الحرية – سامي عيسى:
ظواهر مختلفة تشهدها أسواقنا المحلية، وتباين واضح في القوة الشرائية للمواطنين، قلق وعدم ارتياح، يظهر ليس على وجوه البعض فحسب، بل حتى في الوسط التجاري على اختلاف فئاته وشرائحه، المعاملات التجارية بالعملات الأجنبية، ترافقها سياسة “التقريش” على الليرة، ناهيك بالفجوة الكبيرة بين القدرة الشرائية، وأسعار بعض السلع التي خرجت عن السيطرة، ومنها ما يتعلق بتقلبات السوق، والحالة الاقتصادية العامة، واتجاهها نحو تطبيق قواعد اقتصاد السوق الحر، ومن الطبيعي مرافقتها بهكذا ظواهر حتى يستقيم الأمر..!
والمتابع لهذه الأسواق يرى كل ذلك، ويتحسس كل مشكلة، بظروفها وتأثيراتها، لكن أخطر ما في الأمر، مسألة في غاية الأهمية حالة “الفرز الكبيرة بين طبقة التجار” واختلاف نمط السلوك الذي يتعاملون به مع أزمات السوق، وما نعانيه اليوم، من قلق وحيرة، وأزمات متلاحقة هو نتيجة لهذا الاختلاف في السلوك، فرغم انخفاض الدولار وتوقف المنصات التي كانت تستنزف التجار وتوقف الأتاوات ورخص اسعار الكثير من المواد المستوردة بعد رفع جزء أساسي من العقوبات الا أن الكثير من التجار والمستوردين كان يفترض أن يخفضوا الأسعار وبدلاً من ذلك استمروا بتحصيل الأسعار القديمة زمن النظام البائد والبعض رفع الأسعار بحجة السوق الحر مما جلب حالة من الظلم والاحتيال واستغلال للمستهلكين ونأسف لسلوك البعض على هذا النحو في الوقت الذي نحتاج فيه الى الرحمة والتطلف والبيع بالقسط والميزان في ظروف بلادنا وظروف مواطنينا ..!
ويبدو أن حالة الجشع والمنافع الشخصية لدى البعض تغلب كل حسابات المصلحة العامة، وهذا ماينعكس على الأسعار ، لأن مجموع التداعيات تظهر في أروقة الأسواق على اختلافها وتنوعها..؟!
والمشكلة اليوم ضمن هذه الحسابات، استمرار عملية الفرز هذه التي تفرض مفرداتها وطبيعة علاقتها مع الأسواق، من قبل بعض تجار الأسواق، واختلاف سلوكهم اليومي للتعامل مع أزمات السوق، وخاصة السعرية التي لم تستقر بدليل وجود أسعار مختلفة للسلعة الواحدة في السوق نفسه، وهذا دليل يحمل الكثير من مفردات الفرز لطبقة تجارنا، منهم من ركب موجة المتغيرات الجديدة، وتعامل معها بأنانية مبالغ بها، لدرجة أن الوطن لا يعنيهم بشيء، بقدر ما تعنيهم قدرتهم على الاستفادة، والمتاجرة بحاجات المستهلكين، بطرق شرعية أو غيرها..!
وبالتالي فان ممارسة عمليات الغش والاحتكار وفوضى الأسعار تشعل الأسواق، وبعد التحرير لم يعد مقبولاً تكوين الثروة على حساب الوطن والمواطن، بأبشع الطرق والأساليب، وهؤلاء مازالوا يمارسون دورهم المشبوه، مستغلين انشغال الحكومة، في إعادة ترتيب أولويات البناء الجديدة، لكل القطاعات الاقتصادية والخدمية، وتوفير بيئة مناسبة جاذبة للاستثمار الخارجي والداخلي، الذي يحمل في تركيبته الأساسية إعادة بناء، تتماشى مع توجهات الاقتصاد الوطني الحر، ويأخذ بالحسبان تحسين القوة الشرائية للمواطن، والتي تعتبر أهم مكونات تحريك الأسواق، وتنشيط العلاقات التجارية، التي تسعى الحكومة اليوم إلى إعادة التوازن لهذه المعادلة، وتوفير ما يلزم للوصول إلى حالة اقتصادية، تسمح بتوفير مساحة واسعة للنهوض بمقومات التنمية المستدامة، التي يسعى الجميع لتحقيقها، والحكومة اليوم تحاول معالجة كل الثغرات، التي تقف عائقاً أمام تحقيق التنمية، وزيادة فرص النمو الاقتصادي، وخاصة ما يتعلق بالقوة الشرائية للمواطن، واستقرار الأسواق المحلية، وضبط الحالة السعرية التي تشكل القوة الأكبر في استقرار أي اقتصاد، فهل سنشهد هذه الحالة خلال الأيام القليلة القادمة..؟
الجواب في حضن الأيام القادمة …