بعد كسر العزلة.. الانتقال نحو اقتصاد السوق في سوريا بين الفرصة والتحدي

مدة القراءة 4 دقيقة/دقائق

الحرية – آلاء هشام عقدة:

تتجه سوريا اليوم نحو تحرير الاقتصاد، والانتقال من الاقتصاد المخطط مركزياً إلى اقتصاد السوق التنافسي الحر على قاعدة “دعه يعمل دعه يمر”. هذا التحول لا يمثل مجرد تغيير إداري، بل يحمل معه فرصًا للمواطنين للمشاركة المباشرة في ملكية الشركات عبر الأسهم، ما يوسع قاعدة الملكية الخاصة ويعزز إمكانيات النمو الاقتصادي والاجتماعي.

الدكتور ذو الفقار عبود أستاذ العلاقات الدولية في كلية الاقتصاد بجامعة اللاذقية، أكد في حديث لـ “الحرية ” أن الخصخصة تقدم فوائد متعددة، لكن نجاحها يرتبط بوجود إطار اقتصادي واجتماعي يضمن حماية الفئات الهشة وتأمين الخدمات الأساسية لها.

فوائد الانتقال نحو اقتصاد السوق…

وتتضح فوائد الانتقال نحو اقتصاد السوق في عدة محاور رئيسية منها :

زيادة الكفاءة والإنتاجية: المنافسة تحفز القطاع الخاص على تحسين استخدام الموارد وتقليل الهدر، ما يؤدي إلى رفع الأداء التشغيلي.

تخفيف الأعباء المالية عن الحكومة: الخصخصة تقلل من الحاجة لدعم الشركات غير الفعالة، ما يوفر موارد مالية يمكن توجيهها لدعم مشاريع أخرى أو تمويل الخدمات الأساسية.

جذب الاستثمارات: بيئة السوق المفتوحة تشجع المستثمرين المحليين والأجانب على الانخراط في الاقتصاد، ما يفتح فرصًا جديدة للابتكار وريادة الأعمال.

تحسين جودة الخدمات: القطاع الخاص أكثر مرونة في تقديم الخدمات، مع إمكانية الابتكار في طرق تقديمها، بما يعزز رضا المواطنين.

توسيع قاعدة الملكية: شراء الأسهم في الشركات المخصخصة يمنح المواطنين فرصًا للمشاركة المباشرة في اقتصاد البلاد وزيادة دخلهم.

الحد من الفساد: الرقابة المباشرة للمساهمين على الشركات تقلل الهدر المالي وتحد من الفساد الإداري.

خلق فرص عمل جديدة: الخصخصة تشجع نمو المشاريع وتوسيع سوق العمل، ما يساهم في خفض معدلات البطالة والفقر.

الخصخصة والأسهم فرص مباشرة للمواطن

وفي قطاع الخدمات العامة، مثل التعليم والصحة، يمكن للخصخصة أن ترفع جودة الخدمات وتفتح مجالًا للابتكار، شرط ضمان عدم حرمان الفئات الأقل دخلاً من الاستفادة. ويقترح الدكتور عبود إنشاء صندوق دعم للفئات الهشة، يمول من الأموال المحققة نتيجة تخفيض الدعم لقطاعات أثبتت عدم جدواها الاقتصادية.

أما في المؤسسات الحكومية غير المنتجة، فالخصخصة تجعلها أكثر ربحية وتنافسية، ما يقلل الضغط على الخزينة العامة ويزيد من سرعة اتخاذ القرارات الاقتصادية والإنتاجية.

إدراج الشركات المخصخصة في الأسواق المالية يتيح للمواطنين شراء الأسهم والمشاركة في ملكية الشركات، ما يعزز دخل الفرد ويخلق علاقة مباشرة بين نجاح الشركات ومستوى معيشة المجتمع.

التحديات وضرورة الحماية الاجتماعية

على الرغم من الفوائد، يشدد الدكتور عبود على أن الانتقال إلى اقتصاد السوق لا يخلو من المخاطر.. منها احتمال تزايد الفجوة بين الأغنياء والفقراء إذا لم تُراعَ الفئات الأشد حاجة، وضرورة وجود إطار تشريعي واضح لتنظيم السوق وحماية المستهلكين، والحاجة إلى تخطيط اقتصادي محكم لضمان المنافسة العادلة ومنع الاحتكار.

نجاح الخصخصة يعتمد على موازنة دقيقة بين تحرير السوق وحماية المواطنين، لضمان أن تتحول الأسهم والملكية الخاصة إلى أدوات حقيقية للنمو الشامل، لا مجرد نقل للأصول دون أثر اجتماعي ملموس.

يمثل الانتقال من الاقتصاد المخطط إلى اقتصاد السوق في سوريا فرصة تاريخية لإعادة بناء الاقتصاد الوطني، مع تحسين جودة الخدمات، توسيع قاعدة الملكية للمواطنين، خلق فرص عمل جديدة، وتحفيز الابتكار، إذا ما أُديرت العملية بحكمة ووضعت سياسات حماية للفئات الأكثر ضعفًا، يمكن لهذا التحول أن يكون خطوة استراتيجية نحو اقتصاد أكثر كفاءة وشمولية واستدامة.

Leave a Comment
آخر الأخبار