بدء العد العكسي للاستفادة من رفع العقوبات.. مشهد يقارب حالة الانفتاح وخطوات حكومية مطلوبة

مدة القراءة 6 دقيقة/دقائق

الحرية – مركزان الخليل:

مع رفع العقوبات عن الاقتصاد السوري وقرار إلغاء “قانون قيصر”، بدأت سوريا بتدشين مرحلة جديدة من الانفتاح الاقتصادي، هذه الخطوة تعطي أملًا كبيرًا بتحقيق تغييرات جذرية في مختلف القطاعات الاقتصادية والخدمية، وتتطلب أيضًا خطوات حكومية مدروسة للتغلب على التحديات السابقة.

مراجعة شاملة للمراحل السابقة

 حتى ننجح في تحقيق هذه الاستفادة لابد في رأي الخبير الاقتصادي الدكتور” شادي أحمد” من العودة قليلاً إلى الوراء، وإجراء مراجعة شاملة للمراحل التي مر بها الاقتصاد السوري، ودراسة مراحل تطوره، وذلك من أجل تكوين رؤية واضحة يمكن الاعتماد عليها خلال الأيام القادمة، وتخدم عملية التطوير والتحديث التي ننشدها، وخاصة أننا نمر في ظروف نحتاج فيها لأكثر من أي وقت مضى لإعادة ترتيب البيت الداخلي للاقتصاد السوري، وتطوير الأنظمة والقوانين الاقتصادية، بما يحقق ويتناسب مع إمكانات ومقدرات وتوجهات الدولة الجديدة.

خبير اقتصادي: الانفتاح ورفع “العقوبات وقيصر” أهم محركات فرص الاستفادة وتوفير البيئة المناسبة

انفتاح يوفر فرصاً لتعزيز التجارة والاستثمارات

وأضاف أحمد: وبالعودة للانطلاقة الجديدة التي يشهدها الاقتصاد الوطني، وبداية العد العكسي لتحقيقها، مع تسجيل محركات قوية بعد زوال العقوبات وقيصر، لتكون بداية مرحلة تاريخية جديدة تفرض سؤالاً مهماً، يدور في أذهان الجميع كيف نستفيد من حالة الانفتاح لتحسين واقع الاقتصاد ومعيشة المواطن اليومية..؟!
” أحمد” يرى أن الانفتاح الحاصل اليوم على العالم الخارجي يُعتبر تطورًا مهمًا في المشهد الاقتصادي السوري، ومن حيث المبدأ، الانفتاح يوفر فرصًا لتعزيز التجارة، وجذب الاستثمارات، ونقل المعرفة لكن من الناحية العملية، قدرتنا على الاستفادة مرهونة بتحسن الوضع، وإيجاد الحلول لتراكمية المشكلات الداخلية والتي تعود لسياسات سابقة، اتسمت بالانكفاء والتردد في الإصلاح، بعضها بسبب غياب الرؤى الواضحة والاستراتيجية السليمة للاقتصاد السوري، والمطلوب اليوم إصلاح تدريجي وعقلاني، وتحديث البنية المؤسسية لتستوعب الفرص الجديدة بدلاً من أن تتحول إلى مصدر ضغط جديد.

استفادة لتطوير العمل المصرفي

وهنا يرى “أحمد” الباب واسعاً للاستفادة من الواقع الجديد في رفع العقوبات وحالة الانفتاح لتطوير آلية العمل المصرفي، باعتباره من أهم القطاعات التي تترجم نجاح خطوات الانفتاح، وخاصة أن القطاع المصرفي يشكل أحد المفاتيح الأساسية لأي انفتاح اقتصادي ناجح، الأمر الذي يؤدي الى معالجة مشكلاته لاسيما لجهة الترهل الإداري وبعض القيود التنظيمية، إضافة للتأخر في استخدام الأدوات الحديثة، سواء التكنولوجية أو التشريعية.
وبالتالي لتحقيق الاستفادة من الانفتاح ورفع العقوبات الاقتصادية والغاء قانون قيصر، لا بد من إعادة النظر في طريقة عمل المصارف، حيث نحتاج إلى تحديث القوانين الناظمة وتدريب الكوادر وإدخال أنظمة الدفع الإلكتروني بشكل واسع، والعمل على تحسين ثقة المواطنين بالقطاع المصرفي، كذلك يمكن الاستفادة من التعاون مع مؤسسات مالية دولية لنقل الخبرة والمعايير الحديثة، خاصة في إدارة المخاطر والحوكمة وغيرها.

هيكلة العمل المصرفي أولى خطوات الفائدة

وهنا يرى “أحمد” أنه حتى الآن، المؤسسات المالية في سورية ما تزال تسير بخطى بطيئة نحو اقتصاد السوق، هناك تفاوت كبير بين ما يتطلبه هذا الانفتاح من مرونة وشفافية وكفاءة، وبين الواقع الفعلي للمصارف والمؤسسات المالية المحلية، لكن المهمة ليست مستحيلة، إذا تم وضع خطة تدريجية للإصلاح، تبدأ بإعادة هيكلة العمل المصرفي، وتعزيز الاستقلالية، وتحسين البيئة القانونية، فإن هذه المؤسسات قادرة على التأقلم، والمهم هو أن لا يكون الانفتاح هدفًا بحد ذاته، بل وسيلة لتطوير البنية الداخلية بشكل واقعي وعملي، تتماشى مع جديد المرحلة بمرونة وشفافية.

انفتاح المؤسسات الدولية على الواقع الداخلي

في هذا المجال يؤكد الخبير الاقتصادي”أحمد” أن الانفتاح نحو العالم الخارجي بعد رفع العقوبات، وإلغاء قانون قيصر من شأنه تعزيز دور المؤسسات الدولية نحو الواقع السوري، واستهداف بعض قطاعاته الاقتصادية والخدمية، لاسيما البنك الدولي، وكيفية استفادتنا نحن كسوريين من هذه المؤسسة الدولية الضخمة بكل أعمالها، حيث أشار “أحمد” إلى أن وجه الاستفادة الفعلية تكمن فيما يحمله هذه الانفتاح من فرص حقيقية للمساهمة في إعادة الإعمار وتحقيق التنمية المستدامة، والبنك الدولي لا يقدّم تمويلًا فقط، بل يوفّر أيضًا دعمًا فنيًا مهمًا في مجالات مثل التعليم والصحة والبنية التحتية، وتمكين المؤسسات من ممارسة دورها الفعلي وتقديم أنشطة اقتصادية وخدمية فاعلة.
وحتى يتحقق ذلك لابد من توفير بيئة شفافة، وقادرة على تنفيذ المشاريع، وفق المعايير الدولية، كما أن تجارب بعض الدول مع البنك الدولي لم تكن ناجحة، لأنها لم تكن جاهزة مؤسساتيًا، وسوريا تستطيع أن تستفيد، لكن بشرط أن تُحدَّد الأولويات بوضوح، وأن تكون هناك إرادة حقيقية لتطبيق إصلاحات اقتصادية تشمل كل القطاعات الاقتصادي منها والخدمي.

إجراءات حكومية مهدت الطريق للانفتاح

ومن الجدير ذكره أن الحكومة اتخذت جملة من القرارات والإجراءات منذ يوم التحرير حتى تاريخه، ساهمت في زيادة الانفتاح على العالم الخارجي وتوجت هذه الإجراءات برفع العقوبات الاقتصادية عن بلدنا، والوصول إلى محطة إلغاء قانون قيصر الذي وجد بسبب أعمال النظام السابق، واليوم أمامنا فرصة كبيرة نحن كسوريين الاستفادة من هذا الانفتاح لتطوير بيئتنا الاقتصادية والخدمية، والوصول إلى مستويات معيشية أفضل تحقق الرفاهية لكافة المواطنين.

Leave a Comment
آخر الأخبار