ارتفاع الأسعار يدفع المقبلين على الزواج إلى سوق الأثاث المستعمل

مدة القراءة 3 دقيقة/دقائق

الحرية – لوريس عمران:

في خضم الضغوط المعيشية المتزايدة وارتفاع تكاليف الحياة اليومية، لم يعد تأثيث منزل الزوجية بدايةً ميسّرة كما كان في السابق، فقد دفعت أسعار الأثاث الجديدة، التي باتت تفوق القدرة الشرائية لأغلبية العائلات، شريحة واسعة من الشباب المقبلين على الزواج إلى التوجه نحو سوق الأثاث المستعمل، بحثاً عن خيارات واقعية تتيح لهم بدء حياتهم الأسرية دون الوقوع في فخ الديون أو الأعباء المالية الثقيلة.
أحمد، شاب في أواخر العشرينات، يبين أنه كان يتمنى أن يبدأ حياته الزوجية بأثاث جديد، لكن الأسعار صدمته. مضيفاً لصحيفة الحرية: غرفة النوم وحدها تتجاوز ما ادّخرته. وجدت في الأثاث المستعمل بديلاً مناسباً، بجودة جيدة وسعر معقول.
تجربة نسرين، وهي مخطوبة منذ أشهر، لا تختلف كثيراً، إذ توضح أنها وزوجها قررا سريعاً العدول عن شراء الأثاث الجديد بعد جولة على الأسواق، مضيفة: “الأسعار غير منطقية. لجأنا إلى سوق المستعمل، واستطعنا تأمين معظم ما نحتاجه بتكلفة أقل بكثير”.
الطلب المتزايد على الأثاث المستعمل انعكس بوضوح على حركة الأسواق المتخصصة، التي تشهد اليوم انتعاشاً لافتاً، ولا سيما في المدن الكبرى.
يبين سامي، وهو صاحب متجر لبيع الأثاث المستعمل في دمشق: “الإقبال تضاعف خلال السنوات الثلاث الأخيرة. أغلب زبائننا من الشباب المقبلين على الزواج أو الأسر ذات الدخل المحدود، نحاول تلبية الطلب بعروض متنوعة تناسب مختلف الميزانيات”.
في موازاة ذلك، أسهم انتشار المنصات الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي في تعزيز هذا التوجه، إذ بات الكثيرون يعتمدون على تطبيقات البيع والشراء لاقتناء أثاث مستعمل بحالة جيدة وبأسعار تقل كثيراً عن مثيلاتها في الأسواق التقليدية. إذ تؤكد هبة، التي جهّزت منزلها بالكامل عبر هذه الوسائل، أنها وفّرت الوقت والجهد، واستطاعت الحصول على أثاث بحالة ممتازة بنصف التكلفة تقريباً”.
ولا يبدو أن هذا الاتجاه مجرد استجابة ظرفية، إذ يرى أستاذ الاقتصاد في جامعة اللاذقية الدكتور علي ميا أن التحول نحو الأثاث المستعمل يعكس وعياً استهلاكياً متزايداً.
ويضيف :”لم يعد اقتناء الأثاث الجديد معياراً للرفاهية أو الجاهزية الاجتماعية، بل باتت الكفاءة في إدارة الموارد هي الأهم، وخاصة في ظل التحديات الاقتصادية الراهنة”. مشيراً إلى أن هذا التحول قد يُشكل بداية لنمط استهلاكي أكثر استدامة، يعزز التوازن بين الحاجة والجودة والتكلفة.
ورغم ما يحمله هذا الواقع من صعوبات، إلا أنه يكشف أيضاً عن قدرة المجتمع السوري، ولاسيما فئة الشباب، على التكيّف مع المتغيرات، والبحث عن حلول عملية تنسجم مع الإمكانات المتاحة، وتمنحهم بدايةً مستقرة لحياتهم الجديدة، ولو بأدوات مستعملة.

Leave a Comment
آخر الأخبار