اتفاق وقف العدوان على غزة.. هل يؤسس لحل الصراع الإسرائيلي ـ الفلسطيني؟

مدة القراءة 5 دقيقة/دقائق

الحرية ـ سامر اللمع
إنه ” أعظم الاتفاقيات”، بهذه العبارة وصف الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، اتفاق وقف إطلاق النار في غزة والذي توسط هو شخصياً في التوصل إليه، ووقع على بنوده إلى جانب كل من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان. في “قمة السلام” التي عقدت أمس في منتجع شرم الشيخ المصري بحضور أكثر من 20 زعيماً عالمياً.
الوثيقة الموقعة في شرم الشيخ، دعت “إلى التسامح والاحترام وتكافؤ الفرص لكل فرد، مع ضمان أن تكون المنطقة مكاناً يمكن للجميع أن يطمح فيه إلى السلام والأمن والازدهار الاقتصادي”.
كما أكد الموقعون عليها، “سعيهم لتحقيق رؤية شاملة للسلام والأمن والازدهار المشترك في المنطقة، استناداً إلى مبادئ الاحترام المتبادل والمصير المشترك، وبالتزامهم بالعمل لتنفيذ هذا الإرث والحفاظ عليه، وبناء الأسس التي يمكن للأجيال القادمة أن تزدهر عليها معاً في سلام مستدام”.
إنها لحظة مهمة في هذه الحرب المؤلمة على غزة، وهي قبل كل شيء لحظة إنسانية بامتياز، فردود الفعل الرسمية والشعبية العفوية الأولى توضح هذه الصورة حيث تنفس الناس الصعداء في جميع أنحاء المنطقة، وحول العالم الذي انشغل بهذه الحرب بشغف أكثر من أي صراع آخر.
لكن هذه مجرد البداية، وليست النهاية. إنه وقف لإطلاق النار، وليس اتفاق سلام. ولا تزال أصعب القضايا مطروحة على الطاولة. حيث أن المسار الأبعد مدى والأدوم زمناً من إنهاء الحرب الخبيثة في غزة – على جلالة وعظمة هذا الإنهاء – هو بناء وضع سياسي جديد – قديم، للقضية الفلسطينية، أي بناء دولة تملك أسباب البقاء للشعب الفلسطيني، أو الموجود منه في جغرافيا حدود عام 1967.
ولكي نكون واقعيين في فهم الصورة الحالية، فإن ما جرى في شرم الشيخ هو إنهاء العدوان الإسرائيلي على غزة، وهذا عملٌ مهم، لكنّه ليس حلّاً نهائياً لأسباب الحروب المتجدّدة، التي تهدأ حيناً لتعود من جديد.
فالحل النهائي لهذا الصراع الطويل يكمن في اعتراف “إسرائيل” بحق الشعب الفلسطيني في بناء دولته المستقلة، كاملة الحقوق والمقومات، وباعتراف حقيقي، له مرجعياته الدولية المعروفة من قبل. وقد تمثل هذا المسارّ الأعمق أثراً بالتحرك الذي قادته السعودية وفرنسا عالمياً، وتمخض عن اعتراف جملة كبيرة من الدول في العالم بهذه الدولة، والباقي في الطريق.
وخلال القمة، أعرب الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي عن أمله بأن “يغلق هذا الاتفاق صفحة أليمة في تاريخ البشرية، ويفتح الباب لعهد جديد من السلام والاستقرار في الشرق الأوسط”.
وأضاف: “أعيد التأكيد على دعمنا وتطلعنا لتنفيذ هذه الخطة، بما يخلق الأفق السياسي اللازم، لتنفيذ حل الدولتين، باعتباره السبيل الوحيد نحو تحقيق الطموح المشروع للشعبين الفلسطيني والإسرائيلي في طي صفحة الصراع والعيش بأمان”.
وإذا كان الرئيس المصري قد أظهر بعض التفاؤل في الوصول لحل مستدام للصراع الفلسطيني الإسرائيلي, إلا أن العاهل الأردني, الملك عبد الله الثاني, كان أقل تفاؤلاً وأكثر تحفظاً حول هذه المسألة. حيث حذّر من أن الشرق الأوسط سيُواجه مصيراً مظلماً ما لم تُستأنف عملية سلام تؤدي إلى قيام دولة فلسطينية.
وقال الملك عبد الله في مقابلة حصرية مع برنامج “بانوراما” على بي بي سي، بينما كان يستعد لحضور قمة شرم الشيخ : “إذا لم نحلّ هذه المشكلة، وإذا لم نجد مستقبلاً للإسرائيليين والفلسطينيين أو علاقة مستقبلية بين العالمين العربي والإسلامي وإسرائيل، فنحن نواجه مصيراً مظلماً”.
وأوضح الملك أن المنطقة شهدت محاولات سلام عديدة فاشلة، وأن تنفيذ حل الدولتين – أي إقامة دولة فلسطينية مستقلة في الضفة الغربية وقطاع غزة إلى جانب إسرائيل – هو الحل الوحيد.
في قصارى القول, فإن العالم يبدو منتشياً غداة قمة شرم الشيخ التي أوقفت الحرب الإسرائيلية على غزة, إلا أن هذه النشوة والفرحة لا بد لها أن تكتمل بإطلاق مسار واضح لحل صراع وجودي مستمر منذ أكثر من /77/ عاماً مخلفاً الكثير من الويلات منذ أن زرع الغرب الكيان الإسرائيلي في قلب المنطقة العربية, وغير ذلك فإن الصراع سيستمر مجدداً وتستمر معه آلام الشعب الفلسطيني الذي قدم الكثير من الأرواح والدماء.

Leave a Comment
آخر الأخبار