الحرية – علام العبد:
التداوي بالأعشاب أو الطب الشعبي العربي كما يحلو للبعض تسميته هذه الظاهرة القديمة الجديدة والتي بدأت تزداد في الفترة الأخيرة يرى البعض من أبناء محافظة ريف دمشق ولاسيما تلك المدن والبلدات المنتشرة هناك بين هضاب وتلال جبال القلمون كديرعطية والنبك وقارة وغيرهما أنها مهمة جداً وذات فائدة كبيرة يلجأ إليها البعض قبل الطب العام وأن الآباء والأجداد كانوا يعالجون بها في حين يرى آخرون بأنها مجرد مسكنات (لا تغني ولا تشفي من مرض) .
أمام ارتفاع أسعار الدواء في الصيدليات يستمر لجوء العديد من المواطنين في مناطق القلمون وغيرها ممن يعيشون عيشة البساطة وعلى الفطرة وخصوصاً في مناطق القرى والأرياف إلى الطب الشعبي للاستطباب من الأمراض المختلفة، وتبقى حالة الازدحام سمة العلاقة بينه وبين الطب الحديث الذي يعتمد التشخيص والعلاج على أسس علمية دقيقة.
ويعمد الأشخاص الذين يقومون بعملية الطب الشعبي وكما يحلو للبعض أن يطلقوا عليهم اسم الأطباء الشعبيين على الطبيعة يستجدونها الوسائل اللازمة للاستطباب كالأعشاب يغلونها على النار ويصفون شرابها او يجففونها في الشمس ثم يستعملونها كبودرة فوق الجروح أو على شكل “سف” بالفم إضافة للكثير من الوسائل المحلية الأخرى التي تدخل ضمن العلاج الشعبي مثل الكي بالنار والحجامة إلى غير ذلك من تجبير الكسور وإصابات العظام والمفاصل، ووفقاً للعديد من المواطنين في الريف القلموني فإن هناك أشخاصاً من كلا الجنسين تخصصوا في هذا العمل وراحوا يمارسونه بمهارة وإتقان.
وسجلت محلات العطارة في ريف دمشق خلال الآونة الأخيرة انتعاشاً ملحوظاً وإقبالاً كبيراً من المستهلكين على استخدام الوصفات الشعبية في أمور تجميلية وأخرى علاجية بحسب العطار جمال محمد السعدون صاحب محل لبيع الأعشاب الطبية والتداوي الذي يعمل في هذا المجال منذ خمسة وعشرين عاماً مشيراً الى إقبال السيدات من مختلف الأعمار على شراء الوصفات التجميلية، لافتاً إلى أنّ هناك نسبة كبيرة من رواد محله يشترون الوصفات الطبية المخصصة لعلاج السكري والبواسير والقولون.
وأشار في حديثه لـ ” الحرية ” إلى أن عدداً بسيطاً من زبائنه يطلبون أنواعاً غريبة من الأعشاب والبهارات لم يسمع بها من قبل وفي الغالب تكون من ضمن طلبات المشعوذين، ويقول إنها تباع بأسعار خيالية.
وأضاف أن محله يوفر وصفات مضمونة النتائج إذا اتبعت بالشكل الصحيح، ويشير إلى أن الأعشاب جميعها مفيدة للجسم إذا استخدمت بالطريقة الصحيحة نافياً أن يكون لها أعراض جانبية.
وبيّن أن هناك إقبالاً من النساء على المواد التي تساعد على إنقاص الوزن (التنحيف) حيث توجد أكثر من وصفة لهذه الغاية مؤكداً نجاعة هذه الوصفات وغيرها إضافة مقدرته على معالجة الأمراض الجلدية المستعصية.
في هذا الشأن يقول الباحث في التراث مصعب النفوري، إن الأساس في عملية التطبيب أن يجد الإنسان ما ينشده من شفاء نتيجة هذه العملية وعند استعراض تاريخ الطب منذ فجر الحضارة سنلحظ تطوراً متسارعاً منذ أبقراط حتى هذه اللحظة وكان للعرب حظهم الأوفر في هذا التطور ابتداء من ثابت بن مرة ومروراً بابن سينا وابن الهيثم وسواهم حتى هذا العصر.
مشيراً في تصريح لـ ” الحرية ” إلى أن أكثر العلاجات توافراً في تلك العصور العلاج المركب من الأعشاب والنباتات الطبية من دون أن تخالطها عناصر كيماوية، فمنذ القدم عرفت الأعشاب الطبية واستخدمها الإنسان ولا يزال ولعلّ فيها خواص التهدئة وتخفيف الآلام وبعض الأحيان معالجة الأمراض بصورة نهائية.
هذا وكان عدد من المرضى الذين اتجهوا إلى هذه الوصفات قد دفعوا مبالغ كبيرة في شراء بعض الوصفات الشعبية التي يدّعي بعض مروجيها أنها تشفي من المرض لكنهم لم يحصلوا على النتائج المرجوة من الوصفة بل في كثير من الحالات تفاقمت حالتهم الصحية.
إلى ذلك اشتكى عدد من العطارين ما سموهم “الدخلاء والغشاشين” على المهنة وأنصاف متعلمين وفاقدي الخبرة كونها كأي مهنة أخرى.
فيما طالب عدد من المواطنون بالكشف المستمر على بعض محلات العطارة والحد من استغلال حاجة الناس من قبل المشعوذين والسحرة والدجالين الذين يمارسون أساليب قذرة لاستغلال الناس، وحبك التسلسل الدرامي للإيقاع بالضحية لأنهم وجدوا في هذه الأسواق مرتعاً خصباً لدعم أساليب دجلهم وشعوذتهم وعدم الوقوف موقف المتفرج والحد من هذه الظاهرة المسكوت عنها.
ورغم هذا التحذير فإن المعلمة روعة أم محمد تقول إن ثقتها كبيرة بالأعشاب ولذلك فهي عندما تشعر بأي ألم فإنها تلجأ إلى العطار الذي يعطيها الوصفة المناسبة لما تعانيه وتضيف أنها قد تعودت على هذا النوع من الأدوية وأنه نادراً ما تأخذ الأدوية التي يكتبها الطبيب مؤكدة أن الأعشاب أفضل بكثير.
وتقول إن الآباء والأجداد كانوا يلجؤون للتداوي بالأعشاب لثقتهم الكبيرة فيها ولكونهم كانوا بدواً رحّلاً وعرفوا الأعشاب وفوائدها وتنصح أم محمد الأمهات أن يستخدمن البابونج واليانسون للأطفال لأنها أعشاب مفيدة خاصة في أعمارهم الأولى.
من جانبه المعلم فياض المحمد أكد انّ التوجه الجديد من قبل الناس إلى شرب شراب الأعشاب والزهورات في الأماكن العامة والخاصة لهو دليل واضح على أهمية الأعشاب وقناعة الناس بها وبأنها أكثر نفعاً وفائدة من الكثير من المشروبات.