التركيز على تحقيق القيمة المضافة.. أستاذة  جامعية تشدّد على توطين استثمارات تحقق المصلحة الاجتماعية وتساعد على تشغيل الشباب

مدة القراءة 5 دقيقة/دقائق

الحرية- سراب علي:

لم يعد الاستثمار خياراً ، بل بات ضرورة وطنية وإستراتيجية لإعادة بناء سوريا  اقتصادياً واجتماعياً، ونجاحه في هذه الظروف يعتمد على وجود بيئة آمنة، وخريطة استثمارية مدروسة تنطلق من واقعنا وتطلعاتنا، بالإضافة لوجود رؤية وطنية واضحة، فكيف يمكن أن يبرز الاستثمار الخارجي في سوريا  كرافعة أساسية لإعادة البناء ويحفز النمو الاقتصادي المستدام بما يتناسب مع احتياجاتنا؟
رئيس قسم الاقتصاد والتخطيط في كلية الاقتصاد بجامعة اللاذقية الدكتورة رولا إسماعيل ترى أن المستثمر الخارجي أو الخاص دائماً يبحث عن الفرص التي تتوفر فيها الأرباح والعائد العالي، ولكي توجه الحكومة هذه الاستثمارات يجب أن يكون لديها  خريطة استثمارية تتضمن مواقع الاستثمار بكافة أشكاله، وحسب حاجة كل منطقة للاستثمار وبناء على الإمكانيات المتوفرة في تلك المنطقة سواء مواد أولية أو عمالة أو مناطق تصديرية، فإذا ما أرادت الحكومة أن توجه رأس المال الخارجي لقطاع أو ملتقى استثماري أو مجال معين يكون بناءً على الخريطة الاستثمارية ووضع أولويات للاستثمارات.

قيمة مضافة

و أكدت إسماعيل في تصريحها لـ”الحرية” على ضرورة توجيه الحكومة للاستثمارات التي تتحقق فيها قيم  مضافة أي لا تكون عبارة عن استثمارات بسيطة، فالمصلحة الاقتصادية هي التوجه إلى الاستثمارات التصديرية لما لها من فائدة وتغذية للاقتصاد الوطني بالعملة الصعبة، كما يجب الاستفادة من المزايا المتوفرة في الاقتصاد السوري، وفي سوريا مناطق في حلب و ريف دمشق لديها إرث حقيقي في الصناعة، ويمكن توجيه المستثمر الخارجي لها بحيث يتم تأمين البيئة والبنية التحتية المناسبتين، فبيئة الاستثمار تساعد على تشغيل المنطقة بحيث يتكامل استثماره مع الاستثمار المحلي، مثلاً (الهند كانت مدخلاتها في الاستثمار هي مخرجات مشاريع محلية سواء كانت صغيرة أو متوسطة)، فهذا بمجمله يفيد الاستثمار الوطني، بالإضافة إلى الحاجة إلى الاستثمارات التي تحقق المصلحة الاجتماعية التي بدورها تلعب دوراً في تشغيل الشباب، إذ معظم اليد العاملة لدينا شباب متخرجين من الجامعات وأصحاب اختصاصات مهمة، أضف إلى ذلك لدينا بطالة ماهرة وفتية من أصحاب الكفاءات والذين يبحثون عن فرصة عمل، وهي قادرة وجاهزة على الدخول إلى سوق العمل مع التدريب.
وأكدت إسماعيل ضرورة العمل على الاستثمارات التصديرية التي تقدم قيمة مضافة وتكون عبارة عن صناعات وطنية وخاصة في حال القيام باستثمارات، تغذي السوق الوطنية والتوجه للسلع البديلة عن الاستثمار ، ففي حال زادت عن حاجه السوق الوطنية يمكن التوجه فيها للتصدير كما يمكننا التوجه إلى الصناعات التصديرية بشكل مباشر .
ولفتت إلى ضرورة العمل على مرفأي اللاذقية وطرطوس لناحية الجاهزية (الارتفاع والعمق) حيث السفن التي ترسو  اليوم هي سفن حاويات، ولابد من تجهيز البنية التحتية المناسبة لها.

بيئات الاستثمار متاحة

وترى اسماعيل أن أفضل الاستثمارات هي في المجال الصناعي والزراعي، ولكن المستثمر الخارجي لا يتوجه إلى الاستثمار الزراعي لأن عائده يكون متقلباً، لهذا يكون الأفضل حالياً التوجه للاستثمار السياحي والصناعي حيث توجد البيئة المناسبة للاستثمار السياحي في بلدنا.
وأضافت اسماعيل: لتشجيع المستثمر لابد من تقديم المزايا والإعفاءات الضريبية وتقديم بنى تحتية متينة التي ترّغب المستثمر أن يستثمر في هذا المجال على حساب مجال آخر، ولفتت إلى أن بيئات الاستثمار في سوريا متاحه بشكل كامل ولكن تحكمها  بنود أهمها الأمن والاستقرار السياسي والبيئة القانونية أي على الحكومة أن تعمل على التشريعات والقوانين والإعفاءات الضريبية لجذب المستثمرين، كما يجب العمل على بيئة العمل لناحية التراخيص والتسهيلات والإجراءات التي يحتاجها المستثمر الخارجي كما يدخل في الاستثمار مدى توفر المواد الأولية، وسوريا غنية بالمواد الأولية فنستطيع تحويل أي شيء نملكه في سوريا لثروات أي تحقيق قيمه مضافة، ناهيك بالقوة البشرية.
وأشارت رئيس قسم الاقتصاد والتخطيط إلى ضرورة  إعادة تأهيل المناطق الصناعية لأن عدم تأهيلها بالشكل المناسب من حيث توفر الكهرباء والمياه والإنترنت والمصارف سيعيق الاستثمار وسيؤدي إلى تأخير التحولات المالية وهذا ما لا يرغب فيه المستثمر الخارجي.

المرونة بالعمل المصرفي

ولفتت إسماعيل إلى أن تقلبات سعر الصرف وعدم استقراره يؤدي إلى عدم الثقة بالمعاملات الاقتصادية، وفيما يتعلق بالعمل المصرفي يدخل بند العامل الاقتصادي (حبس السيولة) كمعوق للاستثمار، فالمرونة بالعمل المصرفي مطلوبة لناحية التسهيلات المالية والقروض  بفوائد منخفضة والتحولات بالعملة الصعبة ودخول عملة وتحويلها وغيرها، أضف إلى ذلك عدم جهوزية البنى التحتية من الطرق والجسور وكذلك الإجراءات القانونية وهذا يتطلب توفر بيئة كاملة ومتكاملة من حيث العوامل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والقانونية والتشريعات، وعندما تكون جميعها بشروط مناسبة للمستثمر سيقبل على الاستثمار، ولكن عندما تعرقل  العمل فإن المستثمر سيبحث عن مكان آخر، كما أن الرسوم الجمركية إحدى المعوقات.
وختمت بالقول: إن دخول أي استثمار في سوريا يعطينا مؤشر على المستوى الدولي وهذا سيؤدي إلى جذب المزيد من المستثمرين الخارجيين، كما نأمل أن يكون هناك وزارة للاستثمار تختص بكل مجالات الاستثمار في سوريا و قطاعاتها  بما ينعكس إيجاباً على الاقتصاد الوطني .

Leave a Comment
آخر الأخبار