقوبات، للاستحواذ على المؤسسات المملوكة للدولة.
وأشارت إلى أن التخلص من الممتلكات العامة دون الأخذ بالحسبان هذه المخاطر، سيؤدي إلى ضياع حق الشعب السوري في أمواله العامة والإضرار بالمصالح الاقتصادية والإستراتيجية طويلة الأجل.
إصلاح القطاع العام بدلاً من التخلص منه
الخبيرة “سيروب” دعت إلى ضرورة التمييز بين خسارة القطاع العام وسوء إدارته، مشيرة إلى أن القطاع الصناعي العام “ليس خاسراً بل مخسّر” نتيجة لسياسات سابقة فضلت التجارة على الصناعة، ونتيجة لخلل في هيكل العمالة (حيث شكل العاملون ذوو المؤهلات المتدنية أكثر من 50% من حجم العمالة)، وإن الأصول الحكومية ضخمة جداً، وإذا تمت إدارتها بشكل صحيح، فإن قيمتها بالنسبة للشعب من حيث المنافع الاجتماعية والاقتصادية يمكن أن تكون عظيمة ومرتفعة جداً، وترفع مستويات المعيشة الى مستويات متقدمة .
موضحةً أن موارد هذه الأصول، في ظل عدم نضوج القطاع الخاص، يمكن أن تدعم الخزينة العامة للدولة، وتساعد الحكومة في تحسين أدائها الاقتصادي، وضمان توفير الخدمات العامة الأساسية، والدفاع الوطني، والأنشطة ذات الأهمية الإستراتيجية.