الحرية- مرشد ملوك:
لم يكن وجه يوسف مكفهراً كما كل يوم .. كان محياه مختلفاً في هذا اليوم.. بعد صمت قال: انفرجت.. لقد استطعت الوصول إلى خيط في شبكة تهريب مواد كهربائية من دير الزور إلى دمشق تعمل من وراء ظهر المنظومة الاقتصادية القائمة بالبلد.. بدت علائم الدهشة والاستغراب على كل الحاضرين..!! أوف.. تهريب مواد كهربائية من دير الزور ..!!
أقل حتى النصف
بدأ يوسف بسرد الحكاية.. يا شباب تصوروا بأن أسعار المواد الكهربائية مثل البراد وشاشة تلفزيون والغسالة وكل ما تريد من المواد الكهربائية في دير الزور والمنطقة الشرقية أرخص من دمشق بأقل من 40 – 50 %، بالفعل بدا يوسف – الذي يستعد للزواج – شخصاً آخر مختلفاً عنه قبل أيام.
صفاقة واستغلال
حكاية يوسف تختصر فحوى اقتصاد كامل أداره العهد البائد بكل صفاقة وترصد استغلال الناس في حياتهم اليومية، لأن ما ينطبق على قصة يوسف في المواد الكهربائية ينطبق على لقمة عيش كل سوري في حاجاته اليومية.. فالزيت له مافيا تديره وتدفع الأتاوات فيصبح سعر الليتر في سورية أعلى من المناطق الخارجة عن سيطرة النظام البائد وفي الدول المجاورة.
شماعة الحصار
الحجة دائماً جاهزة الحصار ثم الحصار، وكذلك الأمر ينطبق ذلك على المشتقات النفطية وعلى كافة المواد الغذائية اليومية، والموبايلات وكل شيء.. كل مادة لها مرجعية وممنوع على أي كان التعاطي معها أو حتى الهمس حول هذه المادة.. فيما الفقر والعوز يلف البيوت المستورة التي لاحول لها ولا قوة.
هو التجويع
ماذا يمكن أن نسمي ذلك في الاقتصاد؟ هل يمكن أن نسميه احتكاراً.. أم استغلالاً أم ماذا..؟
أم تجويعاً؟!
حقيقة هو الاستغلال بأبشع صوره مارسته السلطة البائدة على لقمة عيشنا، في مشهد ليس له مثيل في العالم، يمكن أن تمارسه سلطة، من خلال تشغيل أزلام باحتكار استيراد وإدخال المواد الضرورية لعيشنا مقابل دفع خوات تصل لبين يديها دون أي رادع.
مَنْ هبّ ودبّ
اليوم انفتحت البلاد على مصراعيها من دون رقيب أو حسيب، في ردة فعل لسوق يتعطش للمواد ولكل شيء، ليدخل جراء ذلك مواد من “هب ودب” من دون رقابة صحية أو أدنى شروط سلامة الغذاء، وهذا له آثار صحية كارثية إذا بقي بنفس الحال.
في المقاربة لا نريد المقارنة وحتى الوقت غير عادل في ذلك، لأن الحال أيام النظام البائد كان منظماً إلى أقصى حدود التنظيم عبر دوائر مافيا تعرف ماذا تفعل جيداً، أما اليوم فالقصة هي فورة تشبه المياه المحبوسة وتم السماح لها بالجريان.
التجّار يتلمّسون الخطر
في اجتماعها الأخير حددت غرفة تجارة دمشق أولويات المرحلة، بابتكار أساليب جديدة بالتسويق في إدراك واضح على أن المرحلة الجديدة لن ينفع معها أساليب التسويق التقليدية، لأن المنافسة في السوق المفتوح هي المعيار، الأمر الذي يتطلب أن يفرد المبدع السوري أوراقه، وهو قادر، وهذا يتطلب إنتاج مواد منافسة بالسعر والجودة، محسوب تكاليفها ودعمها وكل شيء حولها وإلا فإن الإنتاج السوري في خطر كبير.. ولنا في أول تطبيق اتفاقية التجارة الحرة مع تركيا العبرة.