الحرية– محمد زكريا:
لم يكن خروج البواخر والسفن العاملة من عباءة العلم السوري، لضغط العقوبات والحرب التي مرت بها البلاد، إنما لأسباب أخرى تتعلق بعدم قدرة مؤسسات النقل البحري مجتمعة من احتواء تلك البواخر العاملة تحت راية العلم السوري، ولم تسعَ تلك المؤسسات إلى تقديم تسهيلات ومحفزات لها، بهدف استمرارية تلك البواخر حاملة للعلم السوري، ومن المفارقات المسجلة أنه عندما يتم تزويد تلك السفن بمادة المياه، تتسابق تلك المؤسسات إلى فرض رسوم على تلك الخدمة، علماً أن تزويد السفن بالمياه يمنح بالمجان في كل مرافئ العالم، كما أن مرفئي طرطوس واللاذقية، وحتى مصب بانياس النفطي، يتعمدون التأخير في عمليات التفريغ والتحميل، بهدف زيادة الرسوم على الباخرة، إضافة إلى إجراءات أخرى فيها الكثير من الروتين والتعقيد، مثل: حرية المخالطة وإجراءات التفتيش المعقدة، كل ذلك هي من الأسباب التي أدت إلى خروج تلك السفن من العباءة السورية.
تراجع مخيف
وحسب المعطيات التي ظهرت خلال السنوات الماضية، فإن عدد السفن المسجلة تحت راية العلم السوري قبل العام 2010 نحو 300 باخرة، في حين لم يبقَ في العام الماضي سوى عدد قليل لا يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة، هذا الأمر أدى إلى تراجع في الحركة الملاحية في كلا المرفأين “طرطوس– اللاذقية”، من 25 مليون طن إلى 4 ملايين طن سنوياً، بالمقابل مرافئ دول الجوار استقطبت هذه البواخر من خلال تقديم العديد من التسهيلات لها، حتى إن البواخر الثلاث التي تملكها المؤسسة العامة للنقل البحري، والتي أصبحت في يد المستأجر لم تعد في السنوات الأخيرة تعمل تحت راية العلم السوري..؟!
خطة شاملة
بالتأكيد عملية عودة هذه البواخر للعمل تحت الراية السورية، تحتاج إلى جهد كبير من خلال تقديم بعض المحفزات والتسهيلات، حيث أشار المدير العام للمديرية العامة الموانئ عدنان حاج عمر إلى أن المديرية تسعى إلى استقطاب أصحاب السفن السورية، البالغ عددها نحو أربعة آلاف سفينة، ورفع علم البلاد عليها، بعدما اضطر العديد من مالكيها إلى تسجيلها تحت أعلام دول أجنبية نتيجة القيود المصرفية المفروضة قبل رفع العقوبات.
موضحاً أن المديرية العامة للموانئ أطلقت خطة شاملة لإعادة السفن السورية إلى العلم الوطني، تتضمن تقديم حوافز تشجيعية، من بينها إعفاءات جمركية وتسهيلات إدارية، إلى جانب مراجعة التشريعات البحرية لتبسيط إجراءات التسجيل، وتهيئة بيئة تنظيمية وبحرية أكثر استقراراً بهدف استعادة المستثمرين السوريين إلى القطاع البحري، كما لفت إلى أن هذا التراجع في حركة الملاحة انعكس مباشرة على ارتفاع تكاليف الشحن البحري إلى سوريا، ما أدى إلى زيادة أسعار المنتجات النهائية، وتحميل المستهلك السوري أعباء إضافية.