استرداد الأصول غير المشروعة يسهم في إعادة الإعمار وتعويض المتضررين

مدة القراءة 5 دقيقة/دقائق

الحريّة-هبا علي أحمد:
ظهر توجه رسمي في سوريا لإسترداد الأصول غير المشروعة، بالخارج التي تورط فيها العديد من مسؤولين ورجال أعمال في النظام السابق، و بما يؤدي إلى تعزيز شرعية نظم الحكم الجديدة، ودعم المؤسسات المالية والرقابية، وتحسين الأوضاع الاقتصادية الداخلية.
وتأتي أهمية استرداد الأصول غير المشروعة لإعادة بناء اقتصاد أكثر استقراراً وديمومةً، وخطوة مهمة لإعادة الثقة بين المواطن وحكومته، ومن المتعارف عليه أن الأصول غير المشروعة هي المكتسبة بطرق غير قانونية ،أو الممارسات الخاطئة المتعلقة بالمنافسة التجارية مثل (السرقة، والغصب، والاحتيال، أو الرشوة).
في حين أن الأصول المشروعة هي كل ما اكتسب بطرق مشروعة (كتجارة مباحة، أو إرث، أو هبة) وتكون مستوفية لشروط التمليك ومتوافقة مع أحكام الشريعة والقانون.

استرداد الأصول يُمثل بعداً اقتصادياً مهماً و جزء من عملية بناء مستقبل اقتصادي مستقر ومستدام

البُعد والتحدّيات

يرى الباحث الاقتصادي فاخر قربي أن استرداد الأصول، يُمثل بعداً اقتصادياً مهماً ويعتبر جزء من عملية بناء مستقبل اقتصادي، مستقر ومستدام وتشاركي مع دول الإقليم، حيث يكون للجميع الحق في العيش الكريم في بيئة يسودها القانون ويعزز فيها المواطنون الثقة بمؤسسات دولتهم.


غير أن هناك تحدّيات تواجه الجهات الرسمية المعنية باستعادة تلك الأموال، يستعرضها قربي على النحو التالي:
1- غياب الخريطة المعلوماتية «شبه الكامل» بشأن أموال وأملاك كبار مسؤولي النظام السابق بالخارج: لا تتوافر في بعض الدول العربية بطاقة معلوماتية تحصر أموال وأملاك المسؤولين السابقين، حيث يعتمدون على التحايل والشركات الوهمية التي تؤسس بأسماء مستعارة ،علاوة على عدم معرفة هوية الدول التي تم تهريب أموال إليها.
2- تعدد مستويات التعامل مع الجهات المعنية بإستعادة الأموال: يُعد المسار الذي يتم فيه تحديد وتجميد وإعادة هذه الأموال للبلدان التي كانت ضحية لهذا الفساد أقرب إلى عملية معقدة ومتعددة المستويات، على نحو قد يحدث تضارباً نتيجة غياب التنسيق بين الجهات المعنية باستعادة الأموال المنهوبة بالخارج، لذا يُطالب البعض بدعم التنسيق المحلي بين الجهات المختصة بعملية استرداد الأموال المنهوبة، مما ينتج عنه إنشاء فرق عمل محلية تمثل الأطراف الشريكة من جهات رقابية وقضائية وقانونية ودبلوماسية واستخباراتية واستشارية ومالية وبنوك مركزية وغيرها، فلابد أن يكون هناك تكامل بين مختلفة الدوائر ذات العلاقة.
3- غياب آلية التصرف في الأموال التي يتم استعادتها: ترتبط إحدى القضايا الإشكالية التي تؤثر في عملية الاسترداد – وإن لم تكن أحد عناصرها – بآلية التصرف في الأموال والأرصدة المُعادة، رغم أن العديد من الاتفاقيات الدولية والإقليمية قد وضعت بعض الضوابط التي يمكن الاهتداء بها، لمعالجة ما قد ينشأ بين كل من الدولتين الطالبة والمتلقية من نزاعات حول التصرف بشأن تلك الموجودات.
4- ثقل التأثيرات السياسية، حيث امتدت تداعيات النقاشات السياسية والمصالح المترابطة إلى إجراءات إستعادة الأموال المنهوبة من الخارج.

يُعد المسار الذي يتم فيه تحديد وتجميد وإعادة هذه الأموال أقرب إلى عملية معقدة ومتعددة المستويات

عوائق أخرى

وأوضح قربي أن هناك عوائق أخرى تواجه مسألة استرداد الأصول تتصل بقوة تحالفات «لوبيات» النظم السابقة وإدخال أموالها في صورة مشروعات، واستثمارات أجنبية ضخمة في دول متفرقة وتحت أسماء وعناوين مستعارة، واختلاف طريقة تطبيق الدول الموجودة بها الأموال المنهوبة للائحة اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التي تم المصادقة عليها في عام 2005، وإن كانت هناك خطوات ناجحة نسبياً في بعض الدول، لكنها لا تمثل إجمالي أموالها المنهوبة.
وعلى إعتبار أن عملية استرداد الأموال أو الأصول المنهوبة بالخارج هي مجموعة التدابير والإجراءات القضائية وغير القضائية والجهود المبذولة من الدول لاستعادة الأموال التي نهبت من ثرواتها ومواردها والمتأتية من عمليات الفساد والتي هُرِّبت إلى دول أجنبية.
يرى الباحث الاقتصادي أن على دول الاتحاد الأوروبي مساعدة سوريا في هذا المسعى، خصوصاً أن بعض الشركات الأوروبية كانت متورطة في كثير من قضايا الفساد وتحويل الأموال السورية واستثمارها في أوروبا.

تسهم عودة الأموال المنهوبة بالخارج في معالجة نسبية للأزمات التي تواجهها سورية من عملية إعادة الاعمار وتعويض المتضررين

معالجة الأزمات

ونوّه قربي إلى أن إحراز مؤسسات الدولة السورية، تقدماً في ملف إستعادة الأموال المنهوبة بالخارج يكون بمثابة الحلقة التي بإمكانها إعادة جسور الثقة مع قطاع واسع من الرأي العام السوري، كما إن نظام الحكم الجديد في سوريا قد يعمل خلال المرحلة المقبلة على البحث في ملف الأموال المنهوبة بالخارج.
حيث تسهم عودة الأموال المنهوبة بالخارج في معالجة نسبية للأزمات التي تواجهها سوريا، من عملية إعادة الإعمار وتعويض المتضررين وإعادة بناء ما خلفته الحرب من دمار.

Leave a Comment
آخر الأخبار