الحرية- بقلم يسرى المصري:
” وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا “.في سورة الفجر ” والْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا ” في سورة الكهف , وكأن المال روح الحياة , يجد الناس في المال جمالاً ونفعاً وقد تجد البعض يعظّم من حبه للمال فيلهث وراءه طوال حياته والبعض يرى المال وسيلة فينفقون منه على أنفسهم وعائلاتهم ولا يجدون حرجاً بالتبرع بجزء منه لمن هم في حاجة إليه , وبذلك يكون المال مؤشراً على مدى ثقة المجتمع بقيمته وأي تغيير أو تعديل أو استبدال للعملة أو بأدوات المال يتطلب الثقة المجتمعية والاستقرار المالي وضبط السيولة والحد من المضاربة لتحفيز الاستثمار والنتاج والوصول إلى بيئة مالية مستقرة.
إذاً عندما يقرر مصرف سوريا المركزي تبديل العملة وإلغاء صفرين فهذا القرار المهم يحتاج إلى كفاءة مصرفية عالية للتنفيذ وتحقيق جدارة بإدارة النقد وتدفق العملة وضبط الكتلة النقدية عبر المصارف الحكومية والخاصة التي تشكل أذرع المركزي ..أضف إلى ذلك أن القرار بشكل عام يمس كلَّ السوريين ومن المهم كسب ثقة الشارع والمجتمع , فهو نقطة تحول مهمة في التعافي الاقتصادي .. ويرمز إلى قوة الدولة , ومن هنا كانت أهمية جلسةً السيد الرئيس أحمد الشرع مع مديري المصارف الخاصة لبحث واقع القطاع المصرفي والتحديات التي تواجههم، بحضور حاكم مصرف سورية المركزي عبد القادر الحصرية. ومناقشة دور المصارف في دعم القطاعات الإنتاجية وتطوير خدماتها وبنيتها التقنية، إلى جانب سبل إعادة تنشيط القطاع المصرفي استعداداً لمرحلة التعافي الاقتصادي والاستثمارات المقبلة.
وفي قراءة تحليلية لوضع المصارف السورية يظهر بالمشهد تحديات جسيمة، ليس أقلها الاستقرار النقدي لليرة السورية.
ومنذ التحرير شهد القطاع المصرفي قرارات جريئة ومهمة كان أهمها استبدال العملة حيث أكد حاكم المصرف المركزي أن البلاد “تعتزم استبدال الكتلة النقدية المتداولة بأخرى جديدة مع حذف صفرين منها”، و “سيصار إلى طباعة ست فئات جديدة”. وعُدَّ هذا التغيير “علامة التحرر المالي بعد التحرر السياسي وسقوط النظام البائد”. كما شهد المصرف المركزي تحولاً إيجابياً على مستوى الاندماج مع النظام المالي العالمي، حيث أتمت سوريا أول معاملة مصرفية دولية عبر نظام SWIFT منذ بداية الثورة التي استمرت 14 عاماً.
ورغم وجود تساؤلات من قبل أصحاب رؤوس الأموال فإن برنامج إعادة التقييم وإصدار العملة الجديدة خطوة أساسية لاستعادة الثقة بالعملة الوطنية. ولاسيما أن عملية الاستبدال “لن تؤثر على قيمة العملة” ولن تزيد الكتلة النقدية، حسب خبراء بل ستستبدل الكتلة الموجودة حالياً، ما يحدّ من المخاوف المتعلقة بالتضخم الإضافي.
أضف إلى ذلك أن المؤسسات المالية الإسلامية قد فتحت أمامها الأبواب على مصراعيها ويمكن أن تلعب دوراً حيوياً في تمويل مشاريع التنمية الاقتصادية وإعادة الإعمار، جنباً إلى جنب مع المؤسسات المالية التقليدية. فالمصارف الإسلامية تشكل عصب النشاط الاقتصادي وتتحكم في مساراته. وقد أظهرت تجارب دول مثل السودان وماليزيا والسعودية نجاحاً ملحوظاً في استخدام أدوات التمويل الإسلامي مثل الصكوك الإسلامية لتمويل المشاريع التنموية.
وهناك حاجة ماسة ومتزايدة في مرحلة إعادة الإعمار، لكافة أنواع مصادر التمويل الداخلية والخارجية. ويمكن للبنوك العامة تطوير أدوات تمويلية مبتكرة لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، والتي تعد محركاً أساسياً لخلق فرص العمل وتحسين معيشة المواطنين. وإنشاء شراكات بين القطاعين العام والخاص على جميع المستويات بما يساعد في الاستفادة من خبرات كل الشركاء لرفع الإنتاجية الوطنية.
لاشك في أن اجتماع الرئيس الشرع مع مديري المصارف العامة أعطى إشارة واضحة على أن إصلاح القطاع المصرفي يحظى بأولوية قصوى في مرحلة ما بعد التحرير و النجاح في هذا المسار يتطلب إصدار العملة الجديدة واستقرار سعر الصرف.وتعزيز الكفاءة التشغيلية للمصارف إلى جانب الابتكار المالي وتبني أدوات وآليات تمويلية جديدة وهذا ما سنشهده قريباً لنقطف ثمرات التحرير.