الأديب خليل صويلح  يوقّع روايته “ماء العروس”

مدة القراءة 3 دقيقة/دقائق

الحرية – ميسون شباني: 

روائي يجد نفسه غارقاً بمُسودات رواية لم تكتمل يوماً، لإحساسه بأنه سيدخل حقل ألغام! هكذا يشتبك المؤلف مع الروائي والمروي عنه في رسم خرائط متداخلة تبعاً لاحتدامات الذاكرة وشجاعة الاعترافات: طفولة منهوبة ومعذّبة يستدعيها الروائي لترميم صور مغبّشة لم يفكّكها كما ينبغي في رواياته السابقة، محاولاً تقليب التربة بمحراثٍ آخر، بالإضافة إلى وقائع راهنة وضعته في مهبّ أسئلة صعبة عن معنى الفقدان والإذلال والخنوع، وهو بذلك يختزل تاريخ بلاد منكوبة بإشارات خاطفة تمزج الشخصي بالعام، والأسطورة بخشونة العيش، والأحلام بالكوابيس، والغريزة بيقظة الحواس، والجنازات بقصص العشق، ورمال الصحراء ببياض أجراس القطن.

مشاكس لشخوصه

مشّاء في شوارع دمشق اليوم يطارد شخصياته في أزقتها ومقاهيها وعمارتها العتيقة مثل طوبوغرافي في متاهة. على المقلب الآخر تحيل الرواية إلى مرجعيات مهمة شكّلت ثقافة الراوي، في مقدمها كتاب “ألف ليلة وليلة” في نسختيه الشفوية والمكتوبة، وذلك باستدعاء حكايات الجدّة من جهة، ونسخة نادرة من “دستور فن الحكاية”. كما تحضر إشارات من كتاب “دون كيخوته” بوصفه أكثر الكتب تأثيراً في مخيلة الراوي، مروراً بحريق حي ساروجة وفقدان ملايين الوثائق من “مركز الوثائق التاريخية”. وما بين الأمس واليوم سنتعرّف إلى سيرة مشحونة بالأسى والعزلة والخراب.

من فيض “ماء العروس”

من مناخات الرواية نقتطف المقطع التالي “سيصرف ثمانية وعشرين عاماً من حياته، كما لو أنه كان يرقد فوق بيوض الوهم التي تكشّفت عن ديوكٍ هزيلةٍ ليس بإمكانها الطيران إلى أبعد من مترٍ واحد قبل أن ترتطم أجنحتها بالأرض الصلبة. سوف يدير الصبي وجهه جانباً، وهو يقبض على ساقي الخروف المبطوح أرضاً بعنقٍ مكشوف أمام سكين الأب، كي لا يرى شخب الدم، وسيلجأ إلى غرفته هرباً من منظر ثور لحظة ذبحه في عيد الأضحى، وسيشهد انقلاباً عسكرياً واحداً على الأقل، وحروباً خاسرة، ومذابح، ومجاعات. كما أنه لم ينم على سرير منذ أن هجر قاع البانيو خشية أن تعاوده كوابيسه القديمة. كان واحداً من أولئك الذين تعلّموا القراءة والكتابة والنوم بوضعية المقاتل منبطحاً. يفترش الأرض كما لو أنها سجّادة سحرية، يصحب السندباد البرّي في مغامراته العجائبية على ضوء مصباح الكاز، ويجتاز المسافات خبباً على ظهر حصان لإنقاذ أميرة مخُتطفة، ويشتبك مع قراصنة، وقطّاع طرق، ووحوش مفترسة في معارك ضارية. كانت هذه الحكايات تتسلل إلى ذاكرته بصوت الجدّة ولهجتها البدوية وحبكاتها المشوّقة، لا كما هي مدوّنة في الكتب التي قرأها لاحقاً. الغريب أنه كلما زار مكتبة، ووقف أمام رفوف الكتب، تهبُّ من الصفحات رائحة كيروسين في أنفه، وفي الوقت نفسه تتسرّب من مسامات جلده رائحة جسد مهيرة وهما متعانقان بين شجيرات حقول القطن، أو في ظلال شجيرات عبّاد الشمس، أو في عتمة حظيرة الدواب”.

تجدر الإشارة إلى أنّ رواية “ماء العروس” هي العاشرة في رصيد الكاتب خليل صويلح، وسيوقّعها في مقهى الروضة وسط دمشق في الساعة الثالثة بعد ظهيرة يوم الخميس المقبل، والدعوة عامة.

Leave a Comment
آخر الأخبار