الحرية – مها سلطان:
بدءاً من اليوم الخميس تباشر اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب الإجراءات العملية لتطبيق المرسوم 143 لعام 2025 الذي أصدره الرئيس أحمد الشرع أمس والخاص بالمصادقة على النظام الانتخابي المؤقت لمجلس الشعب.
ووفق رئيس اللجنة محمد طه الأحمد، تم تقسيم الدوائر الانتخابية إلى 62 دائرة ستجري فيها عملية الترشح والانتخاب، على أن يتم استقبال مقترحات عضوية الهيئات الناخبة في الدوائر التي تم تقسيمها حتى الوصول لعملية الانتخاب والفرز وإصدار النتائج.
ومن المقرر أن تجري الانتخابات ما بين 15 و20 أيلول المقبل، أي بعد أقل من شهر من الآن، وهي الأولى بعد سقوط النظام السابق في 8 كانون الأول الماضي.
تفاؤل تحاصره المخاوف
ورغم أن هذه الانتخابات تمثل نقطة تحول حاسمة لإحياء الحياة البرلمانية في سوريا والتحرر من الإرث القانوني والسياسي للنظام السابق، ورغم أن السوريين ينظرون بعين الرضا والتفاؤل لهذه الانتخابات إلا أنهم لا ينكرون في المقابل مخاوفهم المتعلقة بصورة خاصة بأحداث السويداء من جهة، وما تمثله قوات سوريا الديمقراطية «قسد» من تحدٍ أمني وسياسي، من جهة أخرى.
لا شك أن هذه المخاوف ليست بوتيرة واحدة، ترتفع أحياناً وتنخفض في أحيان أخرى، وهي وتيرة يحددها بشكل أساسي المسار السياسي للقيادة السورية ممثلة بالرئيس الشرع، وما تبديه من ثقة وصلابة في المضي قدماً لوضع الاستحقاقات الوطنية والسيادية موضع التنفيذ ومنها إعادة بناء النظام التشريعي في سوريا، ممثلاً بمجلس الشعب (البرلمان).
بناء النظام التشريعي/ الانتخابات البرلمانية/ ليس انجازاً منفصلاً عن التحديات الأمنية والسياسية، وليس انجازاً مرتبطاً بتوقيت وفترة زمنية محددة، بل هو اختبار ممتد – في الزمان والمكان- للدولة وإمكانياتها وقدرتها على رسم مسار شامل حقيقي لسوريا، وإثبات أن الانتخابات البرلمانية المنتظرة لا تقتصر فقط على ملء المقاعد، بل ارساء دولة قانون ومؤسسات تخدم جميع مواطنيها.
بالمقابل، فهذا الاستحقاق الانتخابي ليس تحدٍ واختبار للدولة فقط، بل هو بالتوازي تحد واختبار للسوريين أنفسهم ليكونوا بدورهم على قدر المسؤولية التاريخية والوطنية التي تفرضها المرحلة، وبما يُمكّن سوريا من تجاوزها بأقل الخسائر في ظل جسامة التحديات والمخاطر التي تشهدها.
عملية شاملة
كل هذا حاضر في المشهد الانتخابي، السياسي والشعبي، منذ أصدر الرئيس الشرع في 13 حزيران الماضي، المرسوم رقم 66 لعام 2025، القاضي بتشكيل لجنة باسم «اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب». (وكان الرئيس الشرع تسلم أواخر تموز الماضي النسخة النهائية من النظام الانتخابي المؤقت لمجلس الشعب السوري، والذي شهد في تفاصيله بعض التعديلات، أبرزها رفع عدد المقاعد من 150 إلى 210).
.. ومعه كان حاضراً توقع أو احتمال أن يتم تأجيل الانتخابات، خصوصاً بعد أحداث السويداء وما تبعها من تداعيات وتطورات أهمها على خط دمشق – قسد مع استمرار قسد في انتهاك تعهداتها وعدم الوفاء بالتزاماتها وفق اتفاق 10 آذار، ومساعيها المتواصلة لفرض واقع تقسيمي، علماً أن العملية الانتخابية هي عملية شاملة لجميع المحافظات بما فيها الجنوب (السويداء) والشمال الشرقي (ما يسمى المناطق الخاضعة لقسد) عبر عدة اجراءات على الأرض سواء على مستوى المراكز الانتخابية، أو أماكن تواجدها، وضمان أمنها وبما يسمح للناخبين الإدلاء بأصواتهم.
ورغم أن تصديق الرئيس الشرع على النظام الانتخابي يعني عملياً أنه لن يتم تأجيل الانتخابات، إلا أن احتمال التأجيل يحجز مكاناً له في المشهد الانتخابي خصوصاً مع ثلاثة أسابيع تفصلنا علن موعد الانتخابات، وطبعاً الجميع يربط احتمال التأجيل بأحداث السويداء وقسد، ويرون أنه مبرر ومنطقي في حال اتخذت التطورات مساراً لا يخدم العملية الانتخابية، وحيث أن الدولة ستجد حينها ضرورة للتريث بعض الوقت في سبيل الوصول إلى عملية انتخابية ناجحة.
رغم أن السوريين ينظرون بعين الرضا والتفاؤل لهذه الانتخابات إلا أنهم لا ينكرون مخاوفهم المتعلقة بـ«قسد» وأحداث السويداء واحتماليات تأثيرها سلباً على المسار الانتخابي
أهم نقاط المرسوم 143
بعيداً عن الخوض في مسألة التأجيل، تابع السوريين كل ما تتضمنه مرسوم النظام الانتخابي والذي بدا شاملاً إلى حد كبير، وفي أبرز نقاطه:
– منع ترشح دعاة التقسيم والانفصال والاستقواء بالخارج، وداعمي النظام البائد.
– أن يكون العضو سورياً قبل تاريخ 1 أيار 2011.
– ألا يكون منتمياً للقوات المسلحة أو الأجهزة الأمنية.
– منع المحافظين والوزراء السابقين من الترشح.
– ألا يكون محكوماً بجناية أو جرم مخل بالشرف، وألا يكون عضواً في مجلس الشعب أو مرشحاً له في الفترة ما بعد عام 2011 إلا إذا أثبت انشقاقه.
– ضوابط صارمة للدعاية الانتخابية، منها: المحافظة على الوحدة الوطنية، وصيانة أمن المجتمع والسلم الأهلي، وعدم تضمين الدعاية أي دلالات إثنية أو مذهبية أو طائفية، أو ما يخالف النظام العام.
– عقوبات مشددة على الجرائم المرتكبة أثناء العملية الانتخابية، حيث تكون العقوبة ضعف العقوبات المنصوص عنها في قانون العقوبات السوري.
– اللجنة العليا هي المشرفة على الانتخابات وتشكَّل بمرسوم من رئيس الجمهورية، فيما تتولى اللجان الفرعية تنظيم الانتخابات على مستوى الدوائر.
– مقر اللجنة العليا سيكون في دمشق، وهي «تتولى الإشراف الكامل على الانتخابات وضمان حريتها ونزاهتها» وتمارس عملها باستقلالية تامة عن أي جهة أخرى.
– عدد الأعضاء 210، يعين الرئيس ثلثهم، ويُنتخب الثلثان منهم وفق أحكام المرسوم، بينما يتم توزيع المقاعد على المحافظات حسب التوزع السكاني.
– عدد أعضاء الهيئة الناخبة في كل دائرة يساوي عدد المقاعد المخصصة لها مضروباً بالرقم50، على ألا يقل العدد عن 30.
– تشكيل لجنة قانونية تابعة لها لتقديم المشورة وصياغة اللوائح، إضافة إلى لجان فرعية – على مستوى الدوائر- تشرف على العملية الانتخابية بتفاصيلها.
– مراعاة تمثيل الكفاءات بنسبة 70 بالمئة، والأعيان بنسبة 30 بالمئة، إضافة إلى تمثيل المرأة بنسبة لا تقل عن 20 بالمئة، وتمثيل المهجّرين وذوي الشهداء والمصابين وذوي الإعاقة.
– يكون التصويت سرياً ومباشراً، وتُعتبر الأصوات باطلة في حال شُطبت أوراق الاقتراع أو وُضعت عليها إشارات مميزة. أما الطعون فتقدم إلى لجان قضائية مستقلة، وقراراتها مبرمة.
– يبدأ المجلس مهامه بعد جلسة القسم، حيث يؤدي الأعضاء اليمين الدستورية، وينتخبون رئيس المجلس ونوابه وأمناء السر بالاقتراع السري.
بناء نظام تشريعي ليس إنجازاً وقتياُ منفصلاً عن التحديات الأمنية والسياسية بل هو اختبار ممتد للدولة وإمكانياتها وقدرتها على رسم مسار شامل حقيقي وإرساء دولة قانون ومؤسسات
نص القسم
«أقسم بالله العظيم أن أكون مخلصاً للوطن، وأن أحافظ على استقلال البلاد ووحدتها وسلامة أراضيها، وأن أحترم الدستور والقانون، وأن أؤدي أعمالي بأمانة وإخلاص».