بين الطموحات والاحتياجات..كيف نجذب «استثمارات المستقبل» ونحولها لمكاسب اقتصادية استراتيجية؟

مدة القراءة 5 دقيقة/دقائق

الحرّية – هبا علي أحمد:

تحظى المشاركة السورية في مؤتمر منتدى مستقبل الاستثمار في السعودية بنسخته التاسعة، بأهمية واسعة ولاسيما مع حاجة سوريا المُلّحة لجذب الاستثمارات في مختلف القطاعات، مع وجود فرص استثمارية كبيرة وواعدة، ورغم التركيز على الاستثمار الخارجي وأهميته، إلّا أن الاستثمار الداخلي يحظى بأهمية أكبر، فبمجرد انطلاقه من الطبيعي أن يُحاول المستثمر الخارجي الدخول إلى السوق.
ويرى نائب رئيس غرفة تجارة دمشق سابقاً، محمد الحلاق أن وجود وفد اقتصادي سوري برئاسة الرئيس أحمد الشرع في منتدى مستقبل الاستثمار في السعودية، يُعبر عن رسائل هامة جداً لوجود سوريا في الساحة الاقتصادية، ولاسيما أن البلاد لديها اليوم فرص استثمارية عالية جداً لكنها ضائعة بين القوانين والتشريعات التي لا تعطي أريحية للمستثمر.

شراكة استراتيجية اقتصادية…

ويوضح الحلاق في تصريح لـ«الحرّية» أن رأس المال ليس جباناً بل حكيم، يبحث دائماً عن استثمارات تحقق له قيمة مضافة، وشراكتنا اليوم مع السعودية هي شراكة اجتماعية استراتيجية اقتصادية تقوم على محاولتهم إعطاءنا ربحية أكثر مما يأخذون، ولكن هذا لا ينفي أنه يجب أن يكونوا واثقين من استثمار رؤوس الأموال ووجود تنمية اقتصادية واجتماعية حقيقية لكل هذه المفاصل.

– الرهان اليوم ليس على المستثمر الخارجي بل على المستثمر الداخلي والبرجوازية الوطنية

النقطة الأساسية كيف نستغل ونستفيد من هذه الفرص؟ فالرهان اليوم ليس على المستثمر الخارجي بل بداية على المستثمر الداخلي والبرجوازية الوطنية، التي كانت في حقبة الثلاثينات والأربعينات والخمسينات، جرت مياه نبع الفيجة إلى دمشق وأنشأت المشافي كالمواساة، والشركة الخماسية وسواها، والتي كان رأسمالها أعلى من رأس مال الدولة وتعطي أرباحاً للموظفين والعمال.
وبيّن الحلاق أن تلك الشركات المساهمة هي التي ننادي فيها اليوم لتكون حاضرة في الساحة الاقتصادية، إذ إنه بمجرد أن بدأ المستثمر الداخلي يُفعّل استثماراته بشكل أكبر، فمن الطبيعي أن يكون هناك مستثمر خارجي يحاول الدخول إلى السوق السورية.

– اجتماعات الوفد السوري مع المؤسسات الكبرى في منتدى الاستثمار مفيدة لإظهار نقاط القوة والضعف والإضاءة على التحدّيات

الاصطدام بالتشريعات

إلّا أن ما ذكره الحلاق لا يزال يصطدم بالكثير من التشريعات التي هي بحاجة للتعديل، من هنا يتمنى الحلاق من مجلس الشعب أن يستعين بقدرات تعمل على الأرض وتعرف جيداً كيف تجد الحلول، إذ إنه من بين التحدّيات الموجودة مليونين و500 ألف عامل قادرين على العمل من دون أي تعليم، هؤلاء يجب إعادة تشبيكهم بالاقتصاد الوطني سواء بالزراعة أو الحرف أو المعامل أو المهن التي تحتاج أيادي عاملة، يجب دمجهم بالمجتمع لإعادة تأهيله ليبني نفسه بنفسه.
فالبلاد (وفقاً ما ذكره الحلاق ) لا تحتاج كثيراً للعمل لتروج لنفسها، فبمجرد أن أصبح لديها دافع داخلي للانتعاش ستجذب الاستثمارات، خصوصاً أن هناك ميزات نوعية لكل محافظة لجهة السياحة والصناعة والاقتصاد، ولاسيما مع محاولة إعادة توفير قصة جر المياه، البيئة المناخية المناسبة، وهذا كله يحب أن يكون جاذباً بالنسبة لكل مستثمر.
وتابع الحلاق: حتى الآليات الاقتصادية التي سنفعلها كشريك يجب أن تطرح خارطة استثمار والتحدّيات التي تواجهها وكيفية تحويلها لفرص، فالتحدي هو عبارة عن فرصة في مكان آخر ولا بدّ أن نستثمر رؤوس الأموال المتوفرة داخلياً وخارجياً، وهي ليست عائقاً بل العائق هو الفكر والتنمية والاستراتيجيات والكفاءات والشخص المناسبة في المكان المناسب وهو ما يجب أن نعمل عليه.

التحوّل الرقمي

وحول موضوع التحوّل الرقمي، يراه الحلاق أحد التحدّيات الكبيرة حيث سيكون هناك وفر اقتصادي كبير منه على المستوى القريب والمتوسط ، ولكننا لم نستطع حتى الآن استقطاب الكفاءات التي من شأنها صنع تحول رقمي حقيقي، إذ لم تتم حوكمة المؤسسات بشكل حقيقي حتى الآن، بسبب إرهاصات الأزمة السابقة، ولكن مجرد ما بدأنا بذلك في القطاع العام والخاص، سنتحول حكماً باتجاه التحوّل الرقمي.
ونوّه الحلاق إلى نقطة غاية في الأهمية،  وهي  أن المؤسسات المالية الكبرى التي سيجتمع معها الوفد السوري هي مفيدة وستعود علينا بفائدة كبرى لجهة إظهار نقاط القوة والضعف والإضاءة على التحدّيات، لكن المشكلة الحقيقية هي أن هذه الاجتماعات تحدث على المستوى الأعلى من الحكومة في حين أن الحلقات الأدنى لا تعرف ما يجري إلا من خلال الإعلام الذي ينقل الصورة الوردية فقط.
فنحن اليوم بحاجة للصدمة، أي أن نعرف ما هو واقعنا حتى نستطيع إصلاح الفجوات القائمة وتحسين بيئة الاستثمار، ويجب أن تتوفر المعلومات لدى الجميع لنعرف ما هي القدرات الموجودة، وكيف يمكننا مساعدة الحكومة لتحقيق أهدافها، إذ إنها رغم قوتها لا زالت حتى الآن بحاجة لتكاتف المجتمع المحلي والاقتصادي، وحتى هذا المجتمع انكفأ على نفسه ولم يعد فاعلاً مع الحكومة، وهناك قلة قليلة فاعلة في المجتمع التجاري والاقتصادي والصناعي، وهذا ما يجب أن نعمل على تعزيز وجوده والاستفادة منه.

Leave a Comment
آخر الأخبار